معنى رب المشرقين ورب المغربين
معنى ربّ المشرقين وربّ المغربين
قال -تعالى- في سورة الرحمن: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ* وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ* فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ* فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ).وقد ورد عن أهل العلم في معنى هذه الآية عدة تفسيرات ومعانٍ، نذكر منها:
تفسير ابن جرير الطبري
أي أن لله المشرق الذي تُشرق منه الشمس كل يوم، والمغربّ الذي تغربّ فيه كل يوم، وتأويلها أن لله ما بين قطري المشرق وقطري المغرب، فإذا كان الشروق كل يوم من موضع؛ فلا تعود لشروقها منه إلى الحول الذي بعده، وكذلك غروبها، وقوله: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ)، يعني مشرق الشتاء، ومشرق الصيف، ومغربهما.
تفسر السمعاني
أزال السمعاني اللبس الذي قد يظهر بين الآيات الكريمة؛ التي يقول فيها -سبحانه وتعالى-: (لا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ)، وقوله -تعالى-: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)، فقال: "أما قَوْله: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)؛ فَالْمُرَاد مِنْهُ الْجِهَة، وللمشرق جِهَة وَاحِدَة، وللمغرب جِهَة وَاحِدَة. وَأما قَوْله: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) فَالْمُرَاد من المشرقين: مشرق الشتَاء، ومشرق الصَّيف".
وأضاف أيضاً: "أَما قَوْله: (وَرب الْمَشَارِق)؛ فللشمس مَشَارِق تطلع كل يَوْم من مشرق غير الْمشرق الَّذِي طلعت فِيهِ أمس، وَكَذَلِكَ المغارب، فاستقام على هَذَا وُجُوه الْآيَات".
تفسير العز بن عبد السلام
يقول العز بن عبد السلام -رحمه الله- في تفسيره: "(رَّبُّ الْمَشْرِقِ)، أي رب العالم؛ لأنهم بين المشرق والمغرب، أو مشرق الشمس ومغربها؛ يريد استواء الليل والنهار، أو وجه الليل ووجه النهار، أو أول النهار وآخره؛ أضاف نصفه الأول إلى المشرق، ونصفه الآخر إلى المغرب".
تفسير ابن كثير
ربّ المشرقين وربّ المغربين؛ تعني مشرقي الصيف والشتاء، مغربي الصيف والشتاء، وفي الآية: (لا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ)، وذلك باختلاف مطالع الشمس وحركتها خلال اليوم، أمّا في الآية الأخرى: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً)، فالمراد هنا هو جنس المشارق والمغارب.
تفسير الشنقيطي
في الآية: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ)، المراد هنا هو جنس المشرق والمغرب، وهو صادق بكل مشرق من المشارق الشمس؛ والتي هي ثلاثمئة وستون، ولكل مغربّ من مغاربها والتي هي كذلك، والمقصود بالمشرقين والمغربين: مشرق الشتاء ومشرق الصيف، ومغرب الشتاء ومغرب الصيف؛ لأنهما الطرفان، وخطوط العرض ثلاثة؛ ولذلك تسمى المشارق والمغارب.
خلاصة القول
يمكن الجمع بين الآيات الكريمة السابقة، والأقوال الواردة عن أهل العلم بما يأتي:
- المقصود بالمشرق والمغرب -بالإفراد-؛ مشرق الشمس ومغربها.
- المقصود بالمشارق والمغارب
أن للشمس -بالمجمل- مشرق تظهر منه، هي والقمر والنجوم، وكما ولهم جميعاً مغرب، هذا على أحد الأقوال؛ أما القول الآخر: أن الشمس في كل يوم لها مشرق ومغرب يختلف عن الذي قبله، ويختلف كذلك عن الذي بعده، وكل ذلك في علم الله وحده.