معلومات عن سورة سبأ
معلومات عن سورة سبأ
قال العلماء إن سورة سبأ، سورة مكيّة، إلا آية واحدة، وهي قول الله -تعالى-: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)، فيرى بعض العلماء أنّها آية مكية، ويقول بعض العلماء إنّها آية مدنية، ويبلغ عدد آياتها أربع وخمسون آية، وعدد كلمات سورة سبأ ثمانمئة وثلاث وثلاثون كلمة، وعدد حروف آياتها ألف وخمسمئة واثنا عشر حرفاً، وقال العلماء سورة سبأ كلها آيات محكمة إلا آية واحدة، وهي قول الله -تعالى-: (قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، نسخها الله -تعالى- بآية السيف.
سبب تسمية السورة بسبأ
نزلت سورة سبأ على النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، وسميت سورة سبأ بهذا الإسم؛ لورود قصة سبأ في آيات السورة، وسبأ اسم لرجل له عشرة أولاد، ستة منهم ذهبوا إلى اليمن، وأربعة ذهبوا إلى الشام؛ فهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، ويطلق على أكثر أهل اليمن؛ العرب القحطانية، فكان من نسلهم ملوك سبأ، ومنهم الملكة بلقيس؛ ملكة سبأ التي وردت قصتها مع سيدنا سليمان-عليه السلام- في سورة سبأ، وقد ثبت عن فروة بن مسبك -رضي الله عنه- أنه قال: (أتيتُ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ-، فذَكَرَ الحَديثَ، فَقالَ رجلٌ منَ القومِ: يا رسولَ اللَّهِ، أخبِرنا عَن سبأٍ ما هوَ أرضٌ أمُ امرأةٌ؟ فقالَ: لَيسَ بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولَكِنَّهُ رجلٌ ولَدَ عشرةً منَ العربِ، فتَيامنَ ستَّةٌ وتشاءمَ أربَعةٌ).
قصة سبأ وسيل العرم
كانت مملكة سبأ عظيمة كبيرة، فقد كان لهم جنتان من البساتين على الجانب الأيمن والأيسر من السد، وأمرهم الله -تعالى- بشكر النعمة والإيمان برسله، وكانت مملكة سبأ من أكثر الأماكن ازدهاراً في المجال الاقتصادي والاجتماعي؛ لكن الله -تعالى- أرسل عليهم سيل العرم عند إعراضهم وتكذيبهم لرسله، فدمرهم بسيل شديد، فتأثرت المملكة اقتصادياً، واجتماعياً؛ أما من الناحية الإقتصادية، فتدمرت بساتينهم، ومزارعهم، وأشجارهم، وثمارهم، فقد تدمر السد الأقدم؛ الذي كان المصدر الأساسي للمياه في مملكة سبأ، وكان مصدراً لفخرهم، وعزهم، وقوتهم.
أما من الناحية الاجتماعية، فقد تأثرت مملكة سبأ تأثراً شديداً بعد حادثة سيل العرم التي دمرت مملكة سبأ، فقد تفرق أهل المملكة في كل أنحاء العالم؛ بسبب ضياع الأموال والأعمال في مملكة سبأ، وتحولت مملكة سبأ من دولة عظيمة واحدة كبيرة لها شأنها ومكانتها، إلى دويلات صغيرة متفرقة، فبعض سكان المملكة توجه إلى مدينة اليمن؛ مثل معين، وقتبان، وحضرموت، ومكارب سبأ، ومملكة أوسان، وبعضهم توجه إلى الشام؛ مثل غسان، وعاملة، ولخم، وجذام.
مناسبة سورة سبأ لما قبلها وبعدها
جاءت سورة سبأ في ترتيب سور القرآن الكريم بعد سورة الأحزاب، وهناك مناسبة وترابط كبير بين سورة سبأ وما سبقها، ويظهر ذلك فيما يأتي:
- بدأت سورة سبأ الحديث عن صفات الملك التام، و مظاهرالقدرة العظيمة ، التي لا يستطيع أحد أن يمتلكها سوى الله -تعالى- فملكه عظيم وهو القادر على كل شيء، من هنا يظهر التناسب مع ما جاء في نهاية سورة الأحزاب في بيان قدرة الله -تعالى- على إيقاع العذاب بالكافرين، وتقديم الثواب والأجر للمؤمنين، فقال الله -تعالى-: (لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)،
- يظهر التناسب بين سورة سبأ وسورة الأحزاب من خلال فواصل الآيات، فقد اختتمت الآية الأخيرة من سورة الأحزاب بقول الله -تعالى-: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)، واختتمت الآية الثانية في بداية سورة سبأ بقول الله -تعالى-: (وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ).
- يظهر التناسب والتكامل بين السورتين من خلال المواضيع التي تحدثت عنها السورتين، ففي سورة الأحزاب كان الكفار يسألون عن الساعة بطريقة استهزائية ساخرة، فأخبرنا الله -تعالى- في سورة سبأ عن إنكار الكافرين للساعة صراحةً.
يظهر التناسب بين سورة سبأ وما بعدها من خلال ثلاثة أوجه، سنذكرها فيما يأتي:
- جاءت سورة سبأ لتحدثنا عن قصة قوم سبأ، وموقفهم في تكذيب الرسل وإعراضهم عن التوحيد والهداية، فأخبرنا الله -تعالى- فيما جاء بعدها من آيات، بأن قوم سبأ ومن شابههم من كفار قريش هم أتباع الهوى الشيطان.
- جاءت سورة سبأ لتخبرنا عن قصة عباد الله -تعالى- الشاكرين، في قصة سيدنا داود وسليمان -عليهما السلام-، ثم بيان موقف الكافرين في قصة قوم سبأ وتكذيبهم وإعراضهم عن التوحيد، لتأتي الآيات في ما بعد سورة سبأ لتخبرنا عن موقف المشركين في قريش، وإعراضهم، وتكذيبهم للرسالة الإسلامية، وإخبارهم بأنّ الأصنام التي يعبدونها من دون الله -تعالى- لا تُقدم شيئاً لهم ولا تدفع عنهم المصائب.
- جاءت سورة سبأ لتحدثنا عن قصة سبأ وما حل بهم بسبب طغيانهم وتكذيبهم للرسل، تحذيراً، وتنبيهاً، ووعيداً لكفار قريش بأنّه سيصيبهم ما أصاب قوم سبأ إن لم يؤمنوا بالله -تعالى-، فذكر الله -تعالى- في الآيات التي جاءت بعد سورة سبأ حال الكافرين، وإعراضهم، واتباعهم للشيطان وأوليائه.
مواضيع سورة سبأ
تحدثت سورة سبأ في مواضيعها عن قضايا العقيدة الأساسية، سنبين بعضها فيما يأتي:
- تحدثت سورة سبأ عن قضية التوحيد ، والإيمان بالوحي والرسل -عليهم السلام-، والإيمان بالبعث واليوم الآخر.
- تحدثت سورة سبأ عن بعض القيم التي تبين أن مقام الناس عند الله -تعالى- لا يُقاس بالأموال والأولاد وإنما بالأعمال الصالحة والقرب من الله -تعالى-، وأنه لا يوجد أي قوة تحمي من غضب الله -تعالى-.
- تحدثت سورة سبأ بشكل أساسي وكبير عن قضية البعث والجزاء، وقضية علم الله -تعالى- وإحاطته بكل شيء.
- تحدث سورة سبأ عن سيدنا داود وسليمان -عليهما السلام-، ومعجزاتهما، ووفاتهما.
- تحدثت سورة سبأ عن قصة قوم سبأ، وهلاكهم بسبب الكفر، والتكبُّر، وعبادة الأصنام.
- تحدثت سورة سبأ عن قضية إقامة الحجة على الكافرين بالبراهين، والأدلة الكونية، وبيان قوة وعظمة الله -تعالى-.