معلومات عن سورة الحشر
التعريف بسورة الحشر
سورة الحشر من سور المُفصل التي نزلت في المدينة المنورة، وكان نزولها بعد سورة البيّنة، ويبلغ عدد آياتها أربعاً وعشرين آية، وترتيبها التاسعة والخمسون في المصحف، وتجدر الإشارة إلى أن سورة الحشر من المسبّحات، حيث افتتحت السورة بفعلٍ ماضٍ وهو (سبّح).
وهذا من أساليب التسبيح والثناء على الله تعالى، ويعدّ اسم السورة من أسماء يوم القيامة، ويرجع السبب في تسمية السورة الكريمة بهذا الاسم إلى أن الله -تعالى- قد حشر اليهود وجمعهم خارج المدينة المنورة، وهو الذي سيجمع الناس ويحشرهم يوم القيامة للحساب.
ومن أسماء سورة الحشر بني النضير، ومن الجدير بالذكر أن السورة الكريمة تعالج الجانب التشريعي؛ كالجهاد، والفيْء، والغنائم، كما هو الحال في سائر السور المدنية، والموضوع الأساسي الذي أشارت إليه هو غزوة يهود بني النضير الذين نقضوا العهد مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فأجلاهم عن المدينة المنورة، ولذلك عُرفت باسم سورة بني النضير، كما تطرّقت سورة الحشر إلى ذكر المنافقين الذين تحالفوا مع اليهود بشكلٍ موجز.
أسباب نزول سورة الحشر
ورد ذكر العديد من أسباب النزول لآيات سورة الحشر، وفيما يأتي بيان بعضها:
سبب نزول الآية الخامسة
قال الله تعالى: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّـهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ)، نزلت الآية الكريمة عندما حاصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهود بني قريضة، فتحصّنوا في حصونهم، فأمر -عليه الصلاة والسلام- بقطع نخيلهم وإحراقها.
فلمّا شاهدوا ذلك دبّ الله الرعب في قلوبهم، وقالوا: "زعمت يا محمد أنك تريد الصلاح، أفمن الصلاح عقر الشجر المثمر، وقطع النخيل، وهل وجدت فيما زعمت أنه أمزل عليك الفساد في الأرض"، فشقّ ذلك على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
ووجد المسلمون في أنفسهم من قول اليهود، وخافوا أن يكون ذلك من الفساد في الأرض، وقال فريقٌ منهم: لا تقطعوا النخيل فإنه مما أفاء الله علينا، وقال الفريق الآخر: بل اقطعوه، فنزلت الآية الكريمة لتصوّب رأي الفريقين بأن قطع النخيل أو تركه بإذن الله عز وجل.
سبب نزول الآية السّادسة
قال الله تعالى: (وَمَا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، ذكر علماء التّفسير أن الآية الكريمة نزلت في يهود بني قريضة، وذلك أنّهم لمّا قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة عاهدوه على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه.
وبعد أن أكرم الله -تعالى- المسلمين بالنصر يوم بدر، قالت يهود بني النضير: "والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة، لا تردّ له راية"، ولكن بعد أن هُزم المسلمون في معركة أحد، نقضت يهود بني قريضة العهد، وأظهروا العداوة للنّبي -عليه الصّلاة والسلام- والمسلمين، فحاصرهم عليه -الصلاة والسلام-، ثم أجلاهم عن المدينة المنورة.
سبب النزول العام
قيل إن سبب النّزول أن كفار قريشٍ كاتبوا يهود بني قريضة بعد معركة بدر، وهدّدوهم بالحرب إن لم يقاتلوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فأجمع بنو قريضة على الغدر، وأرسلوا إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- يطلبون منه الخروج إليهم ومعه ثلاثين رجلاً من الصحابة رضي الله عنهم، حتى يلتقي بثلاثين حبراً من أحبارهم ويسمعوا دعوة الإسلام.
ثم أرسلوا إليه يطلبون منه الخروج بثلاثةٍ من الصحابة للقاء ثلاثة من علمائهم ليسمعوا منهم، وكانوا قد أعدّوا خناجرهم للفتك برسول الله، فأرسلت امرأةٌ ناصحةٌ من بني قريضة إلى أخيها وهو رجل من الأنصار وأخبرته بالأمر، فخرج الرجل مسرعاً حتى لقي النّبي وأخبره بخيانة بني النّضير، فرجع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي اليوم التّالي غدا عليهم بالكتائب وحاصرهم، فنزلت سورة الحشر.
مقاصد سورة الحشر
تضمّنت السورة الكريمة الحديث عن جلاء بني النضير، وبيان موقف المنافقين في واقعة بني قريضة، وذكر أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وبيان أن جملة الخلائق تسبّح لله -تعالى- وتقدّسه، وتطرّقت للتفصيل في أمر المهاجرين والأنصار، وتقسيم الغنائم، كما وردت الإشارة إلى برصيصاء العابد، للنظر في العواقب، ومن أسمائها سورة بني النضير، مصداقاً للحديث الذي رواه سعيد بن جبير: (قُلتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الحَشْرِ، قالَ: قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ).
فضل سورة الحشر
سورة الحشر من سور القرآن الكريم، وقراءة القرآن كلّها خير يعود على المسلم، لكنّ الفضل الذي ورد في قراءة سورة الحشر خاصّة لم تثبت صحته عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم، وورد في ذلك أحاديث ضعيفة.
حيث رُوي أنّ من قرأ سورة الحشر ومات في ذلك اليوم، ختم الله له بطابع الشّهداء، قال -صّلى الله عليه وسلّم-: (..ثُمَّ قَرَأَ الثَّلاثَ آياتِ مِن آخِرِ سورةِ الحَشرِ، وَكَّلَ اللهُ به سَبعينَ ألْفَ ملَكٍ يُصلُّونَ عليه حتى يُمسيَ، إنْ مات في ذلك اليومِ مات شَهيدًا، ومَن قالها حين يُمسي كان بتلك المَنزِلةِ)، وهو ضعيف.