معلومات عن سورة البقرة
التعريف بسورة البقرة
تُعدُّ سورة البقرة السُّورة الثَّانيّة بحسب ترتيب المُصحف، والسُّورة الأُولى من قسم السُّور الطِوال، وهي من السُّور المدنيَّة، وعددُ آياتها مئتان وستةٍ وثمانون آيةً، وذكر أهلُ التَّفسير أنَّها أوَّل سورةٍ نزلت بالمدينة إلَّا الآية مئتان وواحدٌ وثمانون نزلت في حجة الوداع (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، وهي آخر الآيات نُزولاً ، وجاء عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنَّه استبطن الْوَادي فَجعل الْجَمْرَة على حَاجِبه الْأَيْمن ثمَّ اسْتقْبل الْكَعْبَة فَرَمَاهَا بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل حَصَاة، وقال: رمى من هُنا الذي أُنزلت عليه سورة البقرة.
لماذا سميت بسورة البقرة وأسماؤها الأخرى
سببُ تسميتها بالبقرة؛ لأنَّها السُّورة الوحيدة التي ذكرت قصَّة وحادثة القتل التي وقعت في بني اسرائيل في عهد موسى -عليه السَّلام- حيث أمرهم الله أن يذبحوا بقرةً .
وسُمِّيت بِفُسطاط القُرآن؛ لِعظمها، وكثرة الأحكام الواردة فيها، وبهائها ومواعظها، وشرفها وكثرة فضائلها.
مناسبة سورة البقرة لما قبلها وما بعدها
سورة الفاتحة هي السُّورة التي تسبق سورة البقرة من حيث ترتيب المُصحف، وكانت سورة الفاتحة تتحدَّث عن دُعاء المؤمنين بالهداية إلى الصراط المُستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم وهم اليهود، ولا الضَّالين وهم النَّصارى، فتحدثت بعدها سورة البقرة بشيءٍ من التَّفصيل عن اليهود.
وأمَّا السُّورة التي تليها وهي سورة آل عمران فقد تحدَّثت عن النَّصارى، وذكرالألوسي عن وجه مناسبة سورة آل عمران لسورة البقرة: ووجه مناسبتها لتلك السُّورة، أنَّ كثيرا من مجملاتها تشرح بما في هذه السُّورة، وأنَّ سورة البقرة، بمنزلة إقامة الحجَّة، وهذه بمنزلة إزالة الشُّبهة، ولهذا تكرَّر فيها ما يتعلَّق بالمقصود الذي هو بيان حقيقة الكتاب، من إنزال الكتاب وتصديقه للكتب قبله، والهدى إلى الصِّراط المستقيم.
فضل قراءة سورة البقرة
توجد الكثير من الفضائل لسورة البقرة، نورد منها ما يأتي:
- سورة البقرة مع آل عمران تكونان لصاحبهما يوم القيامة كالغمام، لِقول النبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام-: (اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ. قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ)، كما أنَّها تكون بركةً لمن أخذ وعمل بها، وتكون حسرةً لمن تركها، ولا ينال منها السَّحَرة، ويلقى صاحبها التَّشريف في الدُّنيا والآخرة؛ لما يُلاقيه من الفضائل بسبب أخذه لها، كالغمامة التي تُظله يوم القيامة.
- نُفور الشيطان من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة، وعدم دُخوله إليه، لِقول النبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام-: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ)، وفي الحديث إشارةٌ إلى المُداومة على قراءة سورة البقرة في البيت.
- سورة البقرة سنام القُرآن وذروته، فقد جاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قوله: إنَّ لكل شيءٍ سناماً، وإنَّ سنام القرآن سورة البقرة.
موضوعات سورة البقرة
تناولت سورة البقرة الكثير من الموضوعات، ومن أهمها ما يأتي:
- أجمع السُّور في بيان أُصول الإسلام، وفروعه، فقد بيَّنت التَّوحيد، والرِّسالة العامَّة والخاصَّة، والبعث، وأركان الإسلام العمليَّة، كما تناولت بدء الخلق والتَّكوين، وبيَّنت أحوال أهل الكتاب، والمُشركين، والمُنافقين، وبيَّنت بعض أحكام المُعاملات الماليَّة، والزَّوجيَّة، وأحكام القِتال.
- تناولت الآيات العشرون الأولى أصناف النَّاس وأقسامهم حسب تقسيم الله لهم، وهم: المُتَّقين، والكافرين، والمُنافقين، مع بيان صفات كُلِّ صنفٍ منهم، ثُمَّ من الآية الواحدة والعشرون إلى الآية مئة وسبعةٌ وستُّون وفيها دعوةٌ عامَّةٌ إلى النَّاس جميعاً كي يسلكوا الطَّريق الموصل إلى تقوى الله، ومن الآية مئةً وثمانيةً وستون إلى الآية مئتان وسبعة الاستمرار في بيان التَّقوى ودلالتها، وتفصيلاً في شأنها، وتبياناً لأركانها، وشروطها، وما يدخل فيها، وموقف النَّاس منها، ثُمَّ إلى الآية مئتان وأربعةٌ وثمانون ففيها دعوةٌ إلى الدُّخول في الإسلام كلِّه، وتبيان لكثير من شرائع الإسلام، وتبيان ما يلزم لإقامة الإسلام كلِّه، وفيه التَّوجيهات الرئيسية في قضايا المال، وفيه الملامح الرئيسية لنظام الاقتصاد في الإسلام، النَّظام القائم على الصَّدقات، والنِّظام غير الربوي، والنِّظام القائم على التَّعامل المنضبط، مع تقديم المالكيَّة لله، ثُمَّ خُتمت السُّورة بأنَّ مرجع ذلك كُلُّه إلى الإيمان والسَّمع والطَّاعة والتَّوبة، وتكليف المُسلم بحسب استطاعته وقُدرته.
- ذكرت بعض تاريخ اليهود الطويل، وناقشت عقائدهم، وذكرتهم بنعم الله عليهم، وما أصاب المُعرضين عن الحقِّ.
- ذكرت أقسام النَّاس، وصفاتهم، فأولهم المُتَّقون؛ وصفاتهم: الإيمان بالغيب، وإقامة الصَّلاة، وإخراج الزَّكاة والصَّدقات، والإيمان بالكتب والرُّسل، واليقين الكامل بالحساب والجزاء، وأمَّا القسم الثَّاني فهم الكافرون، وصفاتهم؛ عدم قبولهم للحقِّ، وفساد فِطرتهم، وانسداد مسالك الفهم لديهم، وأمَّا الصِّنف الثَّالث وهم المُنافقون، ووصفتهم السُّورة؛ بالتَّظاهر بالإيمان، وكثرة التَّلوُّن.
- ذكرت السُّورة في النِّصف الآخير منها على بعض التَّشريعات الإسلاميَّة التي تجعل من المُجتمع المُسلم جماعةً مُتميزة عن غيرها في عباداتها ومُعاملاتها، كأحكام القصاص في القتل العمد، والصِّيام، والوصيَّة، والاعتكاف، والتَّحذير من أكل أموال النَّاس بغير حقٍّ، والحجِّ والعمرة، والأهلَّة، والقتال، والخمر والميسر، والطلاق، والعدة، والرضاع، وذكرت الأيمان وكفَّارة الحنث فيها، و الإنفاق في سبيل الله ، وذكرت البيع والربا، وطرق الاستيثاق في الدُّيون بالكتابة والاستشهاد والرَّهن.