معايير الكتابة
الكتابة
يسعى الإنسان للحصولِ على الثّقافة في شتّى المجالاتِ، عبر الكتبِ والجرائد والمجلّات والمواقع الإلكترونيّة. ويتوقّع القارئُ أن يجدَ مقالاتٍ يثقُ بالمعلوماتِ التّي تعرضها، ويستمتعُ بأسلوبِ كتابتها، ويسهلُ عليه فهمها. ولتحقيق ذلك يتّبع الكاتب بعض المعايير التي تساعده على كتابةِ مقالٍ ناجحٍ يستفيد منه الآخرين.
مفهوم الكتابة
تعرف الكتابة بأنّها نظام أوجده الإنسان لخلق وسيلةٍ للتواصل بطريقة حروف مرئيّة. وأدب الكتابة هو شكل من أشكال التعبير الإنساني الذي يعبّر عن مجمل عواطفه وأفكاره. وإذا كانت الكتابة على شكل مقال فتعرف بأنّها قطعة إنشائيّة ذات طولٍ معتدل تدور حول موضوعٍ معيّن أو جزءٍ معين منه، وقد تكون مكتوبة بأسلوب الإيجاز أو الإسهاب ضمن مجالٍ موضوعيٍّ معيّن.
نشأة الكتابة
بدأت الكتابة في بلاد الرافدين ، إذ طوّر السومريّون نظاماً للكتابة باستخدام الإزميل على لوائح من الطين اللّبن، تسمّى الكتابة المسماريّة. وظهرت الحروف الأبجديّة على يد الفينيقيّين عام 1100 ق.م. وكان المصريّون قديماً يكتبون باستخدام الكتابة الهيروغليفيّة على ورق البردى. أمّا في الشرق الاقصى اخترع الصينيّون نظاماً تصويريّاً للكتابة باستخدام صور مبسّطة لأشخاص وأشياء وحيوانات.
أمّا الكتابة الأدبيّة فبدأت قبل القرن السادس عشر، إذ كانت في بدايتها عشوائيّةً وغير خاضعةٍ لقوانين وقواعد. ثمّ تطوّرت المقالة على يد الكاتب الفرنسي ميشيل دي مونتين، الذي بدأ الكتابة عام 1571. بدأ مونتين الكتابة متأثّراً بالأدب الذي يقرؤه، ولكنّه نهض بالأدب الحديث للمقالة عام 1574 بعدما عزل نفسه عن الآخرين، وعاشَ متأمّلاً في أحوال المجتمع والإنسان.
قبل بدء الكتابة
قد تكون الكتابة في البداية مهمّة صعبة، لذا يوجد بعض الوسائل التي قد تساعد قبل البدء بالكتابة، ومنها:
- المحادثة: التحدّث للأصدقاء والعائلة والخبراء في الموضوع الذي تنوي أن تكتب فيه، يساعدك على تحرير الأفكار التي تجد صعوبةً في التعبير عنها. وقد يساعد التحدث مع الآخرين بمجالاتٍ متنوعةٍ على إيجاد موضوعٍ يثير اهتمامكَ، ويلهمكَ لتكتب فيه. كما أنّ المحادثة تُثري الأفكار، وقد تستفيد من الملاحظاتِ أو المعلوماتِ التي يتحدث بها الآخرين.
- الكتابة الحرّة: وهي الكتابة التي لا تتوقف فيها لتتأمّل ما تكتب، فعندما تضعُ كلّ ما تفكر به على الورق، دونَ قيودٍ كالالتزام بفكرة واحدة، أو الالتزام بأسلوب مميّز في الكتابة، يجعلكَ تجدُ أفكاراً أكثرَ فتختار منها ما يُلهمكْ.
- العصف الذهني: تشبه هذه الطريقة الكتابة الحرّة، وتختلف عنها بأنّها لا تشتمل على جملٍ أو فقراتٍ، بل ينتج عنها كلماتٍ مفتاحيّةٍ للأفكار والمواضيع.
معايير الكتابة الناجحة
يتطلّب كتابة المقال اتّباع بعض المعايير التي ترتقي بالمحتوى والأسلوب الثّقافيّ. وهذه المعايير تساعدُ الكاتبَ على أن يعرفَ الأمور الرئيسيّة التي عليه اتّباعها ليكتب مقالاً ناجحاً، وهي:
اختيار الموضوع
من أهم الأمور عند الكتابة إختيار الموضوع الرئيسيّ، فهو الفكرة المحوريّة التي تبنى عليه كلّ الفقرات، وبه يجذب القارئ للإطلاع على الموضوع. فعند اختيار الموضوع يجب أن يكون موضوعاً يهمّ المجتمع، وأن يكوّن الكاتب صورةً واضحة عن الموضوعات المعلومات التي يريد عرضها وتحليلها.
الوحدة والتماسك
على الكاتب أن يحسن اختيار الفقرات، وأن يهتم بوحدتها وانسجامها معاً. وأن تكون جميع الفقرات مرتبطة بالفكرة الرئيسيّة للموضوع. كما يجب أن يعتمد الكاتب على مبدأ التتابع الموضوعيّ حتى يستوعب العقل المعلومات بطريقةٍ أفضل.
اختيار الألفاظ
إنّ الاختيار الصحيح للألفاظ والجمل في الكتابة أمرٌ محوريّ، لأنّ اختيار الألفاظ التي تخدم الموضوع، تجعله أكثر دقّةً وملائمةً للفكرة الرئيسيّة. كما أنّ التنوع في الجمل يبقي القارئ منسجماً ولا يشعره بالملل.
الأسلوب الأدبيّ
يجذب القارئ الأسلوب الأدبيّ المتقن، فتكون صياغة الجمل جميلة، والألفاظ والعبارات متناغمةً معاً لتعطي إيقاعاً لفظيّا جميلاً للنص. كما يستحسنُ أن يكونَ الجوّ العام للنّص حيويّاً، ويحملُ نوعاً من الحماس والرّصانة.
الموضوعيّة
تعتبر الكتابة لغةً موضوعيّة، وهي غير عاطفيّة ولا شخصيّة. فالكتابة إذا لم تكن تعبيراً، فهي تسوقُ معلوماتٍ وجمل خبريّة، خالية من الآراءِ والأحكام الشخصيّة.
الدّقة
يجب أن تكون الكتابة دقيقةً وصحيحة، فالكتابة تعرض نظريات وحقائق ومواقف واقتباساتٍ، على الكاتبِ أن يعرضها بشكلٍ صادقٍ وكامل.
التوثيق
يلجأ الكاتب إلى الاستعانة بمختلف المصادر من كتبٍ، ومجلّاتٍ، وصحفٍ، ومواقع إلكترونيّة، وبحوث جامعيّة وغيرها. فالمصادر تثري الموضوع، وتظهر ما يملك الكاتب من اطّلاعٍ على الفكرة المطروحة. كما أنّ الموضوع الذي يكون موثّقاً بالمراجع والمصادر يكونُ أكثر ثقةً لدى القُرّاء. والتوثيق أحد المعايير المهمّة التي يجب أن تتوافرَ ويرفقها الكاتب لما يكتب. كما تمتلك المكتبة العربيّة الكثير من المراجع الثريّة التي تحتاجُ أن تُستغلّ لأغراض الكتابة المختلفة.
أهميّة التوثيق
يعطي التوثيق للقارئ ثقةً بمعلومات الكاتب التي يوردها في موضوعه، كما تساعد الباحثين الآخرين المهتمين بنفس الموضوع على إيجاد مصادر لبحوثهم. وتوضح المصادر المختلفة التي تهتم وتنشر في ذلك الموضوع، فيصبح الوصول إلى مصادر للمعلوماتِ أسهل. ولأنّ الكتب والمقالاتِ وغيرها من المصادر، تأخذ من صاحبها جهدأ ووقتاً، فمن واجب الكاتب المستفيدِ أن يحفظ حقوق المؤلفين بذكرهم وتوثيق أعمالهم.
قواعد التوثيق
يتبع التوثيقَ مجموعة من القواعد، حتّى يكونَ أكثرَ وضوحاً، ومنها:
- تُدرج المراجع لوحدها في صفحةٍ جديدة.
- تُفصل المراجع العربيّة عن الأجنبيّة.
- الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة لا تدرج مع المراجع، بل تذكر فقط في النّص.
- يجب أن يحتوي المرجع على جميع المعلومات الأساسيّة وهي: اسم الكاتب ، والكتاب، ومصدر النشر، وتاريخ النّشر، ورقم الصّفحات.
طرق التوثيق
هناك أكثر من طريقةٍ لتوثيق المراجع المستخدمة في الكتابة، نذكر منها:
- طريقة هارفرد: وهي طريقة جمعية علم النّفس الأمريكيّة، فتعتمد على كتابة اسم المؤلف أو المؤلفين، متبوعاً بسنة النّشر، ثمّ اسم البحث أو المقالة أو الكتاب، ثمّ اسم دار النشّر، أو المجلة، أو الجريدة، أو الموقع الناشر، وأخيراً رقم الصّفحات التي أُخذت منها المعلومات.
- طريقة المجلات الطبيّة والحيويّة: باختلاف بسيط بينها وبين طريقة هارفرد، يكتب في البداية اسم المؤلّف أو المؤلّفين، ثمّ عنوان المصدر، ثمّ اسم المجلّة، أو الجريدة ، أو دار النّشر، أو موقع النّشر إذا كان إلكترونيّا، منتهياً بالسّنة ورقم الصفحات.