مظاهر رحمة النبي بالحيوان
رحمة النبي بالحيوان
إنّ مظاهر رحمة الرسول لا تقتصر على الإنسان، بل شملت رحمته الحيوانات والطيور والدّواب، ولقد غرس في نفوس أصحابه معاني الرحمة والرفق بالحيوان، ولقد سبق بذلك كلّ الجمعيات الحديثة التي تُنادي بحقوق الحيوان، فهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الرحمة المهداة لكل ما في الكون، وقد أمر -صلى الله عليه وسلم- بالإحسان إلى الحيوان وعدم أذيته، وبتقديم ما يحتاجه من طعام وشراب، ونهى عن تحميله ما لا يطيق.
مواقف من رحمة النبي بالحيوان
وردت عدة مواقف من رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحيوان، فيما يأتي ذكر بعض منها:
من فجع هذه بولدها
لقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أن يحول أحد بين حيوان أو طير وولده، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: (كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فانطلق لحاجته، فرأينا حمَّرةً معها فرخان، فأخذْنا فرخَيها، فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرشُ، فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: من فجع هذه بولدِها؟، رُدُّوا ولدَها إليها..)، (الحُمرة: أي الطائر الصغير، فجعلت تفرش: أي ترفرف بجناحيها)، وهنا تظهر رحمته بهذا الطير الصغير أن ردّ إليها صغارها.
الجمل الذي اشتكا إلى النبي
دخل النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ بستاناً لرجل من الأنصار، فإذا فيه جَمَل، فلما رأى الجملُ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذرفت عيناه، فأتاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمسح عليه حتى سكن، فقال: (مَن ربُّ هذا الجملِ؟ لمَن هذا الجملُ؟ فجاء فتًى مِن الأنصارِ، فقال: لي يا رسولَ اللهِ، قال: أفلا تتَّقي اللهَ في هذه البهيمةِ التي ملَّكَك اللهُ إيَّاها؛ فإنَّه شكا إليَّ أنَّك تُجيعُه وتُدئِبُه)، (تُدئبه أي تتعبه)، فلقد سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- شكوى الجَمَل وأمر صاحبه بالإحسان والرفق فيه.
تشريعات أقرها النبي تضمن الرحمة بالحيوان
لقد شرع النبي -صلى الله عليه وسلّم- مجموعة من التشريعات في حق الحيوان، منها ما يأتي:
الإحسان في قتل الحيوان
أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإحسان عند ذبح الحيوان فقال: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)، أي الإحسان في هيئة ذبح الحيوان من الإسراع في إزهاق روحه، وإراحة الذبيحة وحدّ الشفرة.
منع اتخاذ الحيوان شاخصا لتعلم الرمي عليه
منع النبي -صلى الله عليه وسلم- عن اتخاذ الحيوانات غرضاً؛ أي جعلها مما يُتعلّم فيه الرمي، فعن سعيد بن جبير قال: (مَرَّ ابنُ عُمَرَ بفِتْيَانٍ مِن قُرَيْشٍ قدْ نَصَبُوا طَيْرًا، وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِن نَبْلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقالَ ابنُ عُمَرَ: مَن فَعَلَ هذا لَعَنِ اللَّهُ، مَن فَعَلَ هذا؟ إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شيئًا فيه الرُّوحُ غَرَضًا).
منع التمثيل بالحيوانات
نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المُثلة بالحيوان؛ أي قطع جزء من أعضائه وهو حيّ، أو تعذيبه، فعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَرَّ عليه حِمَارٌ قدْ وُسِمَ في وَجْهِهِ فَقالَ: لَعَنَ اللَّهُ الذي وَسَمَهُ)، (وَسَمَهُ؛ أي كوى وجهه بالنّار).
خلاصة المقال: كتب الله الإحسان في كل شيء، وإنّ مظاهر الرفق والإحسان للحيوانات كانت واضحة في مواقف النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد نهى عن الإساءة للحيوان بالضرب أو التجويع أو زيادة الحمل عليه.