مظاهر اليسر في الصلاة
مظاهر اليسر في الصلاة
فُرضَت الصلواتُ الخمس خمس مراتٍ في اليوم والليلة، فلا تأخذُ وقتاً ولا جهداً من شأنه أن يُوقفَ أعمال المسلم، أو أن يصدَّه عن أشغاله اليومية، فهي لقاءات روحانية تُوصل المسلم بربّه، وتُذكِّره بالعهد الذي بينهم، فيفعل المسلم ما أمره به خالقه ويتجنّب ما نهاه عنه، ومن يُسر ورحمة وسماحة هذا الدين أن أصبحت الصلوات خمسة بعدما فُرضت خمسين صلاة في رحلة المعراج ، ولكنَّها بأجر خمسين صلاة.
مظاهر اليسر في الصلاة في حالة المرض
الصلاة عمود الدين، ولا تسقط بحالٍ من الأحوال إلا بموتٍ أو فقدان عقل، وقد يتعرّض المسلم لمرضٍ ما من شأنه أن يُضعف قدرته على الصلاة بالشكل الكامل، لذا شُرِعَ للمسلم في هذه الأحوال أن يصلِّ قائماً، فإن لم يقدر فقاعداً، أو على هيئة جلوس التشهّد بحيث يحني ظهره راكعاً وساجداً، وفي السجود يكن الانحناء أكثر، فإن شقَّ عليه ذلك أيضاً فعلى جنبه الأيمن مع توجيه وجهه نحو القبلة، وإلا فعلى جنبه الأيسر، وإن كان مرضه لا يمكّنه من ذلك كلِّه فيصلّي مُستلقياً على ظهره وقدماه نحو القبلة إن أمكن، ويحرّك رأسه بالركوع والسجود وفي السجود أكثر، وإن كان شاقّاً عليه ذلك فيصلّي حسب حاله، ويستقبل القبلة ما أمكن، وإنَّ هذا من رحمة الله -تعالى- بالمسلم، فعند مرضه ووهنه يكون بحاجة ماسَّة لمناجاة ربه.
قال -تعالى-: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ)، والهدف من ذلك أن لا يتوقّف المسلم عن ذكر الله في جميع أحواله في المرض والصحة، وفي السرّ والعلانية. والإسلام دينٌ راعى أحوال الناس، فحثّ على عدم الإطالة في صلاة الجماعة، لأنّه قد يكون فيها كبيرٌ مسنّ هزيل الجسد، وقد يكون فيها الصغير المُتشوّق للّعب، وقد تكون فيها المُرضع، وأسقط الصلاة كذلك عن الحائض والنفساء؛ لأنها خلال هذه الفترة تعاني من الألم ونزول الدّم الذي يصعب معه الوضوء والصلاة لما تمرّ به، ولم يأمرها بقضاء الصلاة بعد انتهاء فترة حيضها ونفاسها، وهذا من يُسر ورحمة الإسلام.
مظاهر اليسر في الصلاة في حالة السفر
القصر رخصةٌ للسّفر، ويكون بقصر الصلاة الرباعية لركعتين؛ كصلاة الظهر والعصر والعشاء، وكذلك الجمع من الرُّخص التي شُرعت للمسافر؛ وتُشرع أيضاً في حالاتٍ أخرى غير السّفر، فتكون بجمع صلاة الظهر والعصر، وجمع صلاة المغرب والعشاء، سواء كان جمع تقديمٍ أم جمع تأخيرٍ، ولتخفيف المشقّة وتيسير السفر على المسلم فقد شُرِع له الفطر في رمضان، ويرخّص له المسح على الخُفّين مدّة ثلاثة أيامٍ بلياليها، ويجوز له التيمُّم إذا خاف من زيادة مرضه بسبب ذلك، أو تأخّر شفائه، أو في حال وجود البرد الشديد، وكذلك إذا كان الماء يُباع بسعرٍ يفوق ما يملكه.
مظاهر اليسر في صلاة الجماعة
حثّ الإسلام الإمام في صلاة الجماعة بعدم الإطالة في الصلاة؛ فهناك الصغير والكبير والمريض، ويُقصد بعدم الإطالة أن تكون الصلاة كطول صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، بحيث إذا صلّى الرجل إماماً فيأتي بمقاصد الصلاة وأركانها وسننها دون إخلالٍ بها، فإن صلّى المسلم وحده أطال ما شاء، وقد حذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإطالة في صلاة الجماعة ؛ لِما في ذلك من المشقّة على الناس، وحثَّ الأئمة على قراءة قِصار السور، وأمرهم باتّباع نهجه، وما ذلك إلا للتّيسير والتخفيف والرحمة.
مظاهر التيسير في الإسلام
الإسلام هو السّلام، والسّلام لا يأتي إلَّا بالتيسير والتخفيف عن الناس، وهو دين الوسطيّة والاعتدال، وكما أنَّ الله يُيَسِّر على الناس ويُحبّ أن تُؤتى رخصه، فهو يأمرنا بالالتزام بمبادئ هذا الدين العظيم، من غير تفريط ولا إفراط، وقد جعل الله -تعالى- الإسلام دين يُسرٍ وسماحة، فجاءت تشريعاته ملائمةً للفطرة البشرية، ولم يكلّف الله نفساً فوق طاقتها، وبذلّك حبّب الله الإيمان لنا، وزيّنه في قلوبنا، برفع الحرج والمشقّة، وجعل اليُسر والسماحة في تشريعاته، وقد تعددت مظاهر الرحمة واللين في الإسلام حتى صارت القاعدة الفقهية: (المشقة تجلب التيسير) الأشهر عند العوامّ، من خلال وجود الرُّخص التي ترفع الحرج عن الناس، وغيرها من الأدلّة، والحديث في ذلك يطول وما ذُكِرَ سابقاً خير دليل.