مظاهر الحضارة والثراء في العصر العباسي الأول
أهم مظاهر الحضارة والثراء في العصر العباسي الأول
نهض الخلفاء العباسيون بالدولة العباسية نهضة مشرقة، أضاءت ما حولها من مدن بعلومها وحضارتها، كما تنعم شعبها من ناحية مادية حد الثراء، ومن أبرز مظاهر الحضارة والثراء فيها التالي:
- الحضارة المعمارية: التي فاقت كل تصور من حيث هندستها وبنائها، فقد أنشأ العباسيون قصورًا باهرة أنفقوا على بنائها الكثير، حيث تأنق مهندسوها في إحكام قواعدها وتنظيم أماكنها وكانت تعكس جانبًا واضحًا من الترف الذي تنعمت به الدولة العباسية.
- إنشاء الأسواق المختلفة: والحرص على جعلها متميزة من ناحية عمرانية بالإضافة إلى حرص الخلفاء على تأمينها على أعلى مستوىً.
- إقامة المساجد الباهرة: وذلك في مختلف أنحاء الدولة والحرص على وجود الحلقات العلمية فيها، كما كانت المساجد في ذلك الوقت البؤرة الأولى التي انبثقت منها العلوم جميعها الدينية منها والدنيوية، وكان المسجد حلقة وصل بين طلاب العلم وبيت الخلافة، فكان الخليفة على اطلاع دائم بأكثر طلبة العلم تميزًا بالمساجد، حيث يتم استدعاؤهم والعناية بهم عناية خاصة من قِبل الخليفة شخصيًا.
- إنشاء المدارس ودور العلم: وذلك في أرجاء الدولة كافة، وقد كانت عامة لكل الشعب، حيث كانت صِبغة المجتمع العباسي صِبغة ثقافية حضارية بحتة، يعود هذا بطبيعة الحال إلى الرخاء المادي الذي ساد الدولة عامةً في ذلك الوقت.
- التقدم العلمي الباهر: وصلت إليه الدولة العباسية في العصر الأول وفي كل المجالات؛ بسبب اهتمام العلماء الكبير وغير المسبوق بالعلم وتقريب العلماء والأدباء من بيت الخلافة العباسية، بالإضافة إلى أن معظم خلفاء العصر العباسي الأول علماء بذواتهم، ولهذا فقد كان اهتمامهم وبذلهم في سبيل العلم متميز جدًا.
- التطور الاقتصادي الكبير: فقد كانت الدولة العباسية محط أنظار التجار من مختلف البلدان؛ لما كانت تشهده من استقرار تجاري ورخاء مادي، فتنوعت التجارة حتى شملت كل شيء، كما كانت مصدرًا لبعض التجارات الخارجية كذلك، فمن خلال الدولة العباسية في المشرق دخلت تجارة الورق والكتب إلى الأندلس مما ساهم في نشر علومها وآدابها في الأندلس ومنها إلى أوروبا في عصور لاحقة.
- التعايش بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى: فكلهم مواطنون تحت ظل عدل الحكم الإسلامي، مما أدى إلى انبثاق حضارة من طراز رفيع ومميز من حيث التنوع الثقافي والحضاري الذي أحاط بكل مجالات الحياة.
- تحسين نظام البريد: حيث تطور كثيرًا في زمن الخليفة المهدي، والذي اعتبر حلقة وصل مهمة بين الدولة العباسية وما حولها من المدن، مما ساهم في تطورها الحضاري والثقافي.
- ازدهار الصناعات المختلفة: فقد تطورت صناعة الورق بشكل غير مسبوق، بالإضافة إلى تطور التجارة مع الهند.
أسباب الحضارة والثراء في العصر العباسي الأول
تعددت الأسباب التي أدت إلى كل ذلك البذخ الذي عم أرجاء الدولة العباسية، وكل تلك الحضارة المشرقة التي لا زالت تتلألأ فيما خلفته الحضارة العباسية في العراق، ويمكن تقسيم الأسباب التي أدت إلى ذلك على النحو الآتي:
أسباب سياسية
على الرغم مما عانته الدولة العباسية من فتن وثورات متعددة، إلا أنها استطاعت التغلب عليها دائمًا، وقد أدى هذا إلى استقرار نسبي ساهم في خلق حالة عامة من الرضا والاستقرار النفسي في المجتمع، فتشجع العلماء على العطاء، كما أصبحت بغداد حاضنة لكل الثقافات والحضارات والعلوم من مختلف الدول.
أسباب اقتصادية
تطورت التجارة في عهد الخلفاء العباسيين في العصر الأول تحديدًا، مما ساهم في توفير أموال طائلة في بيت مال الخلافة، بلغت أوجها في عهد هارون الرشيد الذي كان يغدق منها على العامة والخاصة، بالإضافة إلى الخراج الذي كان يدخل إلى خزينة الدولة والذي ساهم في ثرائها أيضًا.
أسباب علمية
كان لكل ما أغدقه الخلفاء العباسيون على العلماء والأدباء دور مهم ومؤثر في تطور الحضارة وتقدمها، فقد كانت بغداد محطة لطلاب العلم والعلماء والأدباء لما فيها من فسحة جمال وعلم وبسطة مادي.
أسباب دينية
تتمثل بالحكم الإسلامي العادل الذي تميز به عصر القوة والازدهار في الدولة العباسية، مما جعل الجميع في الدولة مواطنين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، مما أعلى من قيمة المواطنة والانتماء للدولة والتفاني من قِبل كل فئات المجتمع العباسي لتقدمه وتطوره.