مظاهر الإتقان في العمل
مفهوم إتقان العمل
وهو قيام الفرد العمل المطلوب منه إنجازه على أكمل وجه وأفضل صورة ممكنة، ويجب عليه أن يبذل كل جهده واستطاعته من أجل إنجاز العمل بإحكام وبالدقة المتناهية والابتعاد عن التراخي في عمله، إذ قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "إن الله يُحبُّ إذا عَمِلَ أحدكم عملاً أن يُتقنه".
إتقان العمل في الأعمال الدنيوية
ويضمن هذا كل الأعمال والوظائف والحرف التي يفعلها الإنسان ويقوم بها في حياته، إذ تُعد أمانة و مسؤولية تقع على عاتقه ويجب عليه تأديتها بإتقان وعلى أتمِّ وجه وأن لا يفعلها إلا وهو متأكدٌ من قدرته على فعلها، فعلى سبيل المثال، يشمل ذلك البناء والتعمير الذي قد يودي بحياة الكثير من الأشخاص، والطبيب المسؤول عن صحة وسلامة مرضاه، فيجب عليه الحذر الشديد عند معالجتهم، وقياس ذلك على كل الأعمال البشرية كافّة.
ويُضرب مثل إتقان العمل بذي القرنين وقصته المشهورة في بناء السد ليَحمِيَ القوم الذين لجؤوا إليه من يأجوج ومأجوج، فقد أبدع في بناء السد من الحديد والنحاس بين تلك الجبال العظام الشامخات بأعلى المواصفات والمعايير في إتقان البناء والتعمير، وفي رواية أخرى، يُحكى أيضاً بأن نجاراً كَبُر في عمره وطلب من مسؤوله في العمل أن يعفيه من عمله حتى يعيش مع أهله ما تبقى من عمره، ولكن رئيسه رفض ذلك، إلا أن إصرار النجار على ذلك أدى إلى موافقة المسؤول بشرط بناء منزل أخير، فوافق النجار على ذلك، ولكنه قام ببنائه باستعجال ولم يتقن عمل البيت، وبعد إنهائه سلّم مفاتيح البيت للمسؤول وطلب منه الرحيل، إلا أن المسؤول قال له خذ هذه المفاتيح فإن هذا البيت لك ولأهلك مكافأةً لك لنهاية عملك، فندم النجار أشد الندم لأنه لو كان يعلم أنه له لكان أتقن بناء المنزل.
إتقان العمل في العبادات
العبادات من أهم الأعمال التي يجب على الفرد أن يتقنها ويؤديها بحقها كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ وذلك لأن إتقان العبادات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقبولها من عند الله عزّ وجلّ بالإضافة لإخلاص النية له، ومثل ذلك إتقان الصلاة والإتيان بكل أجزائها وأركانها بدون نقص، وأن تكون خاشعاً مطمئناً فيها تاركًا ورائك جميع هموم الدنيا، وما قبلها من إسباغٍ للوضوء وفعله على أكمل وجه وأن لا يترك أيًّا من أركانه، وكما يكون الإتقان في الزكاة بإخراجها من أجود ما يملكه من المال وبوقت وجوب الزكاة وإعطائها لأكثر من يستحقها، بالإضافة لإتقان الصوم والحج، يجب أداؤهما بجميع شروطهما وتفاصيلهما، وأخيراً إتقان تبليغ العلم وتعليمه للناس بأفضل وجه وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أفضلهم إتقاناً وأخيرهم.