مضاعفات إزالة الغدة الدرقية
مضاعفات إزالة الغدة الدرقية
يمكن القول بشكلٍ عام أنّ جراحة إزالة الغدة الدرقية أو استئصال الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Thyroidectomy) جيدة التحمّل وآمنة بشكلٍ كبير؛ إذ يترتب على إجرائها احتمالية الإصابة بالخمول أو القصور في هرمونات الغدة الدرقية والذي يُسيطر عليه بسهولة ويسر طبياً، بالإضافة لبعض الآثار الجانبية البسيطة والمؤقتة والتي تختفي في العادة من تلقاء ذاتها، أمّا فرصة حدوث مضاعفات صحية مقلقة بعد الخضوع لهذه الجراحة فهي نادرة جداً، خاصّة إذا ما تمّ إجراؤها على يديّ جراح ذي خبرة، وقبل الخضوع للجراحة سيقوم الطبيب بمناقشة الأعراض والمضاعفات النادرة التي قد تحدث نتيجة الخضوع لهذه الجراحة، والتي سنأتي على بيان تفاصيلها فيما يأتي:
احتمالية الإصابة بقصور الغدة الدرقية
يتسبب استئصال الغدة الدرقية بإصابة جميع الأفراد الخاضعين لاستئصال كلي أو شبه كلي للغدة الدرقية بحالة خمول أو قصور في هرمونات الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism) بشكل مزمن؛ نظراً لإزالة الغدة المسؤولة عن إفرازها بالكامل، أمّا في حال اقتصرت العملية على استئصال أحد فصيّ الدرقية فقط فإنّ احتمالية تطور مشكلة قصور الدرقية تبلغ حوالي 15% استناداً إلى الرابطة الأمريكية للغدة الدرقية، ويجدر بالذكر أنّ السيطرة على خمول الدرقية أمر سهل ويسير ويعيش المصاب به حياة طبيعية تماماً من خلال تناول قرص دواء يحتوي على الهرمون المصنّع للغدة الدرقية بشكل يومي مرة واحدة صباحاً قبل الأكل بساعة على الأقل.
ولمعرفة المزيد عن قصور الغدة الدرقية يمكن قراءة المقال الآتي: ( قصور الغدة الدرقية وأعراضها وعلاجها ).
الآثار الجانبية المؤقتة
قد ينجم عن إجراء عمليّة استئصال الغدّة الدرقيّة (بالإنجليزية: Thyroidectomy) ظهور عدد من الأعراض والآثار الجانبية، والتي غالباً ما تظهر لفترة مؤقتة فقط بعد إجراء العمليّة الجراحيّة، ومنها ما يأتي:
- الغثيان والتقيؤ: يُعدّ الغثيان والتقيؤ من المشاكل المحتملة بعد الخضوع لعملية استئصال الدرقية، وهناك العديد من الأدوية التي قد يصِفها الطبيب في هذه الحالة للتخلص من هذه المشكلة.
- الشعور بانزعاج أثناء البلع: قد يشعر بعض الأشخاص بعد الخضوع لعملية استئصال الغدة الدرقية بانزعاج أثناء البلع، وذلك بسبب الإحساس بوجود ما يُشبه الكتلة في الحلق، ممّا يُعيق بلع بعض أنواع الأطعمة، ولكنّ هذا الإحساس يتحسن بشكل ملحوظ مع مرور الوقت، ويجدر بالمصاب تناول الأطعمة بحسب ما يراه مناسباً؛ إذ يمكنه البدء بتناول الأطعمة الطرية في بداية الأمر ثم إدخال الأطعمة الصلبة إلى النظام الغذائيّ شيئاً فشيئاً.
- السعال والتهاب الحلق: يمكن أن يُعاني المصاب من السعال والتهاب الحلق، وذلك لمدة لا تزيد عن أربعة إلى خمسة أيام من الخضوع للعملية، فقد يشعر المصاب بوجود بلغم في الحلق فيحتاج لإخراجه عن طريق السعال، وكلّ هذه الأعراض تُعدّ عادية للغاية، ويمكن السيطرة عليها بتناول أقراص المص المخصصة لالتهاب الحلق، والحرص على اختيار الأطعمة اللينة والطرية حتى لا يزيد الشعور بالأعراض سوءاً.
- تيبس الرقبة وألمها: يتطلب إجراء استئصال للغدة الدرقية إبقاء الرقبة في وضعية مُزعجة بعض الشيء لفترة طويلة، فضلاً عن أنّ كثيراً من الأشخاص بعد العملية لا يُحركّون رقابهم، هذا كله يُسفر عن الشعور بألم في الرقبة وربما تيبس فيها، ويمكن حل هذه المشكلة باستخدام مسكنات الألم بالإضافة إلى تطبيق كمادات الماء الدافئة.
- التغيرات الصوتية: توجد مجموعتان من الأعصاب بالقرب من الغدة الدرقية، وهذه الأعصاب مسؤولة عن التحكم بالحبال الصوتية، وتشمل العصب الحنجري الراجع (بالإنجليزية: Recurrent laryngeal nerve) والعصب الحنجري العلوي (بالإنجليزية: Superior laryngeal nerve)، وإنّ إصابة العصب الحنجري الراجع قد تتسبب بخشونة الصوت، ومن الأعراض الأخرى التي تندرج ضمن التغيرات الصوتية: ضعف الصوت أو ربما الشعور بتعب عند الحديث، وهذا كله يُصنف ضمن الأعراض المؤقتة التي تتحسن خلال عدة أسابيع أو ستة أشهر على أسوأ تقدير.
المضاعفات نادرة الحدوث
في البداية لا بدّ من التأكيد أنّ عمليّة استصال الغدّة الدرقيّة تُعدّ من العمليّات الآمنة بشكلٍ عام والتي لا تتبعها أي مضاعفات صحية مقلقة في العادة خاصة في حال الخضوع للعملية على يد جراّح ماهر ومتخصص، ونظراً لاهتمام الأطباء بتقديم رعاية وعلاجات وقائية قبل العملية وبعدها في بعض الحالات للحيلولة دون حدوث أي مضاعفات، وعلى أي حال فإنّ احتمالية تطوّر هذه المضاعفات نادر جداً ولا يتجاوز 1-2% من عمليّات استئصال الغدّة الدرقيّة، وحتى إن حدثت يمكن السيطرة عليها باستخدام بعض العلاجات الطبية، ومن الأمثلة عليها: النزيف، والإصابة بالعدوى، وتضرر الغدد جارات الدرقيّة (بالإنجليزية: Parathyroid gland) الأمر الذي قد يؤدي إلى اضطراب نسبة الكالسيوم في الدم، ومن المضاعفات النادرة جداً أيضاً: أن يصبح الصوت خشناً بشكل دائم، وحتى في حال حدوث هذا الأمر فإنّه من الممكن السيطرة عليه بعدد من الخيارات العلاجية.
نصائح للسيطرة على أعراض استئصال الدرقية
يقدم الأطباء بعضاً من النصائح والتعليمات للشخص الخاضع للعملية والتي ينبغي اتباعها خلال مرحلة التعافي في المنزل حتى يشفى جرح العملية بشكل سليم، ومنها:
- التعليمات المتعلقة بالنظام الغذائي: يمكن للفرد أن يتناول ما يشاء خلال فترة التعافي في المنزل بعد العملية، وفي حال الشعور بصعوبة أو ألم أثناء البلع خاصة في الأيام الأولى بعد العملية فيُنصح بتناول الأطعمة اللينة أو الباردة مثل: البطاطا المهروسة، واللبن، والبوظة، وتجنب الأطعمة القاسية أو الصلبة مثل: الخضار غير المطبوخة ورقائق الشبس، والأطعمة أو المشروبات الحمضية مثل: عصير البرتقال والبندورة.
- التعليمات المتعلقة بالنشاط البدني: ويمكن بيانها فيما يلي:
- منح الجسد فرصة للتعافي؛ إذ يُنصح بتجنب ممارسة أي أنشطة بدنية شاقة مثل: الركض، أو حمل الأشياء الثقيلة لمدة ثلاثة أسابيع بعد العملية أو وفقاً للمدة التي يراها الطبيب مناسبة.
- تجنب السباحة خلال الأسابيع الأولى بعد العملية.
- الحصول على قدر جيد من الراحة والنوم عند الشعور بالتعب، ومحاولة رفع الرأس على وسادتين أو ثلاث لإبقاء الرأس مرتفعاً، كما يمكن العودة لممارسة أنشطة الحياة اليومية عند الشعور بالتحسن.
- السيطرة على الألم: يمكن سؤال الطبيب حول الأدوية المسكنة التي يمكن استخدامها للتخفيف من الألم والانزعاج بعد العملية، ويجدر بالذكر أنّه عادة ما يُفضل تناول الأدوية المسكنة بعد الطعام.
- كيفية العناية بجرح العملية: عادة ما يتمّ إغلاق موضع الجرح عن طريق خياطته بخيوط قابلة للذوبان من الداخل، وأمّا بالنسبة لموضع الشق الجراحي خارجياً فيُوضع عليه إمّا ضمادة وإمّا شريطة مسامية جراحية خاصة، وفي حال تم استخدام الضمادة فيمكن إزالتها بعد مرور 48 ساعة، ولكن في حال استخدام الشريطة المسامية الجراحية فيجب تركها حتى تنزل من تلقاء ذاتها أو على الأقل بعد مرور سبعة إلى عشرة أيام على وضعها، ويجدر الذكر أنّ ظهور الندبة في موضع العملية أمر وارد، وعادة ما تحتاج هذه الندبة مدة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة شهور حتى تلتئم على أتمّ وجه، وتجدر الإشارة إلى احتمالية حدوث انتفاخ في موضع العملية الجراحية قد يستمر لعدة أسابيع بعد انتهائها، وإنّ حدوث هذا الانتفاخ أمر طبيعي للغاية، فعادة ما يختفي مع مرور الوقت، ويجدر التأكيد على ضرورة اتباع تعليمات الطبيب فيما يتعلق بكيفية ووقت التغيير على ضمادة العملية.
- نصائح أخرى: يحدد الطبيب حاجة المريض لاستخدام أي أدوية بعد العملية وفقاً لحالته الصحية، ويخبره بالوقت المناسب للبدء بتناول هذه الأدوية والجرعة المُوصى بتناولها، وينبغي الالتزام بأي أدوية يوصي بها الطبيب وكافة تعليماته، ومن الأمثلة على الأدوية والمكملات التي يمكن أن يوصي بها الطبيب:
- يمكن أن يوصي الطبيب في بعض الحالات بتناول مكملات الكالسيوم وفيتامين د لمنع انخفاض مستوى الكالسيوم بعد العملية، ومن العلامات التي تدل على انخفاض الكالسيوم: الخدران حول الفم أو التشنج والخدران في اليدين أو الساقين.
- استخدام الأقراص الدوائية التي تحتوي على هرمون الغدة الدرقية المصنّع في حال الاستئصال الكلي أو شبه الكلي للغدة الدرقية، وفي عدد قليل من حالات الاستئصال الجزئي للغدة الدرقية، ونؤكد هنا على ضرورة الالتزام بتناول الدواء وفق تعليمات الطبيب حتى لا تظهر على المصاب أعراض خمول الغدة الدرقية، والخضوع لفحوصات الدم التي تقيّم مستوى هرمونات الدرقية في الدم وفقاً لتعليمات الطبيب.
مراجعة الطبيب
نهيب بضرورة مراجعة الطبيب في حال ظهور أي من العلامات والأعراض التالية والتي قد تشير لاحتمالية حدوث أحد المضاعفات النادرة لاستئصال الغدة الدرقية:
- مواجهة صعوبة في التنفس، أو انتفاخ في الرقبة يستمر بالتزايد.
- خروج قيح أصفر اللون أو سميك، أو في حال كان موضع الجرح دافئاً وأحمر اللون، أو في حال عانى المصاب من الحُمّى.
- الشعور بألم لا يخفّ على الرغم من استخدام الأدوية المُسكّنة.
- النزيف أو السعال المصحوب بخروج إفرازات دموية.
- الشعور بالخدر حول الفم، أو الخدر أو التشنج في اليدين أو الساقين.
هل يؤثر استئصال الغدة الدرقية في الجهاز المناعي؟
في الحقيقة لا تؤثر أمراض الغدة الدرقية أو استئصالها والعيش دون غدة درقية في وظيفة الجهاز المناعي، كما أنّ العلاج التعويضي بهرمون الغدة الدرقية في حال أوصى به الطبيب لا يؤثر أيضاً في وظيفة الغدة الدرقية.