مشاكل المراهقة
المراهقة
تُعرف المراهقة على أنّها المَرحلة الفاصلة بين الطفولة والرشد المُبكّر، وتَظهر غالِباً بعد حدوثِ البلوغ عند الذكر أو الأنثى، وتبدأ عادةً في سن الثانية عشر وقد تمتدّ إلى الحادي والعشرين.
إنّ المُراهقة كمرحلةٍ من أهمّ المَراحل العمريّة التي يمر بها الإنسان وأكثرها حساسيّةً؛ وذلك كونها مرحلة انتقاليّة تسير بالفرد من مرحلة الطفولة والوَداعة إلى مرحلة الشباب والرّشد، فهي مرحلة نمائيّة كباقي المَراحل الأخرى، إلّا أنّه يتخلّلها تغيير شامل وجذري في جميع الجوانب والظواهر الجسميّة والعقليّة والانفعاليّة والاجتماعية، أمّا فترة المراهقة قد تُعدّ بشكلٍ عام أزمةً عمريّة قد تَنشأ بسببِ الكثيرِ من العوامل إمّا بسبب العوامل الداخليّة والخارجية، أو بسبب الخلل الكبير في طُرق المعالجة والتفاعل مع بعض المشاكل التي قد يتعرَّض لها المراهق أو المراهقة.
مميزات مرحلة المراهقة
تتميز مرحلة المراهقة بالنموّ المُتسارع مقارنةً مع المَرحلة السابقة لها والمرحلة التي تليها، فيظهر النموّ والنُّضج في كافة الجوانب والأبعاد الشخصية ، كذلك يسير الفرد نحو التقدم النمائي ومُستويات مُرتفعة من النضج الانفعالي والاجتماعي، وارتفاع القُدرة على تحمُّل المسؤولية وتقييم الذات من خلال إدراكِ القدرات والاستعدادات والإمكانات الذاتيّة التي تصقلها الخبرات وتجارب النجاح والفشل المُختلفة، وتَطوير مهارات التفكير والتخطيط للمستقبل، واتّخاذ القرارات بما يتعلّق بالقَضايا المصيريّة التي تمسّ حياة الفرد الخاصة، بالإضافة إلى تقدّم النمو بشكلٍ مُتسارع في الجوانب الجسميّة والجنسيّة.
مشاكل المراهقة
يُواجه المُراهق الكثير من المشاكل قد يكون منشأها داخلي أو خارجي؛ فهذه المَشاكل قد تحول دون الاستقرار النفسي للمُراهق بالإضافة إلى الخلل في عمليّة التوافق الذاتي والاجتماعي، وقد قُسّمت هذه المشاكل على الشكل الآتي:
مشاكل ذاتية
هي المشاكل التي من المُمكن أن تكون ذاتيّةً ونفسيّة المنشأ، وهي:
مشاكل متعلقة بالذات والمظهر الخارجي
يُراقب المُراهق مظهره الخارجي باستمرار ويهتمّ به بشكلٍ كبير، فيترصّد جميع أنواع التغيّرات والتطورات العضوية والفسيولوجية التي من المُمكن ملاحظتها على المظهر العام مع تقدّمه بالسن خلال فترة المراهقة ، كما تتجلّى في ردات فعل الآخرين من حوله على هذه التغيّرات الجسمية، وفي هذه المرحلة بالتحديد يبدأ الصراع النفسي مع الجسم، فيظهر إمّا بالغُرور والتعالي إذا كان يتميّز بالوسامة والأناقة، أو بالانسحاب والتبرير والأساليب الدفاعيّة لتعويض الشعور بالنقص، وينتج عن هذا الصراع الكثير من الصّفات والسمات الإيجابيّة أو السلبية تظهر باستجابات الفردِ مع من حوله.
مشاكل ناتجة عن الشعور بالخوف
قد يُعاني المُراهق من مخاوفَ عديدة تجعل منه فرداً قلقاً وغير مستقر، وقد تكون هذه المَخاوف من الوالدين في المنزل والمُعلّمين في المدرسة، بالإضافة إلى الخوف من الفشل الأكاديمي والخوف من الإخفاق، وتظهر لدى المراهق أيضاً مقاومة للمَخاوف الناتجة عن المَشاكل الاقتصاديّة، والفراغ الديني، والنظرة غير السويّة للمجتمع والأصدقاء التي تظهر بالسخرية والازدراء وتأنيب الضمير إزاء بعض الأخطاء التي تمّ ارتكابُها كالغش في الامتحانات أو توجيه الإساءات للآخرين، يُضاف إلى ذلك جميع المشاعر والأحاسيس السلبيّة النّاتجة عن الرّغبة الجنسية المكبوتة، والسّعي المُستمر إلى الاستقلال التام والحرية، وينتج عن كلّ ذلك الخلل في التوافق النفسي والذاتي وبالتالي العجز عن تحقيق الوصول إلى المستوى المطلوب من التوازن، وبذلك يُصبح المراهق فرداً متهوّراً وانفعالياً، أو قد يُصبح شخصاً انسحابيّاً منعزلاً وعدوانياً، ويعتمد تباين استجابات المراهق على الأساليب السويّة للتنشئة الإسلاميّة والصحية السليمة.
مشكلة عدم التوافق النفسي
إنّ مشكلة انعدام التوافق النفسي هي من أهمّ المشاكل وأخطرها التي من الممكن أن يتعرّض لها المراهق فتجعله متخبّطاً وهائجاً، وينتج عنها الكثير من المشاعر السلبية؛ كحالات البكاء والحزن، والقلق ، والضيق المستمر، وغياب الاستقرار والأمان، وشدّة الاستجابات الانفعاليّة المبالغ بها، بالإضافة إلى عدم استقرار العَلاقات مع الآخرين وتذبذبها، ويترتّب عن كلّ ما سبق فُقدان الشعور بدوره في الحياة، وشعوره بالفراغ والعزلة والوحدة، وافتقار التوازن والعزلة الوجدانيّة، والافتقار العاطفي، والشعور المستمر بأنّ حياته مُهدّدة بالأمراض والحروب، وجميع أنواع المخاطر مع انعدام وجود أحد يحميه.
إنّ الخلل في التوافق النفسي يؤثّر بشكل سلبي ومُباشر على الأشكال الأخرى للتوافق؛ كالتوافق الاجتماعي، والتربوي، والعضوي؛ فالمطلوب في هذه المرحلة هو تحقيق حالة من الاتزان الذاتي، والنفسي، والاجتماعي، والانفعالي عن طريق التنشئة الاجتماعية والأسريّة السويّة، والتدريب على عمليّات التطبّع والتكيف، فكلما كان المراهق قادراً على تفهّم وتقبّل ذاته كان أكثر قدرةً على التكيُّف والتوافق مع الذات والبيئة.
مشاكل خارجية
تَختلف مرحلة المراهقة من فردٍ إلى آخر حسب الاختلافات الثقافيّة والحضاريّة والبيئة الجغرافية بالإضافة إلى الأثر الواضح للقِيَم والأديان والمُعتقدات؛ فالمُراهق في المجتمع الريفي يَختلف عن المُراهق في المجتمع الحر، فتظهر هذه الاختلافات في مستوى تلبية الحاجات المُختلفة والفرص المتاحة لإشباعها، كذلك فإنّ مَرحلة المُراهقة تتأصّر بالخبرات السابقة التي مرّ بها الفرد في مرحلة الطفولة، إذاً فإنّ المُراهقة هي نتيجة لسلسلة المُثيرات البيئيّة والثقافية والحضارية . يُمكن شرح مُشكلات المُراهق البيئية الخارجية من خلال الآتي:
- علاقة الفرد مع الأسرة: تظهر عادةً بما يُسمّى صراعُ الأجيال والاختلاف المُتباين في وجهات النظر، وعادةً يَكون صراع المراهق مع الأسرة حول الدّراسة وكيفيّة ملء أوقات الفراغ وتضييع الأوقات فيما لا يُفيد، والفشل الدراسي والتّقصير في أداء الواجبات المنزليّة والمدرسية، وتشتدّ حدّة هذا الصراع عند رغبة الفرد في الاستقلاليّة التامّة عن الأسرة، والتمرّد على سلطة الوالدين.
- علاقة الفرد مع المجتمع: من المفروض أن تقوم علاقة الفرد مع مجتمعه على أساس التفاهم والعَطاء المُتبادل، والانفتاح على الخبرات والتجارب الاجتماعيّة الجديدة والتفاعل معها بشكلٍ إيجابي، ويظهرُ بذلك أنّ التنشئة السليمة التي تعتمد على التهذيب والتوعية والمساعدة على التكيف، وأيّ خللٍ وظيفيّ يُصيب أحد عناصر العملية التفاعلية بين الفرد والمجتمع ينتج عن وجود اضطرابٍ في عمليّة توافق الفرد اجتماعياً يدفعه إلى العزلة والانسحاب والانطواء وتوليد المشاعر السلبية تجاه الآخرين.
شاركنا برأيك عبر: قضية للنقاش🤔
كيف تعاملت كأب أو أم مع المشاكل التي حدثت مع أبنائك المراهقين وبماذا تنصحني كوني على مشارف هذه المرحلة مع أبنائي؟