مراحل نزول الوحي
مراحل نزول الوحي
نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في مكة وفي غار حراء، وكان لنزوله ممهدات سبقته، عملت كتمهيد وإعداد للنبي ليستطيع تحمل عبء وثقل وصعوبة أمر الوحي، وكانت مراحل نزول الوحي وفقًا للآتي:
الرؤيا الصالحة
مرّ النّبي محمّد -عليه الصّلاة والسّلام- في بداية بعثته واصطفائه بمراحل في الوحي والنّبوة، وكانت أولى هذه المراحل مرحلة الرّؤيا الصّالحة في المنام، وكانت هذه المرحلة قبل البعثة، وقد استمرت لمدة ستة أشهر.
حيث كان النّبي -صلى الله عليه وسلم- يرى في منامه رؤىً تتحقّقُ على أرض الواقع كفلق الصّبح، ولأنّ الرّؤيا الصّالحة هي جزءٌ من ستّة وأربعين جزءًا من النّبوة، يقول -صلى الله عليه وسلم: (الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِن سِتَّةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ)،
فقد كانت تلك المرحلة والعلامة إيذانًا باصطفاء الله تعالى له -عليه الصّلاة والسّلام-، وفيها إيذان باختياره لحمل رسالة الإسلام إلى العالمين.
تأهيل النبي لنزول الوحي
حبّب الله إلى النّبي الكريم بعد هذه المرحلة الخلاء والبعد عن النّاس، فكان -عليه الصّلاة والسّلام- يلجأ إلى غارٍ شرق مكّة المكرمة اسمه غار حراء يتعبّدُ فيه ويتحنّث.
وكان يقضي فيه اللّيالي ذوات العدد، ورافق ذلك نكرانه لعبادة أهل مكة ودينهم، وعزوفه عما كان يفعله قومه من عبادة الأصنام، وشرب الخمر وغيرها من المنكرات.
كما كانت زوجتُه خديجةُ -رضي الله عنها- تعدُّ ما يحتاج إليه في هذا الغار من الزّاد الذي يتقوّى به وتذهب إليه به، وهذه المرحلة الثّانية كانت مرحلةً أخرى تدلّ على اصطفاء الله تعالى له، وإعداده للمهمّة الجليلة العظيمة التي سيقوم بها فيما بعد، وإن لم تتعلق بمراحل الوحي إلا أنها ممهدة لنزول جبريل بالرسالة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
نزول جبريل -عليه السلام-
جاءت بعد ذلك مرحلةُ الوحي؛ حينما نزل جبريل عليه السّلام إلى النّبي محمّد -عليه الصّلاة والسلّام- وهو يتعبّد في غار حراء، وقد أصاب النّبي الكريم يومَها الفزع.
إذ جاءه جبريل وهو في الغار، وكان في يده صحيفة، فقال له: اقرأ، فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم، ما أنا بقارئ، فضمه جبريل ضمة شديدة، ثم أرسله وقال له: اقرأ، فأجابه النبي: ما أنا بقارئ.
فعاد وضمه ثم أرسله وقال له: اقرأ، فأجابه النبي: ما أنا بقارئ، فأخذه جبريل وضمه، ثم أرسله، وبلغه أوائل آيات سورة العلق، وهي قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ* اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ).
عاد النبي إلى زوجته السّيدة خديجة وهو يرتجف خوفًا، ويردّد: زمِّلوني زمِّلوني، ثم أخبر زوجته بما رآه، وأخذته لابن عمها ورقة بن نوفل الذي أخبره بأنه الناموس الذي نزل على موسى وعيسى -عليهما السلام-.
ثمّ انقطع عنه الوحيُ فترةً من الزّمن، ثمّ عاد إليه واستمرّ بالنّزول حتّى وفاته وانتقاله إلى الرّفيق الأعلى.