مراحل تكوين الجنين في القرآن
مراحل تكوين الجنين في القرآن
لقد وصف الله -تعالى- مراحل خلق الجنين في القرآن في مواضع عدة منها قوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).
إنّ طورِ الإنسان يَمر بِعدّةِ مَراحِل أساسيّة مُتسلسلة وَهِيَ:
خلق الإنسان من طين
لقد خلق الله -عزَّ وجلَ- الإنسانَ من ترابٍ؛ ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ)، ويُمكن القول بأنَّ أصل خلقِ الإنسانِ هو الطينٍ، وهذا ما أخبر عنه الله -عزَّ وجلَّ- في القرآن الكريم، حيث قال -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ).
النطفة
والنطفةِ مَعناها هِيَ تخالُطِ ماءِ الرّجُل مَع ماءِ المرأة عَن طَريقِ الجماع؛ بحيث يصبحان نُطفَة، ولا يخترِقُ بويضة المرأة سِوى حيوان منوي واحِد لِتَكوين بُويضَة مُلقّحة تُعرفُ بالنطفة، وبعدَ مرور 14 يوماً تتَكَوّن العَلَقَة، وقد قال الله -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ).
العلقة
ذُكِرت كلمَةِ عَلقة خمس مرّاتٍ فِي القرآن الكريم، وَهِيَ تَشبيه بقطعَةِ العلق؛ كالدمِ الجامد أو كالدودة التي تَعيشُ فِي البِرَك والمُستنقعات، وَهُوَ أقرَبُ وَصفٍ لِطورِ الإنسان عِندَما تتكاثر الخلايا، وَتنقَسِم لِتُصبِحَ عبارَة عَن كُتلَةٍ مِنَ الخلايا وَتَتَعَلّقُ بجدارِ الرّحِم.
وَيبقَى هذا الطَور إلى اليوم الأربعين، وقال الله -تعالى- : (ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى)، وما يُمَيّز العلقة أنّها تتكوّن مِن طبقتين خارجيّة (مُغَذية وآكلة)، وداخِليّة (وَهِيَ التي يَخلِقُ فِيها الله الإنسان).
المُضغَة
ذُكِرَت كلمَةِ مُضغَة فِي القرآن الكريم ثلاث مرّاتٍ، وَهِيَ تَدل على قِطعَةٍ صَغيرَة مِنَ اللّحم بقدرِ ما يَمضَغَهُ الإنسان، وتبدأ هذِهِ المَرحَلة فِي الأسبوع الثالث بمرحلتين هُما:
- مضغة غير مخلّقة: تبدأ مِنَ الأسبوع الثالث حَتّى الرابع، ولا يكونُ في هذه المرحلة هُناكَ أي ظُهورٍ لأيِّ عُضو وجِهاز.
- مُضغَة مُخَلّقة: تبدأ هذِهِ المَرحَلة مِن بِدايةِ الأسبوع الرابع حَتّى الشهر الثالث، وهناك تَغيّراتٍ مُدهِشَة للجنين، وَتَنمُو الخلايا وتتمايز ليصبح عِبارة عَن إنسان قويم صغيرُ الحَجِم.
والدليل على ذلك قَولِ الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ...).
العظام
قال الله -تعالى-: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا)، فِي هذا الطور تتَحَوّل قِطعَةِ المُضغَة وَهِيَ عِبارَة عَن قِطعَةِ لَحِم إلى هيكَل عَظمِي فِي الأسبوع السابعِ تَحديداً ليكُونَ على شَكلِ صُورَةٍ آدَميّة.
كساءُ العظام باللحمِ والعضلات
قال الله -تعالى-: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا)، فهذِهِ الآية تَدُلُّ على أنّ العظام تَتَكَوّن فِي البداية؛ وَمِن ثُمّ يَكسُوها الله تعالى بالعَضلاتِ والّلحِم، وَيبقَى هذا الطور إلى نِهايَةِ الشهر الثاني (الأسبوع الثامن)، وَيبدأ بعدَها تَكوّن الجنين ونشأتهِ، وينتَهِي طَورِ الأجنّة بِحَسَبِ ما يَصِفَهُ العُلماء.
نفخ الروح في الجنين
نفخ الروح هي المرحلة الأخيرة من مراحل خلقِ الإنسانِ، وقد بيَّن الله -عزَّ وجلَّ- اختلاف هذه المرحلة عمَّا سبقها من مراحل؛ حيث قال -تعالى-: (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).
ويرجعُ سر الاختلافُ في هذه المرحلة إلى أنّ حياة الجنين تبدأ في هذه المرحلة، يتحول الجنين فيها من قطعة دم جامدة إلى كائن حي يشعر ويتأثر،وقد قال العلماء أنّ نفخ الروح في الجنين يكون في اليوم الثاني والأربعين، أو بعد اليوم المئة وعشرون.