مراحل النمو عند المراهق
المراهقة
تعرف فترة المراهقة بأنّها الفترة العمريّة المُمتدّة من عمر خمس عشرة سنة، ولغاية بلوغ الواحدة والعشرين من العمر، وتعتبر من أكثر مراحل العمر تقلّباً وصعوبةً، وتشكّل الاختبار الأوّل للحياة المستقبليّة، حيث يعتمد مستقبل الفرد وكثير من قراراته على أفعاله خلال فترة المراهقة، ولهذا لا تعد مرحلة المراهقة مرحلة نضوج كامل، وإنّما مرحلة تؤدّي تبعاتها وحوادثها إلى مرحلة النضوج، وسنتعرّف من خلال هذا المقال إلى مراحل النمو عند المراهق.
مراحل النمو عند المراهق
النمو الجسماني
يعرف النمو الجسماني بأنّه مجموعة التغيّرات التي تحدث خارجيّاً لإنسان، مثل تغيّر طوله وعرضه ووزنه، وغيرها من الصفات، وتعتبر التغيّرات التي تحدث في جسم الإنسان خلال النمو، مهمّة جدّاً ولها أثرها في تكوين شخصيّة الإنسان، وغالباً ما تظهر هذه التغيّرات خلال مرحلة المراهقة وتظهر بسرعة، وتبدأ هذه المرحلة لدى الإناث ما بين سن العاشرة أو سن الرابعة عشر، وحتّى بلوغ الثامنة عشر، أمّا لدى الذكور فتبدأ من عمر اثنتي عشرة سنة أو خمس عشرة سنة، ولغاية سن العشرين، وهناك عاملان يؤثّران على النمو الجسدي: العوامل الداخليّة، وهي الوراثة، والعوامل الخارجيّة، وهي البيئة، وكلاهما يؤثّر ويتأثّر بالآخر، ومن هذه التغيّرات الجسمانيّة ما يأتي:
- زيادة طول الذراعين بسرعة مع زيادة طول الجذع والساقين، إلا أنّ الذراعين عادةً ما تسبق نمو الأرجل.
- زيادة وزن الجسم بالتزامن مع زيادة نمو العضلات والعظام، وتبدأ ملامح الطفولة بالاختفاء، ويتغيّر شكل الوجه قليلاً، فيبدو الأنف كبيراً وضخماً، كما يتوسّع الفم وتتصلّب الأسنان، وفي بعض الأحيان يصبح الفك العلوي متقدّماً عن الفك السفلي، إلا أنّ كل هذه التغيّرات تستقر ويتناسق شكل الوجه عند اكتمال النضج وبلوغ سن الرشد.
النمو الفسيولوجي
لمظاهر النمو الفسيولوجي عند المراهق تأثير كبير على سيكولوجيّة المراهق، حيث يمر بعدّة تغيّرات سيكولوجيّة في الأجهزة الداخليّة للمراهق منها:
- نمو الغدد الجنسيّة: حيث يزيد نشاط الغدد الجنسيّة لدى الإناث والذكور، ويرافقها نمو للأعضاء الجنسيّة.
- تبدّلات في إفرازات الغدد الصمّاء: حيث تلعب الغدد الصمّاء دوراً هامّاً في التغيّرات الفسيولوجيّة التي تحدث لدى المراهقين، فالغدد النخاميّة لها أثر كبير على النمو بشكل عام، وعلى هرمونات الغدد الجنسيّة، بالإضافة إلى نمو العظام، مع العلم بأنّ كلّاً من الغدّة الصنوبريّة والغدّة التوتية تضمران خلال فترة المراهقة، أمّا الغدّة الدرقيّة فتزيد إفرازاتها خلال فترة المراهقة، ثمّ تقل عند بلوغ سن الرشد.
- تطوّرات عضويّة في الأجهزة الداخليّة: ينمو القلب عند البلوغ بمعدّل أكبر من نمو الشرايين، بالإضافة إلى زيادة طول المعدة وسعتها، ممّا يؤدّي إلى زيادة الشهيّة للأكل، وخصوصاً لدى الشباب، وأحياناً يحدث العكس لدى الإناث فتقل شهيّتهن للطعام.
- تغيّرات جنسيّة ثانويّة: متل التغيّرات التي تحدث في الصوت والشكل أثناء فترة المراهقة.
النمو الجنسي
للنمو الجنسي أهمّية كبيرة في حياة الأشخاص بشكل عام، والمراهقين بشكل خاص، فالنمو الجنسي مقترن بالنمو الجسماني والفسيولوجي، بالإضافة إلى النمو والتطور الانفعالي والاجتماعي، ويمر النمو الجنسي بثلاث مراحل خلال فترة المراهقة:
- ما قبل البلوغ: وتظهر خلال هذه الفترة بدايات النمو الجنسي، حيث يشوبها الشعور بالقلق؛ بسبب التغيّرات الطارئة التي سيشعر بها المراهق، ولهذا ستزيد الرغبة لديه بالحاجة للإشباع الجنسي، ويبدأ بالتعبير عن هذه الرغبة بتكوين علاقات مع الآخرين، وخصوصاً الأكبر سنّاً، سواء من الجنس نفسه، أو من الجنس الآخر.
- البلوغ: وتبدأ خلال هذه المرحلة الغدد الجنسيّة في أداء وظائفها، ولكن ليس للدرجة التي يكون فيها المراهق ناضجاً ليمارس علاقات جنسيّة، فتبدأ فترة الدورة الشهريّة لدى الإناث، والحيوانات المنويّة لدى الذكور، ويصبح كلّ جنس ميّال للجنس الآخر، وتكوين علاقات معه.
- ما بعد البلوغ: وهي مرحلة النضوج الجنسي، وفيها يكون المراهقون قادرين على أداء وظيفتهم الجنسيّة بشكل كامل، بسبب نضوج الوظائف العضويّة للأعضاء التناسليّة بشكل تام.
النمو الحركي
ينمو جسم المراهق خلال المرحلة الأولى من فترة المراهقة بشكل سريع جدّاً، ونتيجة هذا النمو المتزايد وغير المتوازن، يميل بعض المراهقين إلى الشعور بالكسل والخمول، وقلّة النشاط والحركة أيضاً، كما تكون حركاتهم غير دقيقة، وتتميّز بعدم اتّساقها مع بعضها، فيصطدم بعض المراهقين بكثير من الأشياء أثناء سيرهم، أو قد تسقط الأشياء التي يحملها بين يديه، وبالإضافة لكون التغيّرات الجسمانيّة سبباً في عدم الاتّساق الحركي، فإنّ تعرّضه لتعليقات البالغين ونقدهم، وزيادة المسؤولية الاجتماعيّة الملقاة عليه، تسبّب الشعور بالارتباك وعدم القدرة على الاتّزان، إلا أنّ هذه الأعراض تختفي عند الوصول لمرحلة الرشد.
النمو الانفعالي
هناك مجموعة من الانفعالات التي ترافق عمليّة نمو الأعضاء الداخليّة، مثل المشاعر الوجدانيّة، والتغيّرات الفسيولوجيّة والكيمائيّة، بالإضافة إلى تأثيرات العالم الخارجي، والبيئة المحيطة بالمراهقين في هذه الانفعالات، حيث تعتبر من أكثر المثيرات لانفعالاته، فضلاً عن أنّ المراهقين بشكل عام يكونون أكثر عنفاً خلال مرحلة المراهقة، ومن أكثر العوامل أهمّية في التأثير على هذه الانفعالات أثناء فترة المراهقة ما يأتي:
- التغيّرات الجسمانيّة التي تحصل للمراهق.
- نمو الإمكانيّات العقليّة، وتأثيرها على انفعالات المراهق وردّة أفعاله.
- شعور المراهق بالتوتّر والحرج أثناء مخالطته للجنس الآخر.
- تأثير طبيعة العلاقات الأسريّة الموجودة بين الأبوين والأخوة والأقارب، ونوع التفاعل فيما بينهم أثناء فترة الطفولة و مرحلة المراهقة، على النمو الانفعالي للمراهق.
- أحياناً يظهر نمو انفعالي ديني لدى المراهقين، ممّا يدفعهم للتشكيك بالقيم الدينيّة، مع زيادة مشاعر تأنيب الضمير، والشعور بالإثم والخطيئة بسبب ما يقوم به من أخطاء قد تكون معارضة للقيم الدينيّة.
النمو الاجتماعي
يعتبر الوصول إلى التكيّف الاجتماعي من أهم متطلّبات النمو خلال مرحلة المراهقة، فالمراهق الذي تكون له قاعدة شعبيّة واجتماعيّة أثناء مرحلة الطفولة، ستزيد المطالب والضغوطات الاجتماعيّة الجديدة عليه للتكيّف مع المراهقين الآخرين، وقد يفشل بعض المراهقين في ذلك ممّا يدفع بعضهم لوقف محاولات التكيّف مع الآخرين، والاكتفاء بعلاقات شبيهة بتلك التي كانت خلال مرحلة الطفولة، وقد يتعرّض أحياناً بعض المراهقين لضغوطات من أقرانهم تسبّب لهم كثيراً من الصعوبات، وخصوصاً بسبب اقتران هذه المرحلة ببعد المراهق عن أهله ومنزله، وقضائه أغلب الأوقات مع أصدقائه، وبالتالي يزيد تأثير هؤلاء الأصدقاء بأشكاله الإيجابيّة والسلبيّة، سواء على ميوله أو قيمه أو سلوكه، ممّا يضطر المراهقين أحياناً إلى اتّباع سلوك مجموعة الأصدقاء، وإن كان خاطئاً؛ رغبةً منهم بالحصول على القبول الاجتماعي الذي يرغبون به.