مدينة البندقية في إيطاليا
نبذة عن مدينة البندقية في إيطاليا
تُعدّ مدينة البندقية أو مدينة فينيسيا (بالإنجليزية: Venice) إحدى مدن دولة إيطاليّا ، وهي عاصمة كلّ من مقاطعة فينيسيا وإقليم فينيتو (Veneto)، وتتكوّن من مجموعة كبيرة من الجزر الصغيرة التي ترتبط فيما بينها بالجسور والقنوات المائيّة، وتُستخدَم القوارب للتنقّل فيها، وتتميّز البندقية بطابع معماريّ فريد من نوعه، ونظام بيئيّ مميّز، وتاريخ عريق، فقد كانت بمثابة حلقة الوصل الثقافية والتجارية بين قارتَيّ أوروبا وآسيا في فترة القرون الوسطى، كما شكّلت ميناء بحريّاً منذ تلك الفترة والذي ما زال يمتلك مكانة خاصّة حتى اليوم كميناء رئيسي في منطقة شمال البحر الأدرياتيكيّ (Adriatic Sea).
تسمية مدينة البندقية في إيطاليا
خضعت مدينة البندقية في وقت ما من تاريخها الطويل لحُكم سلطة الدوق، ولذلك أُطلق عليها اسم الدوقيّة، وحسبما جرت العادة، فقد وصف والي المنطقة آنذاك دوقيته بوصف نبيل هو "الخيّرة أو الفاضلة" (بالإيطالية: BUON)، ومن هنا جاءت تسمية المدينة بالكلمة المركّبة "بون دوقية" التي تعني الدوقية الخيّرة، ثمّ مع مرور الوقت تمّ اختصار الاسم إلى بندقية، أمّا تسمية المدينة باسم فينيسيا فإنّه يعود إلى السكّان الأوائل من قبيلة فينيتو (Veneti) التي تُعدّ قبيلة هندية أوروبية هاجرت إلى المنطقة التي توجد بها مدينة البندقية اليوم منذ نحو 1,000 عام قبل الميلاد.
ولمعرفة مزيدٍ من المعلومات حول تسمية مدينة البندقية، يمكنك قراءة مقال لماذا سميت مدينة البندقية بهذا الاسم .
جغرافيّة مدينة البندقية في إيطاليا
تقع مدينة البندقية (Venice) في قارّة أوروبا ، وتحديداً في الركن الشمالي من دولة إيطاليا، وتوجد في الطرف الشماليّ الغربيّ للبحر الأدرياتيكي (Adriatic Sea)، وتقع في بحيرة البندقية التي تتّخذ شكل الهلال وتمتدّ على مسافة 51 كم من مدينة جيسولو (Jesolo) في شمال البلاد ووصولاً إلى مدينة كيودجا (Chioggia) في المنطقة الجنوبية، أمّا من الناحية الفلكية فتقع مدينة البندقية عند تقاطع دائرة عرض 45.4º شمالاً مع خط طول 12.3º شرقاً.
تقع مدينة البندقية على ارتفاع يبلغ نحو 5 م فوق مستوى سطح البحر، وتُمثّل منطقة ريالتو مركزها والمنطقة الأعلى فيها، كما تشكّل جزيرة ليدو (Lido) الممتدّة على مسافة تبلغ ما يُقارب 13كم حاجزاً طبيعياً بينها وبين البحر، وتضمّ البندقية ضمن حدودها القناة المائية الكبرى (Grand Canal) التي تقسم المدينة إلى جزأين رئيسيين.
يسود مدينة البندقية المناخ القاريّ المعتدل، إذ تظهر الأجواء الباردة والرطبة خلال فصل الشتاء، أمّا فصل الصيف فتكون الأجواء فيه حارّة مشمسة ورطبة ولكنّها لطيفة نوعاً ما بسبب النسيم القادم من البحر الأدرياتيكي، ويبدأ فصل الخريف في مدينة البندقية بأجواء لطيفة مع وجود العديد من الأيام المشمسة، أمّا فصل الربيع فيتميّز ببعض الأجواء غير المستقرّة.
ولمعرفة مزيدٍ من المعلومات حول جغرافية وموقع مدينة البندقية، يمكنك قراءة مقال أين توجد مدينة البندقية .
تاريخ مدينة البندقية في إيطاليا
تأسسّت مدينة البندقية بعد انتهاء حكم الإمبراطورية الرومانية الغربية، ثمّ في عام 584م أصبحت المنطقة جزءاً من إكسرخسية رافينا (exarchate of Ravenna) البيزنطية، وعند انتهاء الحكم البيزنطي في عام 641م انتقل مركز السلطة إلى إحدى جزر بُحيرة البندقية، وفيما بعد شكّل دوق البندقية (doge Obelerio) تحالفاُ مع دولة إيطاليا ووضعت حينها مدينة البندقية تحت حكم الملك بيبين (king Pippin)، وبعد ذلك ازدهرت التجارة في المدينة وتطوّر الوعي القوميّ فيها حتى أصبح اختيار الدوق يتمّ عبر الانتخابات العامّة وذلك في القرن التاسع الميلادي، ثمّ خضعت البندقية في الفترة المحصورة بين عاميّ 1140-1160م لتغيير جذريّ في هيكلها السياسيّ تماشياً مع احتياجاتها المتزايدة ونموّها الاقتصاديّ وأعلنت نفسها كجمهوريّة، وبذلك تراجعت صلاحيات الدوق وأصبحت السلطة في يد البلديّة، وقد نالت البندقية بعد ذلك السيطرة على الطرق التجاريّة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط .
توجّهت أنظار مدينة البندقية نحو الأراضي الإيطاليّة، وبذلك توسّعت حدود البندقية حتى وصلت ذروة ازدهارها الاقتصادي والسياسي تحت حكم الدوق توماسو موسينيغو (Tommaso Mocenigo)، ولكن بين عامَيّ 1645-1669م خضعت البندقية للحكم التركيّ، ثمّ أصبحت جزءاً من الدولة اليونانيّة في عام 1699م، وجاءت نهاية جمهوريّة البندقية عند نشوء الثورة الفرنسيّة ، وفي عام 1797م أصبحت البندقية تابعة للنمسا، ثمّ في عام 1866م تمّ التنازل عنها لصالح إيطاليا التي أصبحت مملكة منذ عام 1861م.
بناء مدينة البندقية في إيطاليا
جاءت مجموعة من المهاجرين في عام 402م للاستقرار في الجزر التي توجد عليها مدينة البندقية اليوم، ومع مرور الوقت ظهرت حاجتهم إلى إيجاد مساحة أكبر للعيش فيها، فبدؤوا بالتوسعة من خلال حفر المئات من القنوات المائية، كما استخدموا الآلاف من الأعمدة الخشبية التي غُرست في قاع المياه بشكل متجاور لتدعيم هذه القنوات، ولتكون أساساً للقواعد المستوية المتماسكة التي سيتمّ إنشاؤها فوق المياه لتُبنى عليها العديد من الهياكل والمباني التي ما زالت قائمة حتى هذا اليوم.
ولمعرفة مزيدٍ من المعلومات حول بناء مدينة البندقية، يمكنك قراءة مقال كيف بنيت مدينة البندقية .
الفن المعماري في مدينة البندقية في إيطاليا
تحظى مدينة البندقية بتميّز معماري مدهش لا مثيل له، فهي مدينة مبنية بشكل كامل فوق الماء، وتظهر أبنيتها المبنية من الطوب بتصميم ريفي خشبي للأسقف، كما تظهر فيها عمارة الطراز البيزنطي في العديد من الأبنية مثل كنيسة سانتا ماريا بحكم تأثّر المدينة بالإمبراطورية البيزنطية قديماً، وإلى جانب ذلك تظهر القباب الفسيفسائية الذهبية، والأقواس الرومانية الموجودة في عدد من المباني التي تعود للفترة المحصورة بين القرنين السابع والتاسع الميلاديين، بالإضافة إلى الأعمدة الحجرية المبنية على طراز العمارة الرومانسكية، والهندسة الإسلامية المعقّدة للأرضيات الحجرية التي ظهرت في مباني القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، كما تميّزت مجموعة من مباني المدينة بطراز العمارة الباروكية، والقوطية، وعمارة فترة عصر النهضة ، وغيرها.
اقتصاد مدينة البندقية في إيطاليا
قام أساس الاقتصاد في مدينة البندقية سابقاً على التجارة البحرية، والمنتجات المحلية المتمثّلة في صيد الأسماك والطيور، واستخراج الملح من البحيرة، ثم توسّعت هذه التجارة مع مرور الوقت بشكل كبير لتشمل تصدير البضائع إلى دول كلّ من أوروبا، و الشرق الأوسط ، وآسيا، وفي ما بعد انتشرت العديد من الصناعات الهامّة مثل بناء السفن، وتصنيع الأشرعة، والمعدّات، وإنتاج سلع عالية الجودة من المنسوجات، والأثاث، والأواني الزجاجية، وغيرها، كما انتشرت الأنشطة الزراعية في البندقية، وبالإضافة إلى ذلك فقد ساهم ميناء المدينة في دعم اقتصادها من خلال الشحن التجاريّ، وكان لقطاع السياحة دور اقتصادي هامّ أيضاً من خلال توفير عدد كبير من فرص العمل لسكّان المدينة، وجني الأرباح العائدة من السيّاح والزوّار.
السياحة في مدينة البندقية في إيطاليا
تُعدّ مدينة البندقية أحد أبرز الوجهات السياحية في دولة إيطاليا، وقد أُدرجت ضمن قائمة مواقع التراث العالميّ التابعة ل منظمة اليونسكو (UNESCO)، ويقصدها العديد من الزوّار والسيّاح من مختلف أرجاء العالم سنوياً، كما يحظى قطاع السياحة فيها بتطوّر ملحوظ على مدى السنين، فقد بلغ عدد زوّار المدينة في عام 2011م نحو 3.5 مليون سائح، ثمّ ارتفع ليصل بحلول عام 2018م إلى حوالي 4.5 مليون سائح، ويعود الفضل في ذلك إلى وجود عدد كبير من المواقع والأماكن السياحية، مثل:
- قصر دوجي (Palazzo Ducale).
- قصر فونداكو دي تورتشي (fondaco dei turchi).
- قصر موسينيغو (ca' mocenigo).
- جسر ريالتو (Rialto Bridge).
- كنيسة سانتا ماريا (Basilica of Santa Mary).
- ميدان سان ماركو (Piazza San Marco).
- متحف كورير (Museo Correr).
لمزيدٍ من المعلومات حول السياحة في مدينة البندقية يمكنك قراءة مقال السياحة في فينيسيا ، وللتعرّف على أهم المعالم السياحية فيها يمكنك الاطّلاع على مقال أهم المعالم السياحية في فينيسيا الإيطالية .
ديموغرافية مدينة البندقية في إيطاليا
يقطن مدينة البندقية نحو 637,245 نسمة وفقاً لإحصائيات عام 2020م، وبمعدل نموّ بلغ 0.27%، وهي بذلك تحتلّ المرتبة الحادية عشر في قائمة أكبر المُدن الإيطالية من حيث عدد السكّان، وبأخذ المساحة الجغرافية التي تبلغ 414.57 كم بعين الاعتبار يظهر أنّ الكثافة السكانية في البندقية تبلغ 630 شخص/كم، كما يصل متوسط عُمر السكّان فيها إلى 46 سنة، أي أكبر بحوالي أربع سنوات عن متوسط عمر سكّان إيطاليا، ويتركّز مُعظم سكان البندقية في جزء اليابسة بنسبة تصل إلى 70% من إجمالي عدد سكان المدينة، كما يتركّز ما نسبته 8% منهم في الجزر، أمّا النسبة المتبقية وهي 22% فتتركّز في المنطقة التاريخية.
تتبع الغالبية العظمى من سكان مدينة البندقية إلى الديانة المسيحية الكاثوليكية الرومانية، مع وجود بعض المسيحين الأرثوذكسيين، وبسبب الهجرات القادمة إلى هذه المدينة فإنّها تضمّ أيضاً بعض من أتباع الديانات الإسلامية، و الهندوسية ، والبوذية، واليهودية، أمّا من الناحية العرقية فيظهر أنّ الغالبية العُظمى من سكان البندقية هم من أصول إيطالية، وبنسبة تصل إلى 91.14% من إجمالي عدد سكان المدينة، ويلي ذلك المجموعة العرقية الرومانية بنسبة 3.26%، ثمّ الجنوب آسيوية بنسبة 1.26%، والشرق آسيوية بنسبة 0.9%، وفيما يخصّ اللّغة فإنّ مُعظم سكان البندقية يتحدثون اللّغة الإيطالية، كما يتحدث البعض خاصّة العاملين في مجال السياحة بلغات أخرى، مثل الإنجليزية، والإسبانية، والألمانية، والفرنسية.
ولمعرفة مزيد من المعلومات حول دولة إيطاليا، يمكنك قراءة مقال دولة إيطاليا .