متى كانت حادثة الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج هو لفظٌ يطلق على رحلة قضاها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في ليلةٍ واحدةٍ، انتقل خلالها من مكة حيث بيته، إلى بيت المقدس في فلسطين، ثمّ ارتقى إلى السماوات العُلا مع جبريل عليه السلام، وقد التقى حينها بالعديد من الأنبياء، وتكلّم إلى الله -جل وعلا- ففرض عليه الصلوات الخمس ، ثمّ عاد مرّةً أخرى إلى مكة، وكل ذلك بقدرة الله -تعالى- وحكمته، ولقد عرّف العلماء لفظي الإسراء والمعراج لغةً واصطلاحاً، وذلك كما يأتي:
- تعريف الإسراء لغةً: هو مصدر من الفعل أسرى، والإسراء في اللغة هو السير ليلاً.
- تعريف المعراج لغةً: اسمٌ مفردٌ، جمعه معاريج، ومعارج، ومعناه المصعد والسلّم.
- تعريف الإسراء اصطلاحاً: هي الرحلة التي نقل الله -تعالى- بها نبيه من مكان إقامته في مكة، إلى المسجد الأقصى تحديداً في مدينة القدس.
- تعريف المعراج اصطلاحاً: هو عروج النبي صلّى الله عليه وسلّم، وارتقائه في طبقات السماوات العلا، حيث وصل إلى مستوى سمع فيه أصوات الأقلام تكتب الأقدار كما وصف النبي عليه الصلاة والسلام.
وقت وقوع حادثة الإسراء والمعراج
جرت أحداث إسراء النبي -عليه السلام- ومعراجه في بداية السنة العاشرة للبعثة النبوية، وقد كانت تلك السنة قد حملت الكثير من الصعوبات والمشاق في طريق الدعوة، وبلغ بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- من الكرب والهم الشيء الكثير، فقد توفيت زوجته خديجة رضي الله عنها، التي كانت تعينه وتنصره وتؤمن به، وتوفّي عمه أبو طالب، الذي صدّقه ومنع عنه شرّ قريش وأذاهم، ثمّ خرج النبي -عليه السلام- باحثاً عن مؤنس ومصدّق جديد له في الطائف، لكنّ الحال لم يكن كما أراد، فأطلق أهل الطائف على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عبيدهم وأطفالهم يلقونه بالحجارة والشتائم، حتى اشتدّ الكرب على النبي، وضاقت الحال أمامه، ففي تلك الظروف العصيبة أراد الله -تعالى- أن يكون الإسراء والمعراج، مؤنساً للنبي عليه السلام، ومطمئناً له، فإن كان أهل الأرض عادوه وكذبوه، فإنّ أهل السماء يحبونه ويصدقونه ويؤمنون به، فحينها كانت حادثة الإسراء والمعراج بإذن الله تعالى.
أحداث رحلة الإسراء والمعراج
كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ليلة الإسراء والمعراج نائماً في حجر الكعبة، فأتاه آتٍ، والرواية في صحيح البخاريّ ، فشقّ ما بين ثغرة رقبته إلى أسفل بطنه، ثمّ استخرج قلبه فملأه حكمةً وإيمانًا، ثمّ جيء للنبي -عليه السلام- بدابةٍ بيضاء، وهي البُراق، فركب النبي وجبريل عليهما السلام، ومشت الدابة في النبي وجبريل -عليهما السلام- كالبرق، إذ إنّ خطوة البراق تنتهي حيث ينتهي نظره، فوصلا بيت المقدس، ودخل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- المسجد الأقصى، فوجد فيه جميع الأنبياء ، فصلّى بهم ركعتين، ثمّ خرج من المسجد، فأتاه جبريل -عليه السلام- بإناءين أحدهما فيه خمر ، والآخر فيه لبن، فخيّره بينهما، فاختار الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- اللبن، فكان قد اختار الفطرة، ثمّ عرج النبي -عليه السلام- ومعه جبريل إلى السماء الدنيا، فاستفتحا فأُذن لهما، فكان فيها آدم عليه السلام، فسلّما عليه، ثمّ عرجا إلى السماء الثانية، فاستفتحا فأُذن لهما، فكان فيها عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام، فرحّبا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، ودعيا له بالخير.
ثمّ استمرّ معراج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ومعه جبريل -عليه السلام- في طبقات السماوات، فكان في الثالثة يوسف -عليه السلام- مُرحباً بهما، وفي الرابعة إدريس عليه السلام، وفي الخامسة هارون عليه السلام، وفي السادسة موسى عليه السلام، وكان في السماء السابعة أبو الأنبياء إبراهيم -عليه السلام- مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، وهو بيتٌ يدخله سبعون ألف ملك يومياً ولا يعودون، ثمّ انتقل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى سدرة المنتهى، فغشيها من الهيبة والعظمة ما غشيها، حتى تغيّرت فكانت في حسنها وبهائها كما لم تكن من قبل، وهناك أوحى الله -تعالى- إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فرضيّة الصلوات، فكانت في البداية خمسين صلاة ، فتشفع النبي -عليه السلام- لأمته إذ خشي عليهم من ثقل الخمسين صلاة كلّ يومٍ وليلةٍ، فلم يزل ربّه يخفّفها عنه حتى بلغت خمس صلواتٍ، فقضي أمر الله -تعالى- في عباده، ثمّ عاد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى فراشه قبل طلوع الصبح.
وصف سدرة المنتهى
ورد ذكر سدرة المنتهى التي توقّف عندها الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في القرآن الكريم، بقول الله تعالى: (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى*عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى)، ولقد وصف النبي -عليه السلام- سدرة المنتهى، وهي شجرة وصفها لأصحابه رضي الله عنهم، فقال فيها: (ثمّ رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قُلْال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى)، وفي وصفٍ آخر لحسنها وتغيّرها حين أتاها رسول الله عليه السلام: (ثمّ انطلق بي جبريلُ حتى نأتيَ سدرةَ المنتهى، فغشيها ألوانٌ لا أدري ما هي)، فهي شجرةٌ عظيمةٌ، ورقها كآذان الفيل لضخامتها، وثمرها كالقلال؛ أي بحجم جرةٍ كبيرةٍ، غشيها عددٌ كبيرٌ من الملائكة ، شبّههم رسول الله بالطيور أو الفراش، جميلة جداً بحيث لا يستطيع أحدٌ وصف جمالها، هناك حيث سدرة المنتهى جنّة المؤمنين المتقين، كما قال الله تعالى، ومنها ينبع أربعة أنهار، كما في الحديث عن رسول الله عليه السلام، اثنان في الدنيا، هما: النيل والفرات، واثنان باطنان في الجنة، يتنعّم فيهما من أذن الله -تعالى- له بدخول الجنة .