متى توفى البخاري
متى توفي البخاري
توفّي البخاري ليلة السبت وقت صلاة العشاء في سنة مئتين وست وخمسين في قرية قريبة من "سمرقند"؛ وقد بلغ من العمر حينها اثنين وستين سنة إلّا ثلاثة عشر يوماً، ودفن في اليوم التالي الموافق لعيد الفطر بعد صلاة الظهر، وقد بذل من حياته الكثير في سبيل العلم والعبادة وخدمة الإسلام والمسلمين، وقد ملئت حياته بالصبر والجهاد وتحمّل المشاق والصعاب في سبيل خدمة الحديث النبويّ الشريف، وقد خرج البخاري في آخر حياته إلى مدينته "بخارى" وقد استقبله أهل بلدته أفضل استقبال بعد أن كان مستقرّاً في مدينة "نيسابور"، ولكنّه لم يطل البقاء فيها؛ فاتّجه إلى "بَيِكَند" فترة، ثمّ اتّجه إلى مدينة "سمرقند" عند أقربائه في إحدى قراها المعروفة بقرية "خَرتَنك" التي انتقل فيها إلى رحمة الله -تعالى-، ويروي عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقنديّ عن البخاري قال: "جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتَنْك ـ قرية من قرى سمرقند على فرسخين منهاـ وكان له بها أقرباء فنزل عندهم، قال: فسمعته ليلة من الليالي وقد فرغ من صلاة الليل يدعو ويقول في دعائه: اللهم إنّه قد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك، قال: فما تمّ الشهر حتى قبضه الله -تعالى- إليه، وقبره بخرتنك".
مرض البخاري آخر حياته
يروي غالب بن جبريل -وهو الذي أقام عنده البخاري قبل وفاته- أنّه مرض وكان قد جاءه خبر من أهل سمرقند يطلبون منه الرجوع إليهم؛ فأجابهم واستعدّ للخروج ولبس خُفّيه، وقد ساعده الموجودون في الخروج فما استطاع أن يكمل عشرين خطوه؛ فقال: "أرسلوني فقد ضعفت"، ثم دعا الله -تعالى- بدعوات، ثم ّاضطجع ومات وقد سال منه عرق كثير، وقد أمر قبل وفاته بأن يكفّن في ثلاثة أثواب دون قميص أو عمامة، وقد وضع في أكفانه وصلى الحاضرون عليه، وقد فاحت من قبره بعد أن وضع فيه رائحة كالمسك بقيت أيّاماً.
وقد أثنى عليه الكثير من العلماء حيث بيّن الإمام ابن خزيمة بأنّه لم يرى بين الناس أعلم ولا أحفظ لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- من البخاري، وروى ابن عَدِيّ عن القُومِسِيّ عن ابنَ خَمِيرَوَيهِ قَال: "سمعت البخاري يقول: أحفظ مئة ألف حديث صحيح، ومئتي ألف حديث غير صحيح"، وقال عنه ابن الذهبي: إنّه كان كثير الحفظ، وصاحب حجّة وصادقاً، وكان فصيح اللسان، وإماماً عالماً مفتياً ومناظراً كامل المروءة، وقد كان مشكوراً من الناس مشتهراً بينهم، وقد كان صاحب وقار وسمعة حسنة.
تعريف بالإمام البخاري
اسمه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَردِزبَة وكنيته أبو عبد الله، ولد في الثالث عشر من شوّال في عام مئة وأربع وتسعين للهجرة، وكان مولده بعد صلاة الجمعة ، وقد ذهب بصره وهو صغير، وتُنسب عائلته إلى بلده الذي يعرف ببلد ما وراء النهر (بخارى)، وقد خرج من تلك البلد الكثير من العلماء البارعين في علومهم.