مباحث علم أصول الفقه
مباحث علم أصول الفقه
تعريف علم أصول الفقه يعين على حسن تصور مباحثه وعلاقاته ببعضها، وقد عرف جمهور علماء أصول الفقه علم أصول الفقه بأنه: القواعد الكلية التي يُتوصّل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها.
ويتبين من خلال التعريف أن البحث في أصول الفقه يقوم على دراسة ثلاثة مباحث رئيسة، هي:
- الحكم الشرعي.
- الأدلة الشرعية.
- كيفية استنباط الحكم الشرعي من الأدلة. ويلتحق بهذه المباحث مبحث رابع يخص الاجتهاد والتقليد، والذي يبحث في معرفة كل ما يتعلق بالمجتهد والمقلد ؛ حيث إن المجتهد هو الشخص الذي يقوم بعملية الاستنباط والمقلد هو الشخص الذي يأخذ الحكم دون استدلال، فهذه أربعة مباحث رئيسة لعلم أصول الفقه.
المبحث الأول: الحكم الشرعي
بالنظر إلى تعريف الحكم الشرعي يمكن بيان المباحث الفرعية التي تندرج تحت المبحث الرئيس؛ فالحكم الشرعي هو: خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً أو تخييراً أو وضعاً. وهذا التعريف يوقفنا على المباحث الفرعية الخاصة بالحكم الشرعي، وهي الحاكم والحكم، والمحكوم فيه والمحكوم عليه، وبيانها كما يأتي:
- أولاً: الحاكم
وهو الله -تعالى- الذي يملك حق الحكم على الأفعال.
- ثانياً: الحكم
الخطاب الشرعي الذي يبين موقف الشرع من أفعال المكلفين، وهو على ثلاثة أنواع: الاقتضاء والتخيير، وقد درسهما العلماء تحت عنوان الحكم التكليفي، ثم الوضع، وقد درسه العلماء تحت عنوان الحكم الوضعي. والنوع الأول: الاقتضاء، وهو طلب الفعل أو الترك، وهو أربعة أنواع:
- الفرض أو الواجب؛ وهو طلب الفعل على وجه الإلزام.
- الحرام أو المكروه تحريماً؛ وهو طلب الترك على وجه الإلزام.
- المندوب أو النافلة؛ وهو طلب الفعل بلا إلزام.
- المكروه؛ وهو طلب الترك بلا إلزام.
والنوع الثاني: التخيير، وهو عدم الاقتضاء فسواء فيه الفعل أو الترك، وهو المباح أو الحلال. والنوع الثالث: الوضع: وهو أن يجعل الشرع علامة على وجود الحكم، وهي عشرة أحكام، هي: السبب والشرط، والمانع والصحة، والفساد والبطلان، والأداء والإعادة والقضاء، و الرخصة والعزيمة .
- ثالثاً: المحكوم فيه
وهو أفعال المكلفين التي تحتاج إلى بيان حكم الشرع فيها بالفعل أو الترك.
- رابعاً: المحكوم عليه
وهو الشخص الذي تعلق خطاب الشرع بفعله، وفيه بيان متى يكون مكلفا ومتى يرتفع عنه التكليف، وهو ما يسمى بالأهلية وعوارضها.
المبحث الثاني: الأدلة الشرعية
هذا المبحث خاص بالمصادر التي يعتمد عليها المجتهد في بيان الأحكام الشرعية، وهي تقسم إلى قسمين أساسيين:
- القسم الأول: الأدلة المتفق على حجيتها؛ وهي: القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس.
- القسم الثاني: الأدلة المختلف في حجيتها؛ وهي: الاستصحاب، وقول الصحابي، وشرع من قبلنا، والاستحسان، و المصالح المرسلة .
المبحث الثالث: كيفية استنباط الحكم الشرعي من الأدلة الشرعية
هذا المبحث هو أهم مبحث من مباحث أصول الفقه؛ فهو يحتوي على القواعد التي بوساطتها يستطيع المجتهد استنباط الحكم الشرعي من الأدلة، ويندرج تحت هذا المبحث بابان كبيران: الأول: دلالات الألفاظ، والثاني: التعارض والتوفيق والترجيح.
أولاً: قواعد دلالات الألفاظ
وهي تبحث في كيفية دلالة النص على الحكم الشرعي، وهي مستمدة من اللغة العربية وكيفية دلالة ألفاظها على المعاني؛ من حيث القطع والظن، والظهور والخفاء، والإجمال والتفصيل، والأمر والنهي، والحقيقة والمجاز، والمنطوق والمفهوم، والمطلق والمقيد، والعام والخاص ونحوها.
ثانياً: تعارض الأدلة وقواعد التوفيق والترجيح بينها
كثيراً ما تتعارض الأدلة في بيان الأحكام الشرعية؛ فقد يدل أحد الأدلة على التحريم بينما يدل الدليل الآخر على الجواز وهكذا، لكن هذا التعارض ليس حقيقياً في نفس الأمر، ولكن التعارض في ذهن المجتهد بسبب عدم إدراكه المقصود من النص، فعليه أن يجتهد في فهم الأدلة ليستنبط حكماً تتفق عليه الأدلة.
وقد اهتم العلماء بظاهرة التعارض بين الأدلة وكيفية إزالة هذا الإشكال، وقد اجتهدوا في استنباط القواعد التي تضبط هذا الباب، وقسموها إلى ثلاثة أنواع:
- النوع الأول: قواعد الجمع بين الأدلة المتعارضة.
- النوع الثاني: قرائن الترجيح بين الأدلة المتعارضة.
- النوع الثالث: النسخ بين الأدلة المتعارضة.
المبحث الرابع: الاجتهاد والتقليد
يندرج تحت هذا المبحث الرئيس ثلاث مباحث فرعية، هي: الاجتهاد والتقليد والفتوى، ويدرس الأصوليون تحت هذه العناوين عدداً من المسائل وهي:
- أولاً: الاجتهاد
يبحثون شروط المجتهد وأنواع الاجتهاد، وأنواع المجتهدين.
- ثانياً: التقليد
ويبحثون فيه حكم التقليد، والتلفيق، والانتماء إلى المذاهب الفقهية.
- ثالثاً: الفتوى
ويبحثون فيه تعريف الفتوى وشروطها، وشروط المفتي وأنواع الفتوى.