ماذا يعني تعويم العملة؟
مفهوم تعويم العملة
يُعرّف تعويم العملة بأنّه النظام الذي تُحدّد فيه سعر عملة معيّنة في الدولة من قبل سوق الفوركس بناءً على العرض والطلب بالنسبة لعملات أخرى، وهذا النظام يعارض نظام تثبيت العملة المتّبع في أغلب دول العالم والذي يُحدّد فيه سعر العملة من قبل الحكومة بشكل ثابت. يعمل هذا النظام بالطريقة التالية، تنخفض قيمة عملة ما عندما ينخفض معدل الطلب عليها وهذا بدوره يجعل البضائع المستوردة لحاملي هذه العملة تبدو أكثر تكلفة، والعكس صحيح فعند ازدياد الطلب على عملة ما يجعل قيمتها مرتفعة وكذلك تتأثّر البضائع بصورة عكسية وتبدو أقلّ سعرًا.
أنواع تعويم العملة
ينقسم مبدأ تعويم العملة بشكل أساسي إلى نوعين، وهما كما يأتي:
التعويم الخالص
يعتمد هذا النوع بشكل مباشر على قوة الطلب والتوريد فقط دون أيّ تدخل أو توجيهات من الحكومات، وهذا بدوره يجعله نوعًا خطيرًا بحيث يكون هذا النوع معرضًا لتقلّباتٍ شديدة كأن تنخفض العملة أو ترتفع خلال وقت سريع، ممّا يؤثّر على الحركات التجارية بشكل واضح سلبًا أو إيجابًا.
التعويم الموجَه
يظهر هذا النوع بشكلٍ واضح لخدمة مصلحة التعاملات التجارية بين الدول، بحيث يكون للحكومات و البنوك المركزية توجيهات لضبط عملية التذبذب والتنقلات التي من الممكن أن تطرأ على العملات بشكلٍ قد يضرّ هذه التعاملات الدولية، وذلك من خلال نظام لتحديد أسعار الصرف.
أسباب تعويم العملة
نشَأت فكرة تعويم العملة لعدّة أسباب مختلفة، ومن أبرزها ما يأتي:
- التباين في معدلات النمو الاقتصادي
ظهرت هذه التباينات التي بشكل واضح بين القوى الاقتصادية الكبرى ، مثل أوروبا الغربية، واليابان، والتي أصبحت منافسًا للولايات المتحدة الأمريكية.
- الأثر الناتج من اختلاف مستويات التضخم
نشأ هذا الأثر بين الدول الصناعية على أسعار الفائدة وذلك جانب التأثير الناتج عن تغيرات أسعار الصرف.
- ارتفاع معدل التنافس
نشأ هذا التنافس بين الدول الصناعية الكبرى، وبالتالي أصبح هناك تعارضًا للمصالح فيما بينها.
- الانهيار في نظام بريتون وودز
نشأ هذا الانهيار من النقص الشديد في السيولة العالمية المتاحة من تدفّق الدولارات الأمريكية إلى الخارج، بسبب عجز الميزان التجاري.
- تمويل حركة المضاربة الشديدة
يعدّ تمويل الدولارات الأوروبية لحركة المضاربة للفرنك الفرنسي، والجنيه الإسترليني، والليرة الإيطالية، وكذلك المارك الألماني في أواخر الستينات من أهمّ هذه الحركات المؤثّرة والتي أدّت إلى زيادة حجم المضاربة بين العملات.
تاريخ تعويم العملة
نشأ هذا النظام بعد توقيع اتفاق بريتون ووذز و صندوق النقد الدولي الذي يهدف إلى تسهيل أنظمة التبادل، وقد كان نظام تسعير العملة يعتمد بشكلٍ كليّ على الذهب بحيث كانت قيمة قطعة من العملة تعادل كمية محددة من الذهب، فبعد انهيار هذا النظام والذي يُعرف بنظام سعر الصرف وهو النظام القديم لصندوق النقد الدولي برز نظام تعويم العملة.
فوائد تعويم العملة
يُحقق نظام تعويم العملة العديد من الفوائد على أصعدة مختلفة، ومن أهمّها ما يأتي:
- الاستقرار في ميزان المدفوعات
يؤثّر التغيّر في سعر الصرف بشكل مباشرٍ على المعاملات بين كيانات الدول حول العالم، وإقرار نظام محدد سيساعد في تحقيق هذا التوازن.
- التبادل الأجنبي غير مقيّد
يسهّل هذا النظام تبادل العملات وسعر الصرف بدون التزامات محددة في قيود حكومية، وهذا أيضًا يخفف العبء الإداريّ على الحكومات والبنوك.
- تعزيز كفاءة السوق
يُؤثّر تغيّر سعر صرف العملات في الأسواق العالمية بدوره على تدفّق المَحافِظ بين البلدان، ممّا يعزز كفاءة عمل السوق عالميًا.
- احتياطيات النقد الأجنبي غير مطلوبة للدفاع عن سعر الصرف
يُمكن توجيه المبالغ الاحتياطية للحفاظ على العملات الأجنبية الكبيرة، وبدلًا من ذلك يُستخدم هذا الاحتياطي في تعزيز النّمو الاقتصاديّ من خلال استيراد السلع الرأسمالية.
- تقليل احتمالية حدوث الأزمات النقدية الدولية
يَكثُر في نظام العملة الثابتة حدوث الأزمات بسبب الضغط الواقع على البنوك المركزية لخفض قيمة عملة محددة أو لإعادة تقييم أسعار الصرف، ولكن مع نظام تعويم العملة تظلّ البنوك المركزية في عملية تغذية مستمرّة من خلال حصولها على كميات كبيرة نسبيًا من عملة محددة عند ارتفاع قيمتها.
- تحقيق المرونة في التعاملات المالية
تتطّلب التغييرات الكبيرة في الأنظمة التجارية التي تتأثر بتغيرات اقتصادية وسياسية على سبيل المثال أزمة النفط في عام 1973م والتي أدّت إلى تغيّر كبير في أسعار صرف العملات، فالنظام الثابت لا يمكنه أن يخدم هذه الحاجة بكفاءة النظام الماليّ المُعوَّم.
مخاطر تعويم العملة
ينتج عن نظام تعويم العملة كذلك مخاطر معينة، ومن أهمّ هذه مخاطر ما يأتي:
- التعرض لتقلّب سعر الصرف
تظهر السلبيّة بسبب هذه التقلبات المتكرّرة والتي من الممكن أن تحدث خلال فترات قصيرة جدًا أيّ خلال 24 ساعة فقط، ومن الممكن أن تؤثر بشكل سلبي واضح على أساسيات الاقتصاد الكلي.
- النمو الاقتصادي الدولي المقيّد
يحدّ التذبذب في أسعار الصرف بشكل واضح من حركة الانتعاش الاقتصاديّ ويعدّ تأثّر سعر صرف عملة معينة دونًا عن عملة أخرى منافسة خطرًا حقيقيًا، فمثلًا عند ارتفاع سعر الدولار مقابل اليورو سيحّد أو حتى من الممكن أن يقف التصدير إلى أماكن التداول باليورو في الولايات المتحدة الأمريكية.
- تفاقم القضايا المحلية الاقتصادية
تظهر هذه السلبية بشكل واضح في الدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية، مثل: البطالة، و التضخم العالي على وجه الخصوص.
- تخصيص الموارد في الدولة
تحت نظام تعويم العملة تكون الصادرات أفضل عند انخفاض العملة والواردات تكون أفضل عند ارتفاعها، ولهذا السبب فإنّ الدول لا يمكنها تحديد استراتيجيات بعيدة المدى والعمل على أساسها وهذا بدوره يجعلها تُقيّد حركاتها وتعمل على تخصيص الموارد من أجل ضمان أقلّ الخسائر.