ماذا يطلق على علم الطبيعة
علم الطبيعة هو علم الفيزياء
يشير مصطلح علم الطبيعة عند العرب إلى علم الفيزياء (بالإنجليزية: Physics)، وهو العلم الذي يدرس المفاهيم الأسياسية في الطبيعة، كالطاقة، والقوّة، والزمن، وكلّ ما تتفرّع إليه من مفاهيم أخرى، كالكتلة، والمادة، وحركتها، ويمكن تعريفه أيضًا بصورةٍ عامة على أنّه التحليل العام للطبيعة الذي يهدف إلى فهم آلية عمل الكون بأكمله، ويجدر الذكر أنّ مصطلح الفيزياء -الذي ربّما قد أُخِذ عن مصطلح الفيزيس الذي كان يستخدمه آرسطو سابقًا- قد شاع استخدامه بعد وفاة نيوتن بعشر سنوات، وذلك عوضًا عن مصطلح الفلسفة الطبيعية الذي كان مستخدماً قبل ذاك لوصف هذا النوع من العلم.
للتعرف أكثر على العلوم الطبيعية يمكنك قراءة المقال ما هي العلوم الطبيعية
التعريف بعلم الفيزياء
يعرّف علم الفيزياء على أنّه العلم المستوحى من الطبيعة، والقائم على التجربة، والقياس، والتحليل الرياضي، والذي يتعامل مع بنية المادة والتفاعلات بين العناصر الأساسية للكون المرئي، بهدف إيجاد قوانين فيزيائية كميّة لكلّ شيءٍ، بدءًا من عالم الأشياء الصغيرة التي لا ترى بالعين المجرّدة، وحتى الكواكب، والمجموعة الشمسية ، والمجرّات.
يعدّ الإغريق الأوائل أوّل من أنشأ القوانين الفيزيائية الكميّة، ومن ضمنهم العالم أرخميدس (Archimedes) الذي قدّم شروحات لمبدأ عمل الرافعة وطفو الأجسام فوق الماء، إلّا أنّهم لم يقوموا بأي تجارب فعليّة على تلك القوانين، ولذلك بقي الفيزياء راكدًا حتى عدّة قرون، ثمّ في القرن السابع عشر الميلادي استخدم العلماء جاليليو جاليلي (Galileo Galilei) وإسحاق نيوتن (Issac Newton) الرياضيات كأداةٍ أساسية في علم الفيزياء، ممّا أدّى إلى حدوث قفزة كبيرة في فهم حركة الأجرام السماوية، وقوانين الحركة الثلاثة، بالإضافة لقوانين الجاذبية.
تُعدّ القوانين الفيزيائية الكميّة في غاية الأهمية، إذ يُستفاد منها في تنبّؤ سلوك الكون، كما يعود الفضل لها في اختراع وفهم جميع المعدّات والآلات التكنولوجية التي يستخدمها البشر في حياتهم اليوم، ويجدر بالذكر أنّ مجال الفيزياء شاملًا للغاية، إذ تُعدّ العديد من فروعه علومًا منفصلة بحدّ ذاتها.
فروع علم الفيزياء
يتفرّع علم الفيزياء إلى كلّ من الفيزياء الكلاسيكية، والفيزياء الحديثة، وفيما يأتي توضيح وتفصيل لكلّ منهما.
الفيزياء الكلاسيكيّة
يشير مصطلح الفيزياء الكلاسيكيّة (بالإنجليزية: Classical Physics) إلى الفيزياء التقليدية التي ابتُكرت على يدّ العلماء جاليليو ونيوتن، وهي الفيزياء التي تتعامل بشكلٍ أساسي مع القوى الموجودة في الطبيعة، بالإضافة إلى كلّ من المادة والطاقة في الظروف الطبيعية، وتتفرّع الفيزياء الكلاسيكية إلى عدّة فروع أخرى، هي:
- الميكانيكا: (بالإنجليزية: Mechanics)، تعرّف الميكانيكا على أنّها العلم الذي يهتمّ في دراسة الأجسام عندما تكون في حالة السكون، أو في حالة الحركة نتيجة وقوعها تحت تأثير قوة معيّنة، ولفهم حركة الأجسام يجب فهم نوع القوى التي تؤثّر فيها، ومن الأمثلة على القوى المؤثّرة: قوة الجاذبية، والمغناطيسية، والكهرباء.
- علم الصوتيات: (بالإنجليزية: Acoustic Physics) هو العلم الذي يهتمّ بدراسة الصوت ، وإنتاجه، وانتقاله، وتأثيره، ويُسمّى العالم أو الباحث الذي يقوم بدراسته مهندس الصوت (بالإنجليزية: Acoustician)، ويُعدّ أهمّ هدف من دراسة علم الصوتيات هو جعل صوت الموسيقى أو الكلام واضحاً بقدر الإمكان، وذلك عن طريق تقليل الحواجز الصوتية، وزيادة العوامل التي تساهم في نقل الموجات الصوتية بالشكل السليم.
- الديناميكا الحرارية: (بالإنجليزية: Thermodynamics)، هو العلم الذي يهتمّ بدراسة العلاقة بين الطاقة الحرارية وأشكال الطاقة الأخرى، ويدرس بشكلٍ خاص آلية تحوّل الطاقة الحرارية من شكلٍ إلى آخر، وتأثير هذا التحوّل على المادة.
- الكهرومغناطيسيّة: (بالإنجليزية: Electromagnetism)، هو العلم الذي يدرس القوّة الكهرومغناطيسية التي تتشكّل بين الجسيمات المشحونة كهربائيًا، ويمثّل أحد التفاعلات الأربعة الأساسية التي تتضمّن بالإضافة له الجاذبية، وكلّ من التفاعل الضعيف، والتفاعل القوي.
الفيزياء الحديثة
ظهرت بعض القضايا التي لم تتمكّن الفيزياء الكلاسيكية من تفسيرها في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، والتي تمثّلت في نوعين من المشكلات، هي: التناقض الداخلي، ومشاكل في القياسات لم يستطع العلماء فهمها، ونتيجةً لذلك ظهر مصطلح الفيزياء الحديثة (بالإنجليزية: Modern Physics) الذي يشير إلى فيزياء القرن العشرين، إذ تّعدّ كلّ من نظرية النسبية ونظرية ميكانيكا الكم -اللّتان ظهرتا في وقتٍ مبكّر من القرن العشرين- أساسًا له، وفيما يأتي أبرز مجالات الفيزياء الحديثة:
- الفيزياء الذرية والنووية: (بالإنجليزية: Atomic and Nuclear Physics)، هو علم واسع جدًا يهتمّ بدراسة الجسيمات الأولية، كالإلكترونات، والبروتونات، والنيوترونات، بما في ذلك بنيتها، وخصائصها، وسلوكها، وتُعدّ دراسة هذا العلم ضرورية لمهندسي الطاقة النووية نظرًا لتعاملهم مع المفاعلات النووية.
- فيزياء الكم: (بالإنجليزية: Quantum Physics)، هو العلم الذي يشير إلى دراسة طبيعة ظاهرة ما على المستوى الذرّي، إذ يركّز على وحدات الطاقة المنفصلة أو تلك التي لا يمكن تجزئتها.
علاقة علم الفيزياء بالعلوم الأخرى
تأثير علم الفيزياء على المجالات الأخرى
يؤثّر علم الفيزياء بشكلٍ كبير على مجالات العلوم الأخرى، والفلسفة، والرؤية الكونية للعالم المتقدّم، بالإضافة إلى التكنولوجيا، فحين تُفهم العناصر الأساسية للمبادئ العامّة لعلم الفيزياء، فإنّه سينتقل من خانة الفيزياء الأساسية ليُدرج تحت الفيزياء التطبيقية، حتى يصبح فيما بعد جزءًا من التكنولوجيا، وبالتالي ستتحوّل الاكتشافات الفيزيائية إلى ابتكارات تقنية في المجالات المرتبطة بها، كالهندسات النووية والطبية الحيوية، وكيمياء الكم، وعلم البصريات الكميّة، وغيرها، وفيما يأتي تأثير علم الفيزياء على المجالات الأخرى:
- أصبحت الفيزياء وخاصّة قوانين نيوتن نموذجًا أوليّا للمنهج العلمي، فقد تمّ محاكاة طرقها التجريبية والتحليلية في مجالاتٍ عديدة قد تكون بعيدة عن علوم الفيزياء في بعض الأحيان.
- يؤثّرعلم الفيزياء على فروع الفلسفة المتعلّقة بالأساس المفاهيمي لتصوّر وفهم الإنسان للطبيعة، وقد أخذت مدارس الفلسفة المادية، والطبيعية، والتجريبية علم الفيزياء كنموذج لأبحاثهم الفلسفية في كثيرٍ من الأوقات.
- تمّ محاكاة بعض مجالات الفيزياء خاصّة التي تتعلّق بمشاريع الرادار في مشاريع علمية بشكل واسع، مثل أبحاث علم الفلك والفضاء.
تأثير المجالات الأخرى على علم الفيزياء
توصف العلاقة الي تربط بين علم فيزياء والعلوم الأخرى على أنّها علاقة تبادلية، إذ تُبنى التكنولوجيا على مبادئ علم الفيزياء لتقديم ابتكارات تقنية حديثة تساهم بزيادة تقدّمه واتّساعه، ولذلك يمكن أن يعمل علماء الفيزياء المخبريين مع المهندسين في تصميم المعدّات العلمية الأساسية، كما تمثّل العلوم الرياضية أداةً أساسية بالنسبة لعلماء الفيزياء النظرية، ولا يقتصر الأمر فقط على مبادئ الرياضيات الأساسية بل حتى المعقّدة منها، مثل: نظرية الزمر (بالإنجليزية: Group Theory)، والهندسة التفاضلية، إذ يلجأ إليها الفيزيائيون النظريون دائمًا في تصنيف الجسيمات دون الذريّة، أو للتحقّق من الخصائص التماثليّة للذرات والجزيئات، ويعتمدون بشكلٍ كبير في أبحاثهم في الفيزياء الحديثة على استخدام الحاسوب فائق السرعة، لكونه يسهّل عليهم إجراء الحسابات الطويلة أو المعقّدة، أمّا الفيزيائيون التجريبيون فيعتمدون على دمج الحواسيب بالأجهزة التي يستعملونها أثناء قيامهم بالتجارب، ممّا يسهّل عليهم الحصول على نتائج تجاربهم بشكلٍ فوري من البيانات الموجودة على شبكة الإنترنت.
أهمية علم الطبيعة في العالم الحديث
يُعدّ علم الطبيعة أو علم الفيزياء ضروريًا لفهم العديد من المجالات، مثل: الطاقة، والطقس، والعلوم الطبية، والفضاء ، كما يلعب دورًا هامًا في العديد من التخصّصات الفنية، وفيما يأتي أهمّ التطبيقات التي ابتُكِرت في العالم الحديث نتيجةً لفهم علم الفيزياء:
- الكهرباء: تمثّل مجموعة كبيرة من الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في حياة البشر اليومية، مثل التلفاز، والأضواء، وغيرها، والتي تعمل عن طريق توليد فرق جهد كهربائي بين قطبي شيء ما كالبطارية، فتتحرّك الإلكترونات مكوّنةً طاقة يمكنها تشغيل هذه الأجهزة.
- الترانزستور: (بالإنجليزية: Transistor)، يُعدّ من أهمّ الاختراعات التي أدّت إلى ظهور جيل أكثر تطوّرًا من الحواسيب، وذلك عن طريق ابتكار رقاقات الكمبيوتر، ومن الجدير بالذكر أنّ الترانزستور قد ظهر نتيجةً لاختراع أشباه الموصّلات، وهي عبارة عن قطع صغيرة من العناصر التي تتمكّن من تغيير طريقة عملها بالتزامن مع اختلاف درجات الحرارة وفرق الجهد.
- الطائرات الجويّة: أصبحت أكثر كفاءة نتيجةً لتقدّم الفيزياء، إذ تعتمد معظم الطائرات أثناء طيرانها على مبدأ بيرنولي (Bernoulli's) المتمثّل في أنّه كلما زادت قدرة الطائرة على الدفع زاد عدد الأشخاص التي يمكنها حملهم، فذلك يسبّب دفع أجنحتها إلى الأمام، وبالتالي ينحني الهواء فوق الأجنحة، مكوّنًا منطقة ذات ضغط منخفض، ويساهم الهواء الذي يتحرّك ببطء أسفل الجناح في دفعه للأعلى، وكلّما كانت الرياح أسرع زادت قوة الدفع، وبالتالي ازدادت قدرة الطائرة على حمل وزن أكبر من الركّاب.
- الرحلات الفضائيّة: يُعدّ فهم علم الفيزياء ضرورةً في صناعة الصواريخ الفضائية، إذ تُشتقّ الصيغ اللّازمة لإنتاج قوتيّ الدفع والاحتراق اللّازمتين لإقلاع الصاروخ بشكلٍ مباشر من العلوم الفيزيائية، والتي تمكّن العلماء من التغلّب على الفراغ الموجود في الفضاء من خلال فهم قوانين الضغط التي تسمح بحساب قوة الغلاف اللّازم للمركبة الفضائية لتتحمّل الضغط الموجود خارجها.
- الطاقة النووية: تنشأ نتيجةً لعملية الانشطار النووي (بالإنجليزية: Fission) التي تفصل الذرات الثقيلة في المادة محرّرةً الطاقة الكامنة فيها، ويمكن أن توفّر هذه العملية الفيزيائية إمكانية إنتاج كمياتٍ لا حصر لها من الطاقة لاستخدامها في أغراضٍ مختلفة، كما يمكن أن تكون عملية الاندماج النووي للذرات حلّاً مستقبليًا لتوفير جميع الحاجات البشرية من الطاقة.
وللتعرف أكثر على العلم بشكل عام يمكنك قراءة المقال تعريف العلم