ماذا نتعلم من النحل
سلوكيات وأخلاقيات يمكن تعلمها من النحل
إنّ النحل من الحيوانات النشيطة التي يمكن للبشر أن يستفيدوا منها في أسلوب حياتها، وطريقة عيشها، ومما يمكن الاستفادة منه:
العمل بروح الفريق
عادة ما يبحث الإنسان عن العبرة في كل شيء، ولمّا يقف متأملًا النحل وقدرته على العمل ضمن فريق من دون التأفف، فإنه يجد في ذلك أمرًا لافتًا، إنّ النحل هو مثال روح الفريق الخاص بالطبيعة، حيث تعمل كل النحلات معًا، فإذا ما تعبت إحداهن وتخلفت عن الركب، فإنّ باقي النحل يُضاعف من جهده حتى لا يتوقف العمل، ولا تقل الإنتاجية عن ذي قبل.
المصلحة العامة عند النحل هي أهم من المصلحة الشخصية، ودائمًا ما يُعمل بالقرار بشكل جماعي ؛ بحيث لا يتخلف نحل عن تأدية الواجب الذي تقوم الجماعة به، إنّهن قادرات على التكيف في جميع الظروف والتعايش معها، بل والتغلب عليها، والخروج بالنتيجة الإيجابية من كل المعارك اليومية التي يخضنها.
الجد والاجتهاد في العمل
إنّ النحلات من المخلوقات الجادة والنشيطة كثيرًا في عملها، وهي الوحيدة التي تسعى في كل يوم من أجل الفائدة، وتغتنم كل لحظة من لحظات يومها، لذلك على الإنسان أن يتخلق بهذه الخصلة الإيجابية الخاصة بالنحل، إنّ لكل نحلة عملها الخاص بها، لذلك فهم منظمون بشكل جيد وأبعد ما يكونون عن العشوائية، حيث إنّه لكل نحلة ما تقوم به ولا يكون للشجار محل بينهم.
وتركز النحلة على الأولوية القصوى لها، وتقوم بها بدلًا من تشتيت انتباهها في عدة مهام، ثم تجد نفسها في نهاية اليوم لم تفعل شيئًا منها، وعلى الإنسان أن يكون مثل النحلة في تركيزه على عمل واحد وإنجازه بطريقة صحيحة جيدة.
استثمار الطاقة في العمل المفيد
إنّ النحلة تخطط ليومها بذكاء منقطع النظير، حيث لا تهدر طاقتها بأي عمل قد لا يكون له أهمية أو ليس له أي فائدة، مثلًا النحلة لا تقوم بتوسيع الخلية إلا إن كان هناك حاجة لذلك، مثل الحاجة إلى مساحة أكبر بسبب تزايد عدد السكان، أو الحاجة إلى تخزين المزيد من الطعام، فهنا يتعاون النحل جميعه، من أجل إنجاز المهمة بأسرع وأبسط وأسهل الطرق.
ولا بدّ للإنسان من التعلم من النحلة كيفية التخطيط الإيجابي، واستثمار طاقته بشكل مفيد، بعيدًا عن تبديدها في سفاسف الأمور التي لا تنفع، بل يُنفق وقته وطاقته وجهده على شيء نافعٍ له ولمجتمعه، فمثلًا المساهمة الفعالة في بناء الخلية وزيادة الإنتاجية، هي العمل الذي يوجه النحل عليه طاقته كل يوم دون كلل أو ملل.
المرونة والتعامل مع التغيرات بإيجابية
التغيير هو أكثر ما يخشاه الإنسان، وغالبًا ما يشعر بالضعف حيال الانتقال من منطقة إلى أخرى، على عكس النحل الذي لا بدّ أن يقتدي به، حيث إنّ النحلة تنقل نشاطها فورًا إلى البيئة الجديدة في خلال أقل من ساعة، وتسعى لأن تتعرف على المحيط الجديد، وتبدأ العمل بسرعة بعيدًا عن التفكر في الماضي، أو الحنين إلى الأماكن القديمة، النحلة تكون وفية للعمل فقط وليس للمكان.
المسؤولية
كثير من الناس يشعر بالمسؤولية العالية تجاه عمله وتجاه الآخرين، ولكنّ لا يستطيع دائمًا أن يكون ناجحًا في هذا بسبب المعوقات، لذلك لا بدّ أن يتأمل دورة حياة النحل ليتعلم حمل المسؤولية بشكل دقيق وصحيح؛ فالنحلة شعورها بالمسؤولية فطري نابع من غريزتها، لم تكتسبه بالتعلم ولا تفقده مع قساوة الظروف؛ لأنّه نابع من ذاتها.
ودائمًا ما تسعى النحلة إلى الحفاظ على المستعمرة، حتى ولو اضطرت إلى لسع مَن يقترب منها ويسعى إلى تشويه جمالها، رغم موتها بعد اللسع مباشرة، وتحاول النحلة بشكل فطري أن تفهم سبب التأخير ويتكاتف الكل معًا؛ من أجل سد الثغرة التي سببها تعب إحداهن، وعلى الإنسان أن يحاول دائمًا سدّ ثغرات مَن حوله، لا أن يُفتش عليها ويُحاول إبراز نجاحه على حسابها.
القيادة
إنّ معنى القيادة بالنسبة إلى النحل هو معنى رائع جدًّا؛ حيث إنّ قيادتها باقي النحلات تكون قيادة تكليف وليست قيادة تشريف، فهي لا تؤمن بوجهة نظر معينة، ولا تتبنى رأيًا، بل هي تعلم ما لديها من الأعمال، وتقوم بها على أكمل وجه دون أن تتدخل في عمل رعاياها، حيث كلٌ يعمل المطلوب منه دون أن يؤثر سلبًا على عمل الآخرين.
وعلى الرغم من أنّ الملكة النحلة تعلم أنّها ملكة ، لكنها ما تزال تتصرف في الخلية مثل الخادمة، لا تسعى إلى كسب المناصب، ولا إلى إثبات ذاتها على حساب رعيتها، وهكذا لا بدّ على المدير أن يتعلم من الملكة النحلة كيف يُمكن أن يعامل موظفيه، أو مَن هم تحت إمرته، فتكون قيادته من أجل الوصول إلى النجاح الكلي، لا من أجل الوصول إلى نجاح شخصي.
تنظيم الوقت
تشعر النحلة وبشكل فطري بالوقت فهي لا تهدره، بل تعمل جاهدة إلى أن تكسب كل لحظة من لحظاته في العمل، والجهد، والإنتاج، فالنحلة غريزيًا تعلم أنّ اللحظة التي تنتهي لن تعود أبدًا، والتقصير الذي حدث لا يُمكن تداركه فيما بعد، تسعى دائمًا بين شتى أنواع الزهرات، فالنحلة تعيش دائمًا حاضرها بدلًا من الوقوف على الأطلال.
الكفاءة في العمل
إنّ الكفاءة في العمل تتطلب تخطيطًا جيدًا ومهارة في التنفيذ، وهو ما يفعله النحل غريزيًا، حيث يقضون ثلثي وقتهم بالعمل الجاد والإنتاجية العالية، ويقضون الثلث الأخير في الراحة؛ من أجل إعادة شحن طاقتهم، إنّ التعلم من النحل لا يعني أن يُفني الإنسان عمره في العمل؛ بل يعني ذلك أن يُقدم عملًا جيدًا، ثم يأخذ قسطًا وافرًا من الراحة.
عمل الخير
إنّ عمل الخير دائمًا ما يعود على الإنسان بالنفع بطريقة أو بأخرى، وهذا ما يجب على الإنسان أن يؤمن به مثل النحلة تمامًا، إنّ النحلة في استنشاقها للرحيق من الأزهار تقوم بتلقيحهم ، ثم تعود الفائدة إليها فيما بعد؛ حيث تبقى الزهرات لفترة أطول، ويأخذ النحل الرحيق منها مرات ومرات.
ومع أنّ النحلة لا تلقح الزهرة كمكافأة لها، لكنّها فعلت الخير مع أهله فعاد إليها مرة أخرى، هذا ما يجب على الإنسان أن يتعلمه حيث يصنع الخير ولا ينتظر المكافأة من الآخرين، تلك الأفعال الطيبة ستؤتي أكلها في يوم من الأيام، فيأتي الخير مستدامًا، وللجميع.
التواصل الفعال مع الآخرين
إنّ العمل الحقيقي الناجح يتطلب قدرة على التواصل الفعال مع الآخرين، بحيث لا يكون سببًا في تثيبط هممهم، ولا أن يكون دائم اللوم لهم؛ حيث إنه من شأن ذلك أن يخلق بيئة سلبية غير آمنة من أجل الإنتاج، إنّ النحلات لا يقطعن التواصل بين بعضهن على الإطلاق، بل دائمًا ما يقمن بتمرير المعلومات الجديدة لبعضهن؛ ليستفيد الجميع.
وكل نحلة منهن تعرف ما عليها من الأعمال، وتتكيف مع التغييرات، بل وتساعد صديقتها على التكيف مع جميع الأحوال التي يُمكن أن تكون، كل هذه الأفعال تأتي بها غريزيًا، فحريٌّ بالإنسان أن يفعل ذلك وهو الذي وُهب العقل من أجل أن يتميز به عن غيره من سائر المخلوقات.