أكثر ما يدخل الناس النار
أكثر ما يدخل الناس النار
لقد بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّ أكثر ما يُدخل الناس النارَ هما: الفمُ والفرجُ، وقد جاء ذلك صريحًا في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: (وسُئِلَ عن أَكْثرِ ما يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ، قالَ: الفَمُ والفَرجُ).
كيف يكون الفم والفرج سببًا لدخول النار؟
معلومٌ أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- حرَّم على المسلمينَ عددًا من الأعمالِ، ومن هذه الأعمال الغيبة والنميمة ، وقول الزورِ، وتعيير الناسِ، وقذفِ المحصناتِ، ونشر الباطلِ، والحكمُ بالباطلِ، وغيرها الكثير من الأعمال القولية التي تصدرُ من اللسانِ، وتكونُ سبباً في وقوع المسلمِ في المعاصي، والتي تؤدي به إلى دخولِ النَّار.
وقد بيَّن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- خطرَ اللسانِ إن لم يُلجمه صاحبه، حيث قال: (وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ)، وأمرَهم بكفِّ ألسنتهم؛ لأنَّ المسلمَ مؤاخذٌ بما يقول، وقد جاء ذلك صريحًا في الحديث الذي رواه معاذ بن جبل: (فأخذَ بلِسانِهِ قالَ: كُفَّ عليكَ هذا، فقُلتُ: يا نبيَّ اللَّهِ.. وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهِم أو على مَناخرِهِم إلَّا حَصائدُ ألسنتِهِم).
ومن الأعمال المحرَّمة في الشرع الحنيف، والتي تعدُّ من كبائر الذنوبِ أيضًا، فعل الفواحش مثل الزنا واللواط، وإتيان الزوجةِ في فترةِ حيضها، وهذه الأعمال جميعها تصدر من خلالِ الفرجِ، وبذلك يكونُ الفرجُ سببًا من أسباب استحقاقِ العبدِ الدخولَ إلى النَّار.
هل معنى دخول النار الخلود فيها؟
جاء في السنة النبويّة المطهرة عددًا من الأحاديث الشريفة التي تدلُّ على أنَّ العبدَ المسلمَ الذي جاء بالتوحيدِ الخالصِ، لا يُخلَّد في النارِ، مهما أذنبَ وعصى، وفيما يأتي ذكر بعض هذه الأحاديث:
- (ولَكِنْ وعِزَّتي وكِبْرِيائِي وعَظَمَتي وجِبْرِيائِي، لأُخْرِجَنَّ مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ).
- (مَن شَهِد أن لا إله إلا اللهُ دخل الجنةَ).
وبناءً على ذلك يُمكن القولُ بأنَّ المراد من دخولِ العبدِ إلى النَّار، في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: (وسُئِلَ عن أَكْثرِ ما يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ، قالَ: الفَمُ والفَرجُ)، ليس خلودًا مؤبدًا، بل إنْ كان مستحقَّ النارِ بذنوبه من أهلِ التوحيدِ فإنَّه يدخل النَّار ويعذَّب فيها بقدرِ ذنبه ثمَّ يُخرجه الله -عزَّ وجلَّ- منها ويُدخله الجنة، وذلك للموحدين فقط.
وهذا بالطبعِ في حال أنَّ المسلمَ قد ماتَ على الذنبِ ولم يتبْ منه، أمَّا إن تاب وتطَّهر منه في الدنيا قبلَ موته، فإنَّه يُحجب عن النارِ ويدخل الجنةَ، وهذا هو مذهب أهلِ السنة والجماعة، ولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ عدمَ تخليدِ العاصي في النار، لا يعني أبدًا استهانة المرءِ بالذنبِ؛ إذ أنَّ دخول جهنَّم والتعذيبَ فيها لا يُطاقُ ولو كان مجردَ لحظاتٍ وثوانٍ، فعليه أن يقي نفسه من هذا العذاب.