ماذا تعني النساء ناقصات عقل ودين
ماذا تعني النساء ناقصات عقلٍ ودين؟
وردت هذه العبارة في سياق حديثٍ نبويٍّ شريفٍ؛ حيث أخرج مسلم في صحيحه ممّا يرويه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (يا مَعْشَرَ النِّساءِ، تَصَدَّقْنَ وأَكْثِرْنَ الاسْتِغْفارَ، فإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أكْثَرَ أهْلِ النَّارِ فَقالتِ امْرَأَةٌ منهنَّ جَزْلَةٌ: وما لنا يا رَسولَ اللهِ، أكْثَرُ أهْلِ النَّارِ؟ قالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وما رَأَيْتُ مِن ناقِصاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، وما نُقْصانُ العَقْلِ والدِّينِ؟ قالَ: أمَّا نُقْصانُ العَقْلِ: فَشَهادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهادَةَ رَجُلٍ فَهذا نُقْصانُ العَقْلِ، وتَمْكُثُ اللَّيالِيَ ما تُصَلِّي، وتُفْطِرُ في رَمَضانَ فَهذا نُقْصانُ الدِّينِ)، وفيما يأتي بيان للمقصود بنقص العقل والدين عند النساء في الحديث الشريف.
سياق الحديث
جاءت عبارة "ناقصات عقلٍ ودين" في سياق هذا الحديث عند موعظة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للنساء؛ حيث كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يتخوّل الصحابة رجالًا ونساءً بالنصح والموعظة، وبعد خطبة أحد العيدين، وعظ النساء؛ فأمرهنّ بالصدقة والإكثار من الاستغفار؛ لأنّه في رحلة الإسراء والمعراج رأى أنّهنّ أكثر أهل النار، فأمرهم بالصدقة والاستغفار؛ لأنّهما سبيلٌ لمحو الذنوب والخطايا، وقد سألت إحدى النساء وصفها الحديث بأنّها جزلة؛ أي ذات عقلٍ ورأيٍ سديد عن سبب كونهنّ أكثر أهل النار؛ فأشار النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى صفتين موجودتين عند كثيرٍ من النساء، هما: اللعن؛ وهو الشتم والسبّ أو الدعاء بالإبعاد عن رحمة الله، وقد كان ذلك منتشرًا عند نساء العرب قديمًا، والسبب الآخر هو كفران العشير؛ أي أنّ بعض النساء يبدر منهنّ إنكارهنّ لفضل أزواجهنّ وعدم اعترافهم به.
المراد بناقصات عقلٍ ودين
يُشكل على كثيرٍ من الناس فهم المراد بقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في حقّ النساء: "ناقصات عقلٍ ودينٍ"، ويظنّون أنّ هذا الوصف ذمٌّ للمرأة أو تنقيصٌ من قدرها وإقلالٌ من شأنها، والحقيقة أنّ الوصف النبويّ لم يرد على سبيل الذمّ والتنقيص، فقد أوضح النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الحديث ذاته المراد بنقص العقل والدين، وذلك على النحو الآتي.
المراد بنقص العقل
أنّ شهادة المرأة تكون نصف شهادة الرجل؛ وذلك لقول الله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)؛ فليس المقصود بالنقص في العقل ضعف قدرات المرأة العقليّة من فهمٍ وحفظٍ واستيعاب، إنّما المراد؛ النقص العارض المؤقّت الذي يحدث نتيجةً للتغيّرات الطبيعيّة التي تطرأ على المرأة في أحوال وأوقات الحيض أو الحمل أو النفاس وما يرافق ذلك من عوارض تُرهق المرأة، أو النقص العارض الناتج عن الانشغال الدائم بالحمل والولادة والتربية، وهذا لا يد للمرأة فيه وليس فيه ذمٌّ لها أو إنقاصٌ من قدرها، فالمرأة كالرجل في التكاليف الشرعيّة والمسؤوليّة والمحاسبة أمام الشرع، واكتساب الحقوق وأداء الواجبات.
المراد بنقص الدين
إنّ المراد بنقص الدين كما بيّن الحديث الشريف وأقوال العلماء الشارحين له؛ ذلك النقص الجزئي الذي يدخل على عبادة المرأة نتيجة الحيض والنفاس؛ إذ إنّ المرأة إذا حاضت أو كانت نفساء، فقد وضع الله عنها الصلاة والصيام وعذرها منهما، فلا تصلّي في هذه الأيام، وليس عليها قضاء الصلاة التي تفوتها بسبب ذلك، كما أنّها لا تصوم إلّا أنّها تقضي الصيام لاحقًا بعد زوال عذر الحيض أو النفاس، فالنقص في الدين نقصٌ جزئيٌّ وعارضٌ لا يد للمرأة فيه، إنّما هو نقصٌ نتيجة العذر الشرعيّ المتمثّل في الحيض والنفاس اللذين يمنعان المرأة من أداء بعض العبادات أثناءهما كالصلاة والصيام.
مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام
كرّم الإسلام المرأة وأعلى من مكانتها وقدرها، وحفظ لها من الحقوق ما يكفل لها حياةً كريمةً، وقد أوصى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في مواطن عدَّةٍ بالنساء، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (وَاسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ، فإنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أَعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا)، ومن جملة الحقوق التي كفلها الإسلام للمرأة:
- حقّ التملّك: فقد كفل الإسلام للمرأة حقّ الكسب والتملّك والتّصرّف فيما تملك بحرَّيةٍ ضمن ضوابط الشرع، ولم يسمح بتقييدها أو منعها من التصرف في أملاكها بالصور المباحة التي تريدها من بيعٍ أو شراءٍ أو تجارةٍ أو هبةٍ أو نحوها.
- حقّ اختيار الزوج: فللمرأة الحقّ في اختيار الرجل الذي سترتبط به، وحرّم على وليّ المرأة أن يكرهها أو يجبرها على الزواج ممّن لا تريده أو ترضاه.
- حقّ مفارقة الزوج لعيبٍ شرعيٍّ فيه: فقد شرع الإسلام للمرأة الخلع أو رفع طلب التفريق من زوجها إلى القاضي في حال كان الزوج سيء العشرة والمعاملة، أو لعيبٍ فيه، أو لعدم نفقته عليها، ولعدم محبّتها وميلها العاطفي له؛ فكما أعطى الإسلام المرأة الحقّ في اختيار الزوج أعطاها حقّ مفارقته لمسوّغٍ شرعيٍّ.