ماذا تسمى صلاة الفجر والعصر
ماذا تسمّى صلاة الفجر والعصر
تُعدُّ الصّلاة عمود الدّين وحجر أساسه، والصّلوات المفروضة على المسلم هي: خمسُ صلواتٍ في اليوم واللّيلة، ومن بينها صلاتيّ الفجر والعصر، فقد ورد تسمية هاتين الصّلاتين معاً بأسماءٍ كثيرةٍ، لتعظيم الله لهذين الوقتين؛ ومن أسماء صلاتيّ الفجر والعصر:
- البَرْدين: سُمّيت صلاتا الفجر والعصر بالبَردين كما جاء في حديث رسول الله -صّلى الله عليه وسلم-: (مَن صلّى البَرْدَيْنِ دخلَ الجنّةَ)، والبردَيْن: مثنّى لكلمة بَرْد، أي طَرف؛ وسُمِّيتا بهذا الاسم لأنّ المسلم يصلّيهما في أطراف النّهار، وسُمِّيتا بالبَردين لأنّ وقت صلاة الفجر كما هو معلوم يكون أبرد الأوقات ليلاً، ووقت العصر يكون أبرد الأوقات نهاراً.
- الْعَصْرَيْن: سُمّيت صلاتا الفجر والعصر أيضاً بالعَصرَيْن؛ وذلك لأنّ العرب كانت تُطلق على كل طرفٍ من أطراف النّهار عصراً، قال رسول الله -صّلى الله عليه وسلّم-: (حافِظْ على العصرَينِ: صلاةٍ قبلَ طلوعِ الشمسِ، وصلاةٍ قبلَ غروبِها)، فالعصران هما صلاتا الفجر والعصر.
- أدبار النّجوم: قال الله -تعالى-: (وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَٰرَ ٱلنُّجُومِ)، والمقصود بأدبار النّجوم: أي إدبار ضوء النّجوم وذهابه عندما تنتشر أشعّة الشّمس، وهذا يكون وقت صلاة الفجر، وإدبار ذات النّجوم في وقت الغروب، وهذا يكون وقت صلاة العصر، ممّا يعني أنّ صلاتيّ الفجر والعصر وصفهما القرآن بوصف "أدبار النّجوم"، فدلّت الآية على تخصيص الله لوقتي الفجر والعصر للذّكر والصّلاة؛ تعظيماً وإجلالاً لهذين الوقتين.
أسماء صلاة الفجر
إنّ المُطّلع على آيات القرآن الكريم وأحاديث النّبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- يجد أنّ صلاة الفجر سمّيت بأسماءٍ كثيرةٍ، ألا وهي:
- صلاة الفجر: سمّيت صلاة الفجر بهذا الاسم؛ لأنّ كلمة الفجر مشتقّةٌ من الانفجار، أي انفجار الصّبح بعد اللّيل، وعندئذٍ يكون وقت أداؤها.
- صلاة الصُّبح: سمّاها النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بصلاة الصُّبح في الكثير من الأحاديث، وهو لفظٌ مشتقٌّ من الصّباح، وهو البياض الذي ينتشر في بداية النّهار، ويعدّ هذا الوقت من أكثر الأوقات المُحبّبة، لأنّه وقت صلاة الفجر، ووقتٌ للذّكر والتّسبيح والدعاء، وبه يبدأ وقت أذكار الصّباح التي يفتتح بها المسلم يومه. فسُمّيت بذلك لأنّ وقت الصّباح يدخل بدخولها، وينتهي وقت الصّباح عندما تملأ الشّمس أرجاء الأرض.
- الصّلاة الوسطى: إنّ الغالب عند الفقهاء أنّ الصّلاة الوسطى هي: صلاة العصر، لكنّ المالكية عملوا بإجماع أهل المدينة على أنّ الصّلاة الوسطى هي صلاة الفجر، لأنّها تتوسّط بين اللّيل والنّهار، ولأنّ كلمة الوسطى أحياناً تأتي بمعنى الفُضلى، أو لأنّ الصّلوات الأربعة تأتي في أوقاتٍ متقاربة، بينما تأتي صلاة الصّبح في وقتٍ مُستقلٍّ.
- الصّلاة الأولى: فهي أوّل الصّلوات التي يؤدّيها المصلّي في يومه.
- صلاة الغداة أو الغدوّ: والمقصود بالغدوّ: الصّلاة المفروضة وقت الفجر، قال الله -تعالى-: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)، فالتسبيح الوارد في الآية قُصد به أداء الصّلوات المفروضة .
أسماء صلاة العصر
تُسمّى صلاة العصر باسمين: العصر، والصّلاة الوسطى، وأشرنا سابقاً أن جمهور الفقهاء اتّفقوا على أنّ الصّلاة الوسطى هي صلاة العصر، بخلاف بعض المالكيّة الذين قالوا إنّها الفجر، وممّا يؤكد قول جمهور الفقهاء في كون الصّلاة الوسطى هي صلاة العصر، قول الله -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)، فهذه الآية نزلت قبلها آية لكنّها نُسخت، وهي "حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وهي صلاة العصر وقوموا لله قانتين"، وقد أخبر عن ذلك البراء بن عازب -رضي الله عنه-، فدلّ نسخ الله لكلمة العصر على أنّ الله قد سمّى صلاة العصر بالصّلاة الوسطى، لأنّهما كلمتان مترادفتان، فالحذف يدلّ على التّرادف.
كما أنّ هناك الكثير من الأحاديث التي تدلّ على ذلك، كقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في غزوة الخندق : (مَلَأَ اللَّهُ عليهم بُيُوتَهُمْ وقُبُورَهُمْ نَارًا، كما شَغَلُونَا عن صَلَاةِ الوُسْطَى حتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ). وأمّا تسميتها باسم صلاة العصر؛ فلأنّ المسلم يُصلّيها عند مَعصر النّهار؛ أي في آخره، وورد أيضاً أنّ بعض الفقهاء سمّوها بالعشيّ؛ لأنّها تُصلّى عشيةً؛ أي في آخر النّهار، لكنّ هذه التّسمية لم تشتهر كثيراً.
فضل صلاة الفجر والعصر
أمر الله -تعالى- المسلم بأن يلتزام بالصّلوات الخمسة كلّها، ولم يُفرّق بين صلاةٍ وأخرى، لكنّ صلاتيّ الفجر والعصر حظيتا بمنزلةٍ خاصّةٍ عند الله -تعالى-، وفيما يأتي ذكر فضلهما:
- عدَّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- الالتزام بهما سبباً في دخول الجنّة : قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صلّى البَرْدَيْنِ دخلَ الجنّةَ)؛ وذلك لأنّ وقت أداء هاتين الصّلاتين يكون في وقت الرّاحة، فصلاة الفجر يترك فيها المصلّي نومه ليُؤدّيها، وصلاة العصر تأتي غالباً في وقت الاستراحة من العمل، فالحرص على أداء هاتين الصّلاتين في وقتٍ يثقُل على المتخاذلين والمنافقين، يستحقّ دخول الجنّة.
- وعد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من يصلّيهما بأن لا يلج النّار : وأن لا يدخلها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا).
- تتعاقب على المسلم ملائكةٌ حَفظةٌ في اللّيل والنّهار: أي وقتيّ الفجر والعصر، فتلتقي ملائكة اللّيل بملائكة النّهار؛ لذلك كُتب عليه في هذين الوقتين صلاتيّ الفجر والعصر، لينال شرف أن تغدو عليه الملائكة وتذهب وهو يعبد الله -تعالى-.
- رؤية وجه الله -تعالى-: وعد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من يُصلّي قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها برؤية وجه الله الكريم كما يرى البدر في السّماء، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَافْعَلُوا)، والمقصود بهما: صلاتيّ الفجر والعصر.
- تركها سببٌ في بطلان العمل: حذّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- تارك صلاة العصر بأن عمله يبطُل ويحبط، فمن ترك هذه الصّلاة أو أخرّها دون عذرٍ، فإنّه يضيعُ أجره ولا يُقبلُ عمله، وهذا يدلّ على أنّ تأخيرها يعدّ من كبائر الذّنوب ، والالتزام بها في وقتها من فضائل الأعمال، ودلالةٌ على كمال الإيمان، وهذا ينطبقُ عى سائر الصّلوات وليست صلاة العصر فحسب.