أبو نواس
أبو نواس
هو الحسنُ بنُ هانئ بن الصباح، وأبو نوّاس هي كنيتُه، وهو أحدُ أهمّ شعراءِ العصرِ العباسيّ الأوّل، وُلِد في الأهوازِ في إيران، وتحديداً في باستان ماترد، وهي تتبع خوزستان، وهو إقليمٌ يقعُ في جِهة الغربِ من إيران على حدودِ العراقِ. ويُذكَرأنّ المصادر التاريخيّة لم تتّفق على تاريخِ ولادتِه؛ حيث ذكرت بعضُ المصادرِ أنّه وُلِد في مئةٍ وواحدٍ وأربعين للهجرة، كما ذكرَ بعضُها أنّه وُلِد في مئةٍ وخمسةٍ وأربعين، أمّا نشأتُه فكانت في البصرةِ حيثُ انتقلَ إليها، وشبَّ فيها، فقد عاشَ مع والدِه الذي كان من أصلٍ عربيّ دمشقيّ، وأمِّه الفارسيّةِ فترةً صغيرةً من الزمن في مدينةِ البصرة ، ومن ثمّ تُوفِّيَ والدُه، وأرسلته أمُّه إلى عطّارٍ في أسواقِ البصرة؛ ليعملَ عندَه، ومن هناك انطلقَ إلى مجالسِ الأدبِ.
نبذة عن حياة أبو نواس
بدأ أبو نواس بمجالسةِ أهلِ العِلم جنباً إلى جنب مع عملِه في البصرة، وكان ممّن تردّدَ على مجالسِهم الراويةُ عمرو بن العلاء، والذي تعلّم منه اللُّغةَ، وضروبَ العلمِ، ومن ثمّ بدأ بمخالطةِ المُجّان في ذلك العصرِ، مثل: والبةَ بن الحباب، وخلف الأحمر، ومطيع بن إياس، فسار على نهجِهم في التهتُّك، والمُجونِ، كما أنّه درسَ عنهم التُّراثَ العربيَّ، والفارسيَّ، وقِيلَ إنّه درسَ في البصرة القرآنَ، والحديثَ، وإنّه قضى ما يقاربُ السنةَ في الصحراءِ يتعلّمُ من البدوِ قواعدَ اللُّغة الصحيحةِ،
أمّا عن معرفةِ أبي نواس للوالبة بن الحباب، فقد كانت عندما مرَّ الوالبةُ بمحلِّ العطارةِ الذي كان يعملُ فيه أبو نوّاس في البصرة، وعندما رآه ظهرَت ملامحُ الفِطنة، والذكاء في وجهِه، وعندها سأل عن اسمِه، وتعرَّف إليه، واصطحبَه معه إلى الكوفةِ، ومنها إلى بغدادَ، وقد فرِحَ أبو نوّاس بصحبَة الوالبة ابنِ الحباب؛ لِما علِمَ عنه من شُهرةٍ في نَظمِ الشِّعر، وقال إنّ أحلامه، وما تصبو إليه نفسُه قد بدأ يتحقَّقُ.
عندما وصلَ أبو نوّاس إلى بغدادَ، بدأ يختلِطُ بالبرامكة ، وبآلِ الربيع، وبدأَ بمَدحِ هارون الرشيد، إلّا أنّه لم يلبَث إلّا أن زجّ به الرشيدُ في السجن؛ لأنّه هجا قريش، وكان خلالَ إقامتِه مع هارون الرشيد قد تعلَّق ببعضٍ من جواري القصرِ الجميلات اللواتي كانت له معهنَّ قصصٌ كثيرةٌ، وأشهرها مع جاريةٍ اسمُها جنان، كما كانت له طرائفُ عدّة مع الخليفةِ الرشيدِ نفسِه، ومع زوجتِه، وابنهما الأمين، وعلى الرغم من ذلك، إلّا أنّ الشاعر لم يُحقِّق نجاحاً كبيراً في بلاطِ هارون الرشيد ، حيث إنّه بعد أن سجنَه انتقلَ إلى مصرَ، ولازمَ واليها الخصيبَ، ومدحَه، على الرغم من أنّه لم يلبث عندَه فترةً طويلةً؛ إذ هجرَه، وهجاه أيضاً، وعادَ إلى بغدادَ التي كان يشتاقُ إلى مجالسِها، وحياةِ المجونِ فيها.
وفي عهدِ الأمينِ بنِ هارون الرشيد رجعَ أبو نوّاس إليه؛ ليلازمَه، وينظمَ الشِّعرَ له، إلّا أنّ هذه العلاقةَ لم تدُم طويلاً؛ حيثُ سجنَه الأمينُ فترةً من الزمنِ؛ بسببِ خلافٍ شَبّ بينَه وبينَ المأمونِ، ومن الجدير بالذكر أنّ شِعر أبي نوّاس عُرِف بألفاظِه الجديدةِ، والتي كانت تُظهِر روحَ الدُّعابةِ، والطرافةِ، علاوةً على الرقّةِ، والجمالِ، وكان في شِعرِه يُظهِرُ المجونَ، كما كان يُظهِر ما كانت عليه حالُ بيئتِه من استهتارٍ في فعلِ المعاصي، ويمكنُ القولُ إنّ شعرَه بيَّن النظرةَ الساخرةَ له، وعكسَ حياتَه التي أمضاها يسعى خلفَ المتعةِ.
وفاة أبو نواس
تُوفِّيَ أبو نوّاس سنةَ مئة وتسعة وتسعين للهجرة عن عُمرٍ يناهزُ أربعةً وخمسين عاماً كما وردَ في أغلبِ المصادرِ التاريخيّة، وقد كانت وفاتُه في بغدادَ، والجديرُ بالذكر أنّه في السنةِ الأخيرةِ من حياتِه تابَ إلى الله -سبحانه وتعالى-، وتوقّف عن المعاصي، وقد أظهرَ توبتَه عن اللهو، والمعاصي في شِعرِه، ومنه ما قال:
دبَّ فيَ السِّقام سُفلاً وعُلـوّا
- وأراني أموتُ عُضواً فعُضوا
لهف نفسي على ليالٍ وأيا
- م تــجـاوزتــهنَّ لـعْبـاً ولـهوا
وأسأنا كلّ الإساءةِ إلى ربِّنا
- صفــحاً عنّـا إلــهي وعَفـوا