ما هي لغة التخاطب عند النحل
لغة التخاطب عند النّحل
يوجد من النحل أكثر من عشرين ألف نوع يعيش معظمها منفرداً، في حين يعيش أقلّ من 8% منها ضمن مجموعات، أمّا الأنواع التي تعيش داخل خلايا فهي أقلّ من 3% من نحل العالم، ويُعدُّ نحل العسل من أنواع النّحل الاجتماعي، فهو يعيش داخل خلايا تضمّ الواحدة منها ما يقارب 60 ألف نحلة تعمل معاً للقيام بالعمليات الأساسيّة الضرورية للحياة داخل وخارج الخلية، ويُعدّ تلقيح الأزهار من أكثر مهام نحل العسل أهميةً للبشر، فدون النحل لا تتمكّن العديد من النباتات من إنتاج الغذاء الذي يعتمد عليه الإنسان، ويجدر بالذكر أنّ أفراد خلية النّحل يتواصلون فيما بينهم لتبادل المعلومات حول أماكن وجود الأزهار، ومصادر الشرب، والأماكن الجديدة المناسبة للتعشيش، ويتمكّن النحل من التواصل بطريقتين، هما: التخاطب الفيزيائي عن طريق الرقص، والتخاطب الكيميائي عن طريق الفيرمونات.
التخاطب الفيزيائي عند النحل
التخاطب عن طريق الرقص
يخرج النّحل الكشّاف من الخلية بحثاً عن الرحيق وحبوب اللقاح، وعندما يعثر على موقع غنيّ بمصادر الغذاء، فإنّه يعود للخلية لإبلاغ باقي النحل عن موقعه عن طريق الرقص، وهو ما يُعرف بالتخاطب أو التواصل الفيزيائي، ويؤدّي النحل الكشّاف أنواعاً مختلفة من الرقص اعتماداً على مدى قرب مصدر الطعام من الخلية، وهي:
- الرقص الدائري: (بالإنجليزيّة: Round dance)، ترقص النحلة الكشّافة رقصاً دائرياً إذا كانت المسافة بين الخلية ومصدر الطعام لا تتجاوز 50 متراً، وتحدّد الرقصة اتّجاه موقع الطعام وليس المسافة، وفي هذه الحالة تدور النحلة حول نفسها في دائرة، ثمّ تستدير وتدور حول نفسها في الاتّجاه المعاكس، ولكن ضمن الدائرة نفسها، وتهتزّ النحلة قليلاً عندما تستدير، وتشير مدّة الاهتزاز إلى مدى جودة مصدر الغذاء الذي وجدته.
- الرقص المنجلي: (بالإنجليزيّة: sickle dance)، تلجأ النحلة الكشّافة للرقص المنجلي إذا كان مصدر الطعام يبعد عن الخلية 50-150 متراً، وتُؤدّى هذه الرّقصة من خلال حركات على شكل هلال.
- الرقص الاهتزازي: (بالإنجليزيّة: Waggle dance)، ترقص النحلة الكشّافة الرقص الاهتزازاي إذا كان مصدر الطعام بعيداً عن الخلية أكثر من 150 متراً، إذ تطير النحلة إلى الأمام بخطّ مستقيم، وأثناء ذلك تهزّ بطنها، وتحرّك أجنحتها ليصدر عنهما صوت طنين، ثمّ تطير بحركة دائرية إلى اليمين، وتعود إلى الخطّ المستقيم، وتطير مرّة أخرى بحركة دائرية إلى اليسار، ثمّ تعود إلى الخطّ المستقيم، ويحدّد طول الخطّ المستقيم تقريباً المسافة التي تفصل بين الخلية وموقع الزهرة.
خصائص لغة الرقص عند النّحل
يبيّن ما يأتي أهمّ خصائص لغة الرقص عند النحل:
- يعتمد النحل بشكل أساسي على حاسّة البصر للاستفادة من المعلومات التي تنقلها النحلة الكشّافة بعد عودتها إلى الخلية عن طريق الرقص.
- تساهم لغة الرقص في المحافظة على خلية النحل من الموت جوعاً.
- تُعدُّ قابلية تبادل الأدوار في لغة الرقص داخل الخلية محدودة؛ وذلك لأنّ النحل الكشّاف هو فقط الذي يؤدّي الرقصات، إذ لا يمكن تعليم النحل الآخرين لغة الرقص؛ لأنّه سلوك فطري.
- لا يمكن النظر إلى الرقص كسلوك عشوائي، إذ يوجد ارتباط مباشر بين شكل الحركات التي تستخدمها النحلة أثناء رقصها ومعنى تلك الحركات.
التخاطب الكيميائي عند النحل
يتواصل النحل مع أفراد المملكة التي ينتمي إليها وأحياناً مع أفراد المملكات الأخرى عن طريق الفيرمونات، وهي مواد كيميائية تُفرز من غدد النحل، وتساهم في تنظيم حياة مملكة النحل على جميع الجوانب، بما في ذلك التطوّر، والتكاثر ، والدفاع عن الخلية، والتّوجيه، والبحث عن الغذاء ، وتتمكّن النّحلة من تمييز رائحة الفيرمونات بواسطة مستقبلات حسّية توجد على قرون الاستشعار.
الفيرمونات التي تنتجها ملكة النحل
تنظّم ملكة النحل العمل داخل المملكة عن طريق فيرمونات تنتجها غدد مختلفة، وتنبعث كمزيج كيميائي يُعرف باسم إشارة الملكة، إذ تمنع إشارة الملكة تكاثر العاملات، وتربية ملكة جديدة، في حين تحفّز العاملات على أداء مهامها؛ مثل التنظيف، والحراسة، والبحث عن الطعام، وتغذية الحضنة، أمّا في حال ضعف أو عدم وجود إشارة الملكة نتيجة مرضها وتقدّمها بالعمر أو موتها، فإنّ ذلك يؤدّي إلى دفع العاملات لتربية ملكة جديدة من الحضنة خلال 12-24 ساعة، وفي حال عدم وجود حضنة تضعف المملكة، وتبدأ العاملات بتأدية مهام أخرى، فتضع البيض غير المخصّب، ومن أهمّ الفيرمونات التي تنتجها الملكة:
- فيرمونات الغدد الفكّية: (بالإنجليزيّة: mandibular pheromone)، تفرز الملكة عدّة فيرمونات من الغدد الفكّية التي توجد في الرأس، ومنها: (9-HAD)، و(9-ODA)، ومن وظائف فيرمونات الغدد الفكّية للملكة:
- جذب ما بين 8-10 عاملات لتشكيل ما يُعرف باسم حاشية الملكة، ووظيفتها تغذية الملكة، والعناية بها، ولعقها بهدف التقاط فيرمون الملكة ونشره في أرجاء الخلية.
- تجميع النحل أثناء التطريد، إذ تترك الملكة القديمة في هذه الحالة العشّ، وتجذب معها سرب من النحل نحو عشّ جديد.
- جذب الذكور للتزاوج أثناء طيران التزاوج.
- فيرمونات الغدّة الظهرية: (بالإنجليزيّة: Tergal Gland Pheromones)، لها دور مساند لفيرمونات الغدد الفكّية، فهي تساعد على تكوين حاشية للملكة من العاملات، بالإضافة إلى تثبيط نموّ مبايض العاملات.
- فيرمونات الغدّة الرصغية: (بالإنجليزيّة: Tarsal Gland Pheromones)، هي فيرمونات تفرزها الملكة بعد التزاوج لمنع العاملات من بناء البيوت الملكية.
- فيرمونات غدّة دوفر: (بالإنجليزيّة: Dufour’s Gland Pheromones)، هي فيرمونات لها دور في تمييز البيض الذي تضعه الملكة عن البيض الذي تضعه العاملات، وبذلك تتمكّن العاملات من إتلاف بيض العاملات، وترك بيض الملكة سليماً، إذ تضع نسبة صغيرة من العاملات البيض حتى في وجود الملكة.
الفيرمونات التي تنتجها العاملات
يؤدّي بقاء خلية النحل دون ملكة لسبب أو آخر إلى بدء بعض العاملات بإفراز فيرمونات تكسبها القدرة على وضع البيض، وتثبّط في الوقت نفسه نموّ مبايض العاملات الأخرى، كما تفعل فيرمونات الملكة تماماً، وتُسمّى هذه العاملات بالملكات المزيّفات، وبالإضافة لما سبق تفرز العاملات عدّة فيرمونات أخرى، منها:
- فيرمون تنظيم توزيع المهام الخاصّة بالعاملات: تفرز العاملات الباحثة عن الطعام مادّة تُسمى إثيل أوليت، وعند وجود عدد كبير من العاملات الباحثة تثبّط هذه المادة تطوّر النحل الصغير، أمّا عند ضياع النحل الباحث أو تقدّمه في العمر فإنّه يقلّ إفراز هذه المادة، وبالتالي يتوقّف تثبيط نموّ النحل الصغير، فيعود ليتطوّر من جديد إلى نحل باحث عن الطعام.
- فيرمون ناسانوف: (بالإنجليزيّة: Nasonov pheromone)، هو فيرمون يفرزه النحل الكشّاف عند موقع العشّ الجديد لإرشاد باقي السرب إلى مدخله، كما يفرزه النحل عندما يجد مصدراً للماء، وقد يفرزه في بعض الحالات عند عثوره على مصدر للرحيق في فترة تعاني منها الخلية من نقصه.
- فيرمونات الإنذار: تفرزها العاملات المسؤولة عن الدفاع عن الخلية استجابة لخطر ما، ولتنبيه باقي أفراد الخلية، ويمكن إفراز هذه الفيرمونات بمجرد إبراز إبرة اللّسع دون القيام باللّسع، أو أثناء اللّسع.
الفيرمونات التي ينتجها ذكور النّحل
يفرز ذكور النحل القليل من الفيرمونات، ويعود ذلك لمحدودية دور الذكور في مملكة النحل، واقتصاره على التزاوج، ولذلك تكون الغدد الفكّية لديهم صغيرة الحجم مقارنة بالملكة والعاملات، وتبلغ ذروة نشاطها الإفرازي عندما يصل عمر الذكر إلى 7 أيام، ويتوقّف نشاطها تماماً عند بلوغ الذكر عمر 9 أيام، كما أنّ غدد أخرى لديهم تفرز مواد تختلف في تركيبها الكيميائي عن تلك التي تفرزها إناث النحل، ولا يزال دورها غير معروف حتى الآن، ويعتقد العلماء أنّ ذكر النحل يفرز تراكيب كيمائية على سطح جسمه تساعد العاملات على تمييز عمره، إذ إنّ العاملات تهتمّ بتنظيف وتغذية ذكر النحل في أيامه الأولى، بينما تهاجمه وتُخرجه من الخلية عندما يكبر.
للتعرف أكثر على مملكة النحل مملكة النحل