ما هي قصة قوم لوط
ما هي قصة قوم لوط
بعث الله -تعالى- نبيّهُ لوط -عليه السّلام- بعد أن نزح مع إبراهيم -عليه السّلام- إلى مدينة سدوم من أرض غور زُغر، فدعا قومه إلى التّوحيد، ونبْذ الشّرك، ونهاهم عن المُحرّمات والمُنكرات، وخاصةً فعلهم للّواط، ولكنهَّم رفضوا دعوته، وأصرُّوا على فُجورهم وكُفرهم، فبعث الله -تعالى- عليهم عذاباً من عنده، وممّا جاء في ذكر قصتهم في القرآن الكريم قولهِ -تعالى-: (وَلوطًا إِذ قالَ لِقَومِهِ أَتَأتونَ الفاحِشَةَ ما سَبَقَكُم بِها مِن أَحَدٍ مِنَ العالَمينَ* إِنَّكُم لَتَأتونَ الرِّجالَ شَهوَةً مِن دونِ النِّساءِ بَل أَنتُم قَومٌ مُسرِفونَ* وَما كانَ جَوابَ قَومِهِ إِلّا أَن قالوا أَخرِجوهُم مِن قَريَتِكُم إِنَّهُم أُناسٌ يَتَطَهَّرونَ).
وقال الله -تعالى-: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ)، فكانوا أوّل قوم فعلوا اللّواط، وأتَوا بهذا الفعل الفاحش، وقد عاقبهم الله -تعالى- بسبب كفرهم وشركهم به -سبحانه-، والاستهزاء بشرعه وأوامره، ويُمكن الحديث عن لوط -عليه السّلام- ودعوته وقومه بشكلٍ مُفصّل من خلال النِقاط الآتية:
- التّعريف بقوم لوط -عليه السّلام-: هُم قومٌ كانوا يسكنون سدوم؛ وهي قريةٌ تقع شرق النّهر في غور الأردن عند البحر الميت، وقد عبدوا العديد من الآلهة، واشتُهروا بفعلهم للّواط، و أنعم الله -تعالى- عليهم الكثير من النّعم ؛ ولكنّهم استعملوها في معصيته، فوصفهم الله -تعالى- بقوله: (وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ).
- بل كان قوم لوط يُجاهرون بالمعاصي واللّواط، ويَفتخرون بفعلهم، وكانوا يَرصدون الطُّرق؛ للعُثور على الرِّجال الوافدين، وبقوا على ذلك حتّى بعث الله -تعالى- إليهم لوط -عليه السّلام-، ودعاهم إلى التّوحيد، وتركهم للفاحشة والعُدوان، ولكنّهم لم يؤمنوا واستمرّوا على معاصيهم.
- التّعريف بنبيّ الله لوط -عليه السّلام-: كان لوط -عليه السّلام- ممَّن آمن بدعوة عَمّهِ إبراهيم -عليه السّلام-، وهاجر معهُ إلى الشام، ثُمّ رجع إلى سدوم، وتزوّج منهم، فأرسله الله -تعالى- إليهم، وإلى ما حولها من القُرى، فآمن معهُ ابنتاه، وكفرت به زوجته، وكانت تنقُل لقومها أخباره وما يأتي عليه من ضيوف، فهلكت مع قومها بالعذاب، فانحصر الإيمان في بيت لوط -عليه السّلام-، وأنجاه الله -تعالى- ومن آمن معه.
- التّعريف بدعوة لوط -عليه السّلام-: أرسل الله -تعالى- لوط -عليه السّلام- بعد بُلوغهِ سنّ الأربعين إلى قرية سدوم، ليدعوهم إلى التّوحيد، والإخلاص في العبادة، وبيّن لهم أنه ناصحٌ أمينٌ لهم، لِقولهِ -تعالى-: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ* إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ).
- فقابلوه بالكذب، وهدّدوه بالطّرد والإخراج من القرية، وطلبوا من النّاس الابتعاد عنه وهجره، ولكنّه استمر في دعوتهم ونُصحهم، وبيانه لهم بعظيم جُرمهم وفعلتهم، ونصحهم بالخوف من عذاب الله -تعالى- الذي سينزل عليهم دنيا وآخرة إن استمرُّوا على أفعالهم وكفرهم، فردُّوا عليه باستهزاء أن ياتيهم بهذا العذاب إن كان صادقاً فيما يقول، فدعا الله -تعالى- بقوله: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ).
- التّعريف بابتلاء الله -تعالى- لقوم لوط -عليه السّلام-: أرسل الله -تعالى- عدداً من الملائكة إلى لوط -عليه السّلام- على هيئة رِجالٍ حِسان يمشون على أرجُلِهِم، فخاف عليهم من قومه، وسارعت زوجته بإخبار القوم بأمر الرِّجال، وكانت تصفُ لهم حُسنهم وجمالهم، فجاؤوهُ مُسرعين، فعرض عليهم الزّواج من بناته بطريقةٍ شرعيّة، وذكر الله -تعالى- ذلك في القرآن الكريم، فقال -تعالى-: (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ).
- فأجابه قومه بِسُخرية واستهزاء أنّهم يُريدون الرّجال الذين عنده، فلجأ إلى الله -تعالى-، فطمأنته الملائكة أنّهم رُسلٌ بعثهم من الله -تعالى- لإهلاك قومه، فقال -تعالى- عن ذلك: (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)، فسار لوط بأهله ومن آمن معه في اللّيل، وفي الصّباح أرسل الله -تعالى- عليهم العذاب فأهلكهم جميعاً.
سبب هلاك قوم لوط
وَعَظ لوط -عليه السّلام- قومه، ووعدهم بالعذاب من الله -تعالى- إن لم يتوبوا عن أفعالهم، فهدّدهم بالرّجم، وأحياناً بالإخراج، لِما كانوا يفعلونه من المُنكر واللّواط، فأجابوا نبيّهم بأن يأتيهم بما يعدهم من العذاب، لِقولهِ -تعالى-: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)، فأرسل الله -تعالى- عليهم العذاب؛ لأنّهم كانوا يُمارسون الشُّذوذ الجنسيّ؛ أي اللّواط فيأتون الرّجال، ويُجاهرون بذلك في نواديهم، ويَقطعون الطّريق على التُّجار والمُسافرين، ويأخُذون أموالهم، ويعتدون عليهم بالفاحشة، ويُحرِّضون النّاس على إخراج لوط -عليه السّلام- ومن آمن معه.
هلاك قوم لوط
أهلك الله -تعالى- قوم لوط بالحصباء؛ وهي الحصى أو الحِجارة، وشبّهها بالسّحاب، فدمّرتهم وأهلكتهم جميعاً، وذكر الله -تعالى- ذلك بقوله: (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)، فأنجى الله -تعالى- لوط -عليه السّلام- وآله وأتباعه الّذين آمنوا معه، كان من عذابهم بِأن قُلبت الأرض عليهم فأصبح عالي قريتهم إلى أسفلها، وأُمطِر عليهم حجارةً من الطّين المُتصلّب، لا تُشبه حجارة الأرض، وجعلها الله بجانب بعضها كالصّف، وعلّمها بعلاماتٍ معروفة، واستقرّ العذاب عليهم، لقوله -تعالى-: (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ)؛ أي مُستقِرّاً عليهم لا يُفارقهم إلى أبد الآبدين، فهم في قُبورهم يُعذّبون، ويوم القيامة يُعذّبون في جهنّم، وقيل إنّ جبريل -عليه السّلام- هو الذي خسف الأرض بقرية قوم لوط، وجعل عالِيَها سافِلَها، ومن كان منهم خارج القرية أمطرهُ بالحجارة.