أعظم أسباب صلاح الأبناء
كثرة اللجوء إلى الله عزّ وجلّ
صلاح الأبناء همٌّ يشغل تفكير الآباء كثيراً، فلا يدعون وسيلةً يمكن أن ينتفع بها أبناؤهم؛ إلّا ويسعون إليها ما استطاعوا، فالأبناء محلُّ آمال الآباء وطموحاتِهم، ورغبتهم في أن يكون أبناؤهم في أرقى مراتب الصلاح، وأن يكونوا أسوة ومثلاً للعالمين، وفيما يأتي بعض من يُستعان به على ذلك.
يعلم المؤمن أنّ الأمر كله لله، فليس له ملجأ سواه، وإن كان الله معه ورضي عنه هيأ له أسباب الهداية والصلاح واليسر، ويعلم أنّه -سبحانه- يجيب دعاءه، من أجل ذلك لا ينبغي أن يفتر الأبوان عن الدعاء لأبنائهما بالصلاح والتقوى؛ فتلك صفة عباد الرحمن وهذا دعاؤهم: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
التربية بالقدوة
هذه أعظم وسائل التربية تأثيرًا في الأبناء؛ فمن أراد صلاحهم فعليه أن يحرص على صلاحه وسلامة أفعاله أمامهم، فإنّ الأب مهما أكثر من نصح أبنائه ثمّ فعل خلاف ذلك مرَّةً واحدةً؛ فقد هدم كلّ نصحه، فالأبناءٌ صورةٌ عن آبائهم، فمن رأى أباه وأمه حريصين على الصدق والبر وحسن الخلق، والتوحيد وأداء العبادات؛ فإنّه غالبًا سيكون مقلِّدًا لهم سائرًا على خطاهم.
التربية الإيمانية
الإيمان بالله واليوم الآخر من أعظم أسباب الصلاح بل لا يتصور صلاح بدونهما، ومن الأمانة أن يربي الأب ابنه على ذلك، ويربط كلّ حياته بالله -عز وجل- وباليوم الآخر؛ فيتقيد سلوك الأبناء بأحسن القيود وأنفعها لهم، ويرون دلائل وحدانية الله في كلّ شيءٍ يتفكّرون فيه، وبذلك يعتصمون بإيمانهم من التيه وراء الشهوات، ويحفظون سلوكهم؛ رجاء الفوز بالآخرة لا لشيءٍ آخر دنيويٍّ زائلٍ.
التربية الفكرية العلمية
لقد كثرت النوافذ التي يطل من خلالها الأبناء على كلّ ما في العالم، وكلها تدعوه إليها، وما أكثر شبهاتها وإيحاءاتها وتنوع أساليبها؛ من أجل ذلك لا بد أن يبني الآباء في عقول أبنائهم أصولاً فكريَّةً علميَّةً؛ يستطيعون من خلال تطبيقها معرفة ما يصلح مما يضر أو ما لا فائدة فيه، فتربية العقول على النقد والتأمل والتفكير الجاد من ضروريّات الاستقامة والصلاح.
التكرار والإصرار مع إظهار الشفقة والرحمة
لا ينبغي أن يمل الآباء من التربية والتوجيه والنصح لأبنائهم برفقٍ ورحمةٍ وشفقةٍ وحرصٍ مُعلَنٍ عليهم، فإنّ الآباء إمّا أن يكونوا موجودين على نحوٍ مستمرٍّ في وجدان وحياة أبنائهم، وإمّا أن يستعدّوا لعضّ أصابع الندم على التفريط، فلا مكان للفراغ ولا مكان للاعتماد على مجهولٍ ولا مكانٍ للملل، بل هي أمانةٌ مستمرَّةٌ مع الحياة، ورحمةٌ بالأبناء وشفقةٌ عليهم من الغواية، وأداءٌ للمسؤولية الإيمانيّة والأخلاقيّة.
الصاحب ساحب
مراقبة ومعرفة علاقات الأبناء من أهمّ المهمات، فمن صحب الصالحين دلوه على الصلاح، ومن صحب العقلاء كان عاقلًا، ومن صحب العلماء اشتغل بالعلم، ومن عاش بين أصحابٍ صالحين وبارين كان بارًّا وهكذا، ومن المهم معرفة النوافذ التي يطلّ منها ابنك من خلال وسائل التواصل الاجتماعيّ؛ فإنّها صحبةٌ تسحب الأبناء من أيدي آبائهم.