ما هي ضوابط الحرية
الحريّة
الحريّة هي قدرة الإنسان على القيام بالأمور التي لا تضر بالآخرين، وهي تعني أيضاً قدرة الإنسان على قول وعمل ما يشاء دون أن يخالف القانون أو العدل، والحريّة في اللغة هي قيام الفرد بأي عمل يريده دون وجود أي مانع، وهي في الاصطلاح تعني حفاظ الأفراد والجماعات على الحقوق التي يتمتعون بها، وتناقض الحريّة العبوديّة فهي التي تمنح الإنسان فعل أو ترك ما يشاء وبإرادته.
ويختلف مفهوم الحريّة في كل فلسفة؛ فالبعض يعتقد أنّ مفهوم الحريّة هو عدم استغلال الآخرين، وهذا المفهوم هو جزء من مفهوم الحريّة في الفكر الإسلامي وليس المفهوم الكامل للحريّة، وذكر البعض للحريّة على أنّها دون حدود فهذا أمر لا يقبله الإسلام ؛ لأنّها بذلك ستهدم المجتمع وقيمه.
ضوابط الحريّة
لحدود الحريّة عدة مستويات، وهذه المستويات تتمثل فيما يأتي:
- حدود تظهر حسب القناعات الشخصيّة للإنسان وهذه الحدود لا تتعدى الشخص إلى غيره فهي لازمة له كالكذب وإن تعدت هذه الحدود إلى أشخاص آخرين وألحقت الضرر بهم فهنا تنتقل إلى مستوى آخر وليس إلى هذا المستوى.
- حدود تُظهرها المجتمعات من خلال عاداتها وقوانينها ومعتقداتها ومواثيقها كالعادات والأعراف.
- حدود تصنعها السّلطة من خلال القوانين التي تضعها، وتكون هذه السّلطة بالقهر أو بالاتفاق مع النّاس، وهذه الحدود لها أوجه عديدة كالحدود المحرمة والواجبة والجائزة.
- حدود إلهيّة بيد الله سبحانه وتعالى لايستطيع أي إنسان تجاوزها أو الانعتاق منها سوا الملحدين الّذين لا يؤمنون بالله ومن لا دين لهم الّذين لا يؤمنون بالرّسائل السّماويّة.
فالحريّة حق لكل النّاس، وقد منح الله تعالى الإنسان الحريّة في التّعبير والدّين واختيار العقيدة والتّصرف، قال تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا)، والحريّة هي مطلب إنساني لا يختلف عليه أحد، ولا تأتي ثمارها إلا إذا مارسها الإنسان بطريقة صحيحة على ألا تتعارض مع الدّين وقوانين الدولة والأخلاق وكذلك حقوق الآخرين، إذ إنّ حريّة الإنسان تنتهي عندما تبدأ حريّة الآخرين، وللحريّة في الإسلام ضوابط معيّنة تتمثل فيما يأتي:
- ألا تؤدي حريّة الفرد أو الجماعة إلى تهديد أركان النّظام العام وسلامته.
- ألا تؤدي الحرية إلى تفويت حقوق أعظم منها، لذا لا بد من النّظر إلى قيمها ونتائجها ورتبتها وذاتها.
- لا بد من أن تكون الحريّة غير مضرّة بالآخرين وحرياتهم.
أنواع الحريات
إنّ للحريّة أنواعاً مختلفة تندرج تحت نوعين رئيسين من الحريّات، وهما كالتّالي:
- الحريات الشّخصيّة: تأتي الحريّات الشّخصيّة في مقدمة الحريّات ويعتبر وجودها شرطاً لوجود الحريات العامة الأخرى، ومن أهم الحريات الشخصية ما يأتي:
- حرية التّنقل: تعني هذه الحريّة حق الإنسان في الانتقال من مكان إلى آخر والخروج والعودة إلى بلده دون وضع قيود عليه وذلك وفقاً للقوانين السّائدة في بلاده.
- حريّة الأمن الشّخصي: تضمن هذه الحريّة عدم القبض على أي فرد أو حبسه واعتقاله إلّا في حالات ينص عليها القانون.
- حريّة الحياة الخاصة وحمايتها: من أهم الحريّات الشّخصيّة حرمة المسكن وتعني هذه الحريّة عدم جواز بل تحريم اقتحام المساكن أو تفتيشها إلا في حالات معيّنة يحددها القانون.
- حريّة المراسلات وسريّتها: تتضمن هذه الحريّة عدم مصادرة المراسلات السّريّة بين الأفراد فهي بذلك اعتداء على حقهم في ملكيّة الخطابات التي تتضمنها هذه المراسلات.
- الحريّة الفكريّة: إنّ للحريّة الفكرية أربعة أقسام رئيسيّة وهي كالتّالي:
- حريّة الدّيانة والعقيدة: تعني حريّة الإنسان في اعتناق الدين الذي يريده وحريّته في ممارسة شعائر ذلك الدين وتكون هذه الحريّة في حدود النظام العام والآداب.
- حريّة التّعليم: تتضمن هذه الحريّة حق الفرد في الحصول على التّعليم بالتّساوي مع غيره من المواطنين وأن تكون له الحريّة في اختيار العلم الّذي يناسبه ويريده.
- حريّة الصّحافة: تعني حريّة الإنسان في التّعبير عن رأيه في المجلات والجرائد المتنوعة وكذلك وسائل الاتصال المرئية والمسموعة والمكتوبة على أن تكون ممارسته لهذه الحرية في حدود الآداب العامة والنّظام دون تشهير بأحد ودون التّدخل بالحياة الخاصّة للآخرين.
- حريّة الرأي: تعني هذه الحريّة حق الإنسان في التّعبير عن رأيه في مختلف المجالات.
الطّريق إلى الحريّة
حتّى يحصل الإنسان على الحريّة لا بد له من السّعي جاهداً في طريقها، فطريقها طويل لا يمكن الوصول إليه بالكلام أو الأمنيات، وهنالك خطوات أساسيّة تصل بالإنسان نحو الحريّة، ومن هذه الخطوات:
- ضرورة تعويد العقل على التّفكير بشكل مستقل وبحريّة، إذ إنّ قيام الإنسان بالتّفكير وبممارسة الحريّة في عقله ونفسه بشكل مستمر تحرره من القيود وتعطي فكره مرونة في النّقد الذّاتي والحوار الدّاخلي وكذلك تقبل النّقاش، ويعتبر التّفكير في الحريّة من أولى المطالب الإنسانيّة الأساسيّة التي تقود نحو الحريّة.
- من المهم التّغيير في منهجيّة التّربيّة سواء أكانت في الأسرة أم المجتمع، إذ لابد من أن يتعلم الصّغار معنى الحريّة وكيفيّة استخدام عقولهم دون أن يكون هنالك قيود عليهم.
- إنّ الجهل من أهم الأمور التي تّفقد الإنسان حريّته، والمعرفة هي التي تجعل الإنسان حرّاً وترشده نحو بصيرة واضحة يفهم من خلالها حياته ونفسه.
- إنّ حركة الحريّة حركة نشطة فيها سعي وجهد فالطريق نحوها صعب، وحتّى يصل الإنسان إلى حريّته عليه أن يسعى ويجتهد ويكتسب التّجارب.
- ضرورة أن يؤمن الإنسان بأن حريّة الآخر تأتي قبل حريّته، وإنّ حريّة الإنسان لا تتحقق إلا إذا تعايش مع حريات الآخرين.