ما هي صفات الزوجة الصالحة
الصفات الدينيّة للزوجة الصالحة
شرع الله -تعالى- الزّواج للمسلمين، وأوصى الرّجل أن يتأنّى ويتخيّر من النّساء أفضل من تُعينه على دينه ودنياه وآخرته، ومن الصّفات التي حثّ عليها الإسلام في الزوجة:
- أن تكون صاحبة دينٍ قويم وسُمعة حسنة وصلاح تامّ، وأن تلتزم بكتاب الله -تعالى- وسنّة نبيّه، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)، أيّ إنّ هذه الصّفات الأربعة أهمّ ما يبحث عنه النّاس في الزّوجة، ولكنّ رسول الله يحثّ الرّجل أن لا يترك صاحبة الدّين ويذهب لغيرها، لأنّ بالزّواج منها نفعٌ دنيوي و أخرويّ، فهي تُعين زوجها على امتثال أوامر الله -تعالى-، وتذكّره بالله عند وقوعه بالمعصية، وتحفظ مال زوجها وأولاده.
- ولكن ليس المقصود من الحديث أنّ الزّواج من المرأة الغنيّة، أو الجميلة، أو صاحبة المنصب ممنوع، إنّما المقصود إن وجدت صاحبة الدّين فإنّها تُقدّم على هؤلاء، وإن اجتعمت فيها صفةٌ أو أكثر من الجمال أوالمال مع كونها صاحبة دين وصلاح، فهذا زيادة في الاستحباب.
- أن تُطيع أوامر زوجها ولا تعصيه، ما لم تكن أوامره في معصية الله -تعالى-، حيث إنّ الله قرن طاعته بطاعة المرأة لزوجها، وعدّ ذلك من أسمى ما تتقرّب به المرأة لله -تعالى-، قال الله -تعالى- في القرآن : (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)، ويُقصد بالقانتات: أي المطيعات لأوامر الله ولأزواجهنّ.
- والطّاعة للزّوج تكون في حدود ما أحلّه الله -تعالى-، ولا تجب طاعته في معصية؛ لأنّه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق؛ كمن يأمر زوجته بخلع الحجاب مثلاً، فلا يجب طاعته في ذلك، ويندرج تحت هذا البند أن تُطيع المرأة زوجها عندما يريد معاشرتها وأن لا تمنع نفسها عنه، إلّا إن كانت في عذر شرعي أو بسبب مرض، والمرأة التي تمنتع عن زوجها دون عذرٍ تلعنها الملائكة كما جاء في حديثٍ صحيح.
- أن تحفظ زوجها في ماله وعِرضه، والمرأة الصّالحة تحفظ زوجها سواءً كان حاضراً أو غائباً، ويكون حفظها له بمحافظتها على نفسها وعلى عرضه وعلى ماله.
- أن لا تأذن لأحدٍ دخول بيت زوجها دون علمه، و أن لا تسمح لرجلٍ أجنبيٍّ أن يدخل عليها دون وجود زوجها، حتّى لو كان من أقاربها أو من أقارب زوجها، ويدخل في ذلك أن تمتنع المرأة من إدخال أحدٍ يكرهه الزّوج إلى بيتها دون علمه حتّى لو كانت امرأة.
- أن لا تنفق من مال زوجها دون إذنه حتّى وإن كان غنيّاً، وتُراعي في مال زوجها عدم الإسراف والتّبذير، وأن لا تصرفه في غير وجوهه الشّرعيّة، حتّى لو أرادت الإنفاق من أجل التّطوع أو الصّدقة فيجب استئذان زوجها في ذلك، إلّا إن كان من مالها الخاصّ.
- أن تستأذنه عند صوم التّطوّع ، فلا يحلّ لها صوم التطوّع في حال وجود زوجها دون أخذ إذنه؛ لأنّها في ذلك تمنعه من حقّ معاشرتها، فوجب استئذانه، ولكنّها لا تستئذنه في صوم الفريضة.
الصفات الأخلاقيّة للزوجة الصالحة
لا يكفي أن تكون الزّوجة ذات دين، بلا بدّ أن تكون ذات خُلُقٍ أيضاً، ومن أهمّ الأخلاق التي يُستحبّ أن تكون في الزّوجة:
- الود، والرّحمة، والحنان: والزّوجة الصالحة تكون ودودةً لزوجها، ومُخلصةً في حبّها له، تسعى لرضاه وتفعل كلّ ما يقرّبها من قلبه، وهذه المرأة تكون سبباً في سعادة زوجها وراحته النّفسية، ورحمتها لا تقتصر على زوجها، بل تكون رحيمة بأبنائها، حانيةً عليهم، ترعى شؤوونهم بحبّ، فتربّيهم التّربية السّليمة، وقد امتدح رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- نساء قريش لاتّصافهن بهذ الصّفة، فقال: (خَيْرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ صالِحُ نِساءِ قُرَيْشٍ، أحْناهُ علَى ولَدٍ في صِغَرِهِ، وأَرْعاهُ علَى زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ).
- الحِلْم والأناة: وهذه خصال يُحبّها الله -تعالى- في كلّ مسلم، ولو اتّصفت بهما المرأة فكانت حليمة، صبورة، ومتأنّية، فإنّ ذلك ينمّ على شدّة خُلُقها وطيب معدنها، فيطيب العيش معها، وتَخَلّي المرأة عن مثل هذه الأخلاق كفيلٌ بهدم عشّ الزّوجيّة، والأثر السّلبي على كلّ فردٍ من أفراد الأسرة.
- رجاحة العقل: وذلك لأنّ الزّواج هو عِشرة دائمة، والعيش مع المرأة ذات العقل المتّزن يكون عيْشاً هنيئاً.
الصفات الاجتماعيّة للزوجة الصالحة
حدّد الشّرع بعض الصّفات الاجتماعية التي يُستحبّ أن يراعيها الرّجل عند بحثه المرأة التي يريد الارتباط بها، والتي تكون سبباً في استدامة الحياة المستقرّة، ومنها:
- أن تكون ولوداً: أي تستطيع الإنجاب وتكثير ذريّته، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تزوَّجوا الودودَ الوَلودَ فإنِّي مُكاثِرٌ بِكُمُ الأممَ).
- أن تكون بِكراً: أي لم يسبق لها الزّواج، فقد فضّلها رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- على الثّيِّب لصحابيٍّ أراد الزّواج، والحكمة من ذلك أنّها لم يسبق لها الزواج والتعلّق برجلٍ غيره، فيكون هو أوّل من يباشرها، وهناك حالات يكون الزواج بالثيّب فيها أفضل لقيام المصلحة بذلك للزوجين.
- أن تكون ذات حسب ونسب: أي أن يكون أصلها من بيئةٍ طيّبة ومعروفة؛ لكي ينتقل طِيب الأصل إلى أولادها.
- أن تكون على قدرٍ من الجمال: لأنّها إن كانت جميلة كان ذلك مُعيناً له على غضّ البصر ، وترتاح نفسه ويسرّ عند النّظر إليها، فتتحقّق بينهما المودّة.
- أن تكون أجنبية عنه، حيث إن الزّواج من القرابة الشّديدة قد لا يُوفّق وينتهي بالطّلاق ، فيكون سبباً في الخصام والقطع بين الأرحام.
- أن تكون قد تربّت في بيئةٍ كريمةٍ وهادئة، فتكون الزّوجة عطوفة وحنونة، فتحنو على أولادها وزوجها، وقد خطب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أمّ هانئ ولم توافق لأنّها تربّي أولادها، فامتدح رسول الله المرأة الحانية على أولادها.
الحقوق بين الزوجين
حقوق الزوجة
إنّ لكلّ من الزّوج والزّوجة حقوقاً واجبة، وحقوق الزّوجة على زوجها هي:
- النّفقة عليها من طعامٍ وشرابٍ وكسوةٍ وتأمين مسكن مناسب لها.
- المعاشرة والاستمتاع بها، ولا يحقّ هجرها وتركها مُدّة تزيد عن الأربعة أشهر.
- العدل بينها وبين زوجاتها، إن كان متزوّجاً أكثر من واحدة، والمبيت عند الزّوجة ليلة في كلّ أربع ليالٍ، وهذا الحقّ للزّوجة أقرّ به عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في عهده.
- الإقامة عند الزّوجة البكر في بداية الزّواج سبع ليال، وعند المرأة الثّيب ثلاث ليال، ثمّ يعود لباقي زوجاته، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (إذَا تَزَوَّجَ البِكْرَ علَى الثَّيِّبِ، أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وإذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ علَى البِكْرِ، أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا).
حقوق الزّوج
إنّ للزوج أيضاً حقوقاً واجبة على زوجته كما لها حقوق، قال الله -تعالى-: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، ومن حقوق الزّوج:
- طاعة الزّوج بالمعروف وعدم عصيانه ومخالفة أوامره، إلّا إن أمر بمعصية فلا تجوز طاعته.
- المحافظة على ماله وصيانة عرضه، واستئذانه عند الخروج من المنزل.
- السّفر معه أينما أراد، إلّا إن اشترطت الزّوجة قبل الزّواج عدم السّفر.
- تمكين الزوجة نفسها لزوجها متى أرادها، وعدم مُمانعتها ذلك؛ والزّوجة التي تمنع زوجها من حقّه الشّرعي دون عذرٍ أو مرض تلعنها الملائكة كما جاء في الأحاديث الصحيحة.
- استئذان الزّوج في صوم التطوّع إن لم يكن غائباً.
الحقوق المشتركة بين الزّوجين
هناك حقوق يشترك فيها كلا الزّوجين، وتجب على كلّ واحد منهما بمجرّد ثبوت عقد الزّواج، وهي:
- استمتاع كلّ من الزّوجين بالآخر، وهو حقّ لهما معاً.
- حرمة المُصاهرة لكلا الطّرفين، وهي أن تَحْرُم الزّوجة على والد زوجها، وأجداده، وعلى أبنائه وفروعه، وكذلك يَحْرُم الزّوج على أمّ زوجته وبناتها وفروعها.
- حقّ الميراث لكليهما يثبت بمجرد ثبوت العقد وإن لم يتمّ الدّخول، فيرث الزّوج زوجته عند وفاتها، وترث الزّوجة زوجها كذلك.
- ثبوت نسب الأولاد للزّوج.
- معاملة كلّ منهما الآخر بالمعروف؛ وذلك لتستمرّ بينهما المودّة والرّحمة.