ما هي شروط الزواج
شروط تتعلق بالعاقدين
حتى يصحَّ عقد النِّكاح لا بدَّ من شروط تتعلَّق بالعاقدين ، وهي ما يأتي:
- أهليّة التصّرف
وهي أن يكون العاقدان قادرين على إبرام عقد النكاح ومباشرته، بأن يكونا مدركين مميّزين له.
- سماع كلام الآخر
وهي أن يسمع العاقدان الإيجاب والقبول، حتى وإن كان أحدهما غائباً عن المجلس؛ ككتاب يكتب إلى المرأة يقصد فيه طلب الزواج منها.
- كوْن المرأة تحلّ للرجل شرعاً
فلا يجوز للرجل أن ينكح من لا تجوز له شرعاً؛ لحرمة مؤقتة أو أبديّة؛ كنكاح الرجل من أخته أو أمه أو المتزوجة برجل آخر أو المعتدّة من طلاق أو وفاة.
شروط تتعلق بصيغة العقد
يعتبر عقد النِّكاح كغيره من العقود ، فيستلزم فيه رضا العاقدين، والرِّضا أمرٌ خفيٌّ لا يمكن معرفته إلَّا من خلال:
- الإيجاب
وهو ما يصدر من لفظ من أحد العاقدين مبيِّناً إرادته في الزَّواج.
- القبول
وهو ما يصدر من لفظ من العاقد الآخر مبيِّنا موافقته على الزَّواج.
ولصيغة العقد شروط لا بد منها، وهي:
- أن يكون لفظاً يدلُّ على النِّكاح
مثل: أنكحت وزوَّجت وغيرها، ولا يشترط حصر اللفظ في التَّزويج والإنكاح، وينعقد بالإشارة بشرط العاجز عن الكلام عند الجمهور، إلَّا المالكيَّة، فلم يشترطوا العجز، فقد يصحُّ إبرام العقد بالإشارة وإن كان قادراً على الكلام.
- ألَّا يكون لفظ الزَّواج يدلُّ على التأقيت
أي ألا يتمّ تحديده بفترة زمنية محددة، وحتى يصحَّ العقد فلا بدَّ من كون الصيغة تدلُّ على الدَّوام والاستمرار.
- أن يتَّحد الإيجاب مع القبول من كلِّ الأوجه
فلا يخالف الإيجاب القبول أو العكس، فإن خالف أيّ وجهٍ لم ينعقد الزواج.
- أن يتَّصل الإيجاب بالقبول
حتى وإن اختلف المجلس خاصَّةً في أيَّام التَّواصل الاجتماعي، وقدرة تحقيق الفوريَّة والاتصال في الإيجاب والقبول.
- ألَّا يرجع الموجب عن إيجابه قبل صدور القبول
وإن رجع عن إيجابه لم ينعقد العقد، وبمثل ذلك لو توفِّي أحد العاقدين قبل صدور القبول لم ينعقد الزَّواج.
- أن يكون أحد اللفظين أو كليهما بصيغة الماضي
فإن كان أحدهما بصيغة الماضي فلا بدَّ للآخر أن يكون بلفظ المستقبل، فلا يجوز أن ينعقد بصيغة الحال والمضارغ.
ولا يشترط أن يكون إبرام عقد النِّكاح في الُّلغة العربيَّة، حيث من الممكن أن يكون العاقدان أو أحدهما من غير العرب، إلَّا إذا كان العاقدان من أهل الُّلغة العربيَّة، فلا بدَّ أن يكون باللفظ العربيِّ.
شروط أخرى
هناك شروطٌ أخرى في عقد الزَّواج، نورد منها ما يأتي:
اشتراط الولي للمرأة
الولي في النِّكاح هو من يتوقَّف على وجوده صحَّة العقد، فلا يعدُّ العقد صحيحاً بدونه؛ كالأب أو الجد أو الابن أو غيرهم مِمَّن له حقٌّ في التَّزويج، وقد تعددت الآراء بين الفقهاء في اعتبار وجود الولي شرطاً لصحَّة عقد الزَّواج، كما يأتي:
- جمهور الفقهاء من المالكيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة
ذهبوا إلى اعتبار وجود الولي شرطاً لصحَّة عقد الزَّواج، فإن زوَّجت نفسها بدون وليِّها فزواجها باطلٌ.
- الحنفيّة
ذهب الحنفيَّة إلى رأيٍ آخر فلم يشترطوا وجود الولي في عقد الزَّواج.
وقد استدلَّ القائلون بشرطيَّة وجود الولي في عقد النِّكاح بما يأتي:
- مجموعة من الآيات الكريمة التي خاطبت الرِّجال دون النِّساء في قضايا الزَّواج والمنع فيه، منها قوله -تعالى-: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ)، وقوله -تعالى-: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ).
- حديث أبي موسى -رضي الله عنه- عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا نِكاحَ إلا بوليٍّ).
- عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (أيُّما امرأةٍ نكحتْ نفسَها بغيرِ إذنِ وليِها فنكاحُها باطلٌ).
فالأحاديث النَّبويَّة الشَّريفة جاءت صريحةً ومبيِّنةً إلى اعتبار الولي شرطاً في صحَّة العقد، وأنَّه لا يحلُّ لامرأةٍ أن تُنكح نفسها بنفسها، فإن فعلت فنكاحها باطلٌ.
إلَّا أنَّ الحنفيَّة استدلوا بصحَّة عقد الزَّواج بدون وجود الولي إلَّا على الصغيرة بما يأتي:
- مجموعة من الآيات الكريمة
كقوله -تعالى:- (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)، فقد نُسب الزَّواج للنساء وبعبارتهنَّ دون الرِّجال، وكقوله: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ)، فهي كسابقتها في دلالة الآية في كون نسبة النِّكاح للنِّساء، إضافةً على أنَّ العضل والمنع في الآية يحتمل أن يكون للأزواج في منع مطلقتهن من الزَّواج بغيرهم بعد انقضاء عدتهنَّ.
- حديث ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيَّ -عليه السلام- قال: (الأيِّمُ أَحَقُّ بنَفْسِهَا مِن وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ في نَفْسِهَا، وإذْنُهَا صُمَاتُهَا)،
وقد ترك الحنفية للولي دور كبير وعظيم في فسخ عقد الزَّواج إن أبْرَمته مع غير ذي الكفء، فيكون في ذلك قد احتاط لأمر المرأة.
تحديد المهر
يعتبر المهر من شروط صحَّة العقد، ويسمَّى أيضاً بالصّداق، وقد بيَّن القرآن الكريم حكم المهر في أكثر من موقع، كقوله -تعالى-:
- (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)، والنِّحلة هي الإلزام والحتميَّة، فدلَّ على اشتراط المهر في عقد الزَّواج.
- (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً).
- (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، فدلَّت الآيات على جواز الزَّواج إذا أدَّى الزَّوج الصّداق للمرأة.
كما أيّدت السُّنَّة النَّبويَّة الشَّريفة شرط الصّداق في الزَّواج، فجاءت الأحاديث الكثيرة التي تأمر بإيتاء الزَّوجة المهر، ومنها:
- أنَّ النَّبيَّ -عليه الصلاة والسلام- مَنع عليًّا أن يدخل بفاطمة -رضي الله عنهما- حتى يعطيها شيئاً، ولما قال: ما عِندي شيءٌ؛ قال: (فأينَ درعُكَ الحُطميَّةُ؟ فأعطاهُ إيَّاها).
- ما رواه سهل السَّاعدي عن المرأة التي جاءت النَّبيَّ -عليه الصلاة والسلام- واهبةً نفسها، فقام سهل وسأل النَّبيَّ -عليه الصلاة والسلام- أن يتزوجها، فقال له النَّبيُّ: (هلْ عِنْدَكَ مِن شيءٍ تُصْدِقُهَا؟) فَقَالَ: ما أجِدُ شيئًا، فَقَالَ: (التَمِسْ ولو خَاتَمًا مِن حَدِيدٍ).
فقد دلَّ هذين الحديثين على وجوب المهر، فإن أسقط الزَّوجان المهر لم يصحَّ العقد عند المالكيَّة وإحدى الروايات عند أحمد، أمَّا عند جمهور الفقهاء من الحنفيَّة والشَّافعيَّة ورواية عند أحمد فلا يؤدي إسقاط المهر إلى بطلان عقد الزواج، بل للزَّوجة مهر المثل.
الشهادة على عقد النكاح
يقصد بالشَّهادة على عقد الزواج أن يكون لعقد الزَّواج شاهدان مسلمان عدلان بالغان؛ وذلك احتياطاً لحفظ النَّسب وحق المرأة وخوف الإنكار.