ما هي ثمرات الحياء
ما هي ثمرات الحياء؟
يُعدُّ الحياء خُلُق الإسلام؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ لِكُلِّ دينٍ خُلُقًا، وإنَّ خُلُقَ الإسلامِ الحياءُ)، ويُعرَّف الحياء بأنَّه: خُلُق يُؤثِّر في النفس؛ فيدفعها لترك كلّ ما يمكن أن يُسبب لها انكسار أو انقباض، فيترك ما من شأنه أن يعيبه أو يجعله يقصر في أي حقِّ.
وللحياء منزلةٌ عاليةٌ في الإسلام، حتى إنَّ صاحب الحياء يُعدُّ على شعبة من شعب الإيمان ؛ لقوله -صلى الله عيه وسلم-: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ شُعْبَةً، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ).
فالأمر بالحياء من كلام النبوات السابقة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ ممَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ، إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ)، فالحياء خُلُق الإسلام وهو من شعب الإيمان، ومن ثمرات الحياء في الدنيا والآخرة ما يأتي:
الحياء أصل لكل خير
يقول -صلى الله عليه وسلم-: (الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ)، فصاحب الحياء يجد في نفسه شِدَّةٌ من أن يقصر في حقِّ أحد، لذا لا يصدر عن صاحب الحياء إلاّ كلّ الخير، فهو علامة على إنسانية صاحبه.
والحياء يدفع صاحبه إلى مكارم الأخلاق مثل إكرام الضيف، والحفاظ على الوعد، وأداء الأمانة، وستر الخَلْق، وأيضاً فإنَّ الحياء من الله -تعالى- يدفع صاحبه إلى أداء ما افترض عليه من واجباتٍ تجاه ربِّه كالصلاة والصيام والمحافظة على الذكر.
والحياء من الإيمان لقوله -صلى الله عيله وسلم-: (الحَياءُ مِنَ الإيمانِ)، فالحياء عند المؤمن من الزواجر إلى فعل الخير، فمن لم يكن عنده خلق الحياء غلبه الهوى والشهوة، وأوقعته في المعاصي والآثام، لذا فالحياء أصلٌ لكلِّ خير، فقد عدَّ الفضيل بن عياض قلَّة الحياء من علامات الشقاوة، لأنَّ من قَلَّ حياؤه فقد فاته أصل الخير.
هجر المعاصي حياءً من الله تعالى
يجد صاحب الحياء في نفسه انكساراً وحرجاً بأن تصدر منه الذنوب والمعاصي أمام الناس، فكيف صدرت منه أمام الله -تعالى-، فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فاللهُ أحقّ أن يُسْتَحيا منهُ).
خاصّة أنَّ صاحب خلق الحياء يقرأ كتاب الله -تعالى-، ويعلم أنَّ الله -تعالى- مُطَّلِع عليه، ويعلم أنَّ لله -تعالى- أرسل رسلاً يكتبون ما يقول، قال -تعالى-: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾، فكيف يَقدم على المعاصي بعد هذا العلم.
وحين يقرأ قوله -تعالى-: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾، يعلم صاحب خلق الحياء إنَّ الله -تعالى- أقرب إليه من نفسه التي بين جنبيه، فلا يَقدم على المعاصي، فحياؤه يدفعه إلى الابتعاد عن الذنوب والآثام.
الحياء يكسو صاحبه الوقار
يدفع الحياء صاحبه إلى المبادرة إلى الفضائل، والابتعاد عن المعاصي، كما أنَّ صاحب الحياء لا يصدر منه تقصيرٌ بحقوق الخلق، ولأجل هذا يكتسي صاحب الحياء بالوقار والمَهابة بين الناس.
والحياء يرفع قدر صاحبه في نفسه وفي أعين الخلق، كما أنَّ صاحب خلق الحياء لا يفعل كثيراً مما يفعله الناس من خوارم المروءة، ولا يضع نفسه في موقف يخجل منه أو يعتذر عنه، ومن لم يستحِ من الناس لن يستحيَ من الله -تعالى-.
الحياء سبب لمحبة الله تعالى
يحرص صاحب خلق الحياء على فعل الخيرات واجتناب فعل المعاصي والآثام، وهو بهذا استحقَّ أن يحبّه الله -تعالى-؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ -تعالى- إذا أنعَم على عبدٍ نعمةً، يحبُّ أن يرى أثرَ النِّعمةِ عليه، ويحبُّ الحييَّ العفيفَ المتعفِّفَ)،
وصاحب خلق الحياء من أهل قوله -تعالى-: ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾، وإذا أحبَّ الله -تعالى- عبداً فهو يُكرمه ويرضى عنه، ويقدر له الخير، ويرزقه الإيمان و اليقين .
الحياء سبب لدخول الجنة
يقول -صلى الله عليه وسلم-: (الحياءُ من الإيمانِ، والإيمانُ في الجنةِ، والبَذاءُ من الجفاءِ، والجفاءُ في النارِ)، أي أنَّ الحياء علامةٌ على أن الإيمان قد تمكَّن في نفس صاحبه، وهذا الإيمان يُوصل صاحبه إلى الجنة.
والحياء يدفع صاحبه إلى فضائل الأعمال، وإلى التحلِّي بأحسن الأخلاق يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ).
وكان عمر بن عبد العزيز يعتبر أنَّ الحياء هو الدين كلُّه، أي أنَّه يدخل في كلّ جوانب الدين، فيدخل بين العبد ونفسه، وبين العبد وإخوانه، ويدخل بين العبد وربِّه، فإن أحسن في كلّ هذا كان من أهل الجنة.