نشأة الرواية الغربية
نشأة الرواية الغربية
حسب أقوال الدارسين يعود تاريخ الرواية الغربية إلى العصور الوسطى، يعود هذا التحليل لما تعنيه كلمة رومان(roman)، في معظم اللغات الأوروبية وهو رواية ونسبته لرومانس العصورالوسطى.كما تعتبر أيضًا قصص البيكاريسك وهي المشتقة من اللفظة الإسباني بيكارو شريكة في أصل الرواية الغربية، إلا أن القصص الرومانسية حملت طابعًا مثاليًا على عكس البيكاريسك التي كانت أكثر واقعية.
أصل الرواية الغربية
تعتبر الرواية الغربية المعاصرة وليدة عدة قصص مرت بمراحل متعددة من المخاض حتى وصلت لما هي عليه الآن من تطور وروعة، بدأ الأمرمن قصص رومانس في العصور الوسطى وقد كانت قصصًا مليئةً بالرومانسية بشكل مثالي كثيرًا. ينطبق الأمر ذاته على قصص البيكاريسك وتعني بالإسبانية (المتشرد)، وهي مجموعة قصص تتحدث عن شخص سيء الأخلاق والسمعة يكسب قوته بأساليب غير شريفة البتة، إلا أنه فطن وبارع.
وقد كان ظهور قصص البيكاريسك مقابل فيضان الرومانسية المثالية الذي كان سائدًا بكثرة لا بد منه لحدوث التوازن الطبيعي في الأدب، ولها يدين الأدب الواقعي بظهوره، والذي تربعت على عرشه رواية دون كيشوت لكاتبها سيرفانتس عام 1615م، والتي تدور أحداثها حول رجل مجنون جذاب يسعى للعيش وفقًا للمثل الرومانسية، وقد تناولت هذه الرواية الواقع والوهم في الحياة اليومية، وقد اعتبرت لاحقًا الأساس الذي اتكأت عليه الرواية الغربية.
دور الفلسفة في نشأة الرواية الغربية
لقد كان للفلسفة دور بارز في تشكيل الأصل الفكري الذي نبعت منه الرواية الغربية ، فالقصص التي ارتكزت عليها الرواية الحديث لم تكن إلا نتاج أفكار الفلاسفة الكبار الذين غزوا بآرائهم ونظرياتهم أرجاء أوروبا في القرن السابع عشر، وعلى رأسهم (ديكارت و جون لوك)، اللذين أكدا على أهمية التجربة الفردية لكل إنسان، وأشارا إلى إمكانية اكتشاف الواقع عبر الحواس، ومن خلال تطبيق هذا تناولت الرواية في تلك الفترة البنية الاجتماعية للحياة اليومية.
الرواية الغربية بعد القرن السابع عشر
يعتبر الكاتب دانيال ديفو أول من وضع الشكل الجديد للرواية الغربية من خلال تأليفة لروايتيه (روبنسن كروزو و مول فراندرز) في عامي 1719-1722م، تنتمي هاتان الروايتان إلى قصص البيكاريسك، فهي تدور حول عدة شخصيات وفق سلسلة أحداث مترابطة، إلا أنها تتناول تجربة فردية لشخصية مركزية مقنعة وتعيش في عالم متزن، وتدفع القفزة النوعية للروايتين الباحثين للقول أن ديفو كان أول من كتب الرواية الواقعية.
على صعيد آخر، تعتبر الرواية الشخصية الأولى في تاريخ الرواية الغربية رواية (باميلا) لمؤلفها صاموئيل ريتشاردرسن عام1740م، وهي رواية نفسية كُتبت على شكل رسائل يتناول فيها الكاتب بعناية الحالات العاطفية، غلا أن الرواية الثانية لريتشاردسن تفوق سابقتها من حيث الأهمية وهي رواية (كلاريسا)، وهكذا، يعتبر كلًا من ديفو و ريتشارسن أول من وضع أساس الرواية المعتمدة على التجارب الفردية للأشخاص.
وفي مطلع القرن التاسع عشر قفزت الرواية قفزة نوعية على يد الكاتب الاسكتلندي والتر سكوت، صاحب سلسلة من الروايات والقصص التي لاقت رواجًا كبيرًا في انجلترا، ومن أشهر أعماله (ويفرلي، الطلسم، إيفانهو)، تبعه وسار على نهجه كتاب كثيرون أبرزهم (جورج ألبوت، وبالورليتون).ثم بدأت الرواية بشكلها الجديد غزوها لكل أوروبا، مع ظهور النمط التاريخي أيضًا.
ففي فرنسا ظهر الكاتب ألكساندر دوماس الأب، والذي تناول التاريخ الفرنسي منذ عهد لويس الثالث عشر وفقتسلسل تاريخي للأحداث التي مرت بفرنسا، وقد احتذى بهذا النمط حذو فيكتور هيجو في روايتيه (نوتردام دو باري و كاتر فان تريز)، ومنهما إلى الكاتب ليو تولستوي في مطلع القرن العشرين في روايته الحرب والسلام.