ما هي النيازك
نظرة عامة عن النيازك
يُعرّف النَيزَك (بالإنجليزية: Meteors) على أنَّه جسم صلب يتكون من الصخر الذي تشكّل في أحد الأجرام السماوية التابعة للنظام الشمسيّ، وتُعتبر الكوكيبات المصدر الرئيسي لهذه الصخور حيث تأتي نسبة 98% من صخور النيازك من تلك الكويكبات فيما يُشكل قمر الأرض وكوكب المريخ مصدراً متساوياً للنسبة المُتبقية من مصدر هذه الصخور؛ حيث يُشكل كل مُنهما نسبة 0.1% من النيازك التي تصل إلى سطح الأرض، وقد كانت هذه الصخور التي تُعد مصدر النيازك تدور حول الشمس أو أحد كواكب المجموعة الشمسية ثم تم جذبها إلى الأرض لتسقط عليها بفعل قوة جاذبيتها، ويتعرض النيزك للتباطؤ وتسخين واحتراق سطحه الخارجي أثناء دخوله الغلاف الجوي لكوكب الأرض ليظهر أثناء سقوطه على شكل شريط مرئي من الضوء.
يصل النيزك إلى سطح الأرض دون تبخره بشكل كامل، وعلى الرغم من دوران النيازك في مدار الشمس أو أحد الأجرام السماوية الأخرى إلا أنها تكون ذات حجم صغير بالنسبة للكويكبات أو المذنبات السماوية، لذا فإنها أًصغر من أن تُسمى بكوكيكبات أو حتى مذنبات ، وتختلف النيازك في أحجامها حيث أنها يُمكن أن تكون كبيرة بعض الشيء لتصل إلى حجم منزل، أو إنها قد تكون عبارة عن غبار فضائي يتم رؤيته على شكل ما يُعرف بالضوء البروجي (بالإنجليزية: zodiacal light) وهو ذلك التوهُج الذي يظهر على شكل انعكاس لأشعة الشمس في فلك البروج،ولا بد من الإشارة إلى أن مُسمى النيزك يختلف تبعاً لمكان وجوده، فتلك الأجسام الصغيرة التي تدور حول الشمس والمُكونة للنيازك هي ما يُعرف بالنيازك (بالإنجليزية: Meteoroids)، إلا أنها وعند سقوطها إلى الأرض وعند ظهورها على شكل شرائط ضوئية تظهر في السماء فإنها تُعرف بالشُهب (بالإنجليزية: Meteors)، وفي حال نجاح هذه الصخور الفضائيّة بالوصول إلى سطح كوكب الأرض فإنها تُعرف باسم الأثر النيزكي (بالإنجليزية: Meteorites).
مصادر النيازك
يُرجح العلماء أن مصدر معظم النيازك أتى من أجزاء من الكويكبات الموجودة بين مداري كوكب المريخ والمُشتري، حيث انفصلت هذه الأجزاء عن كويكباتها بفعل قوى الجاذبية لكل من الشمس والمُشتري أو نتيجة اصدامها بأجرام سماوية أخرى، وذلك قبل ما يُقارب 4.56 مليار سنة أي في عهد مُبكر من تاريخ النظام الشمسي بأكمله، وقد أدّى انفصال تلك الاجزاء عن كويكباتها إلى إخراجها من مدارها الشمسي إلى مدارات قريبة من كوكب الأرض، وكما تم الإشارة سابقاً فإن قمر الأرض وكوكب المريخ يُشكلان مصدراً ضئيلاً لبعض النيازك التي تصل إلى سطح كوكب الأرض، وتكونت تلك النيازك نتيجة اصطدام قوي لبعض الأجرام السماوية بالقمر أو المريخ مما أدّى إلى إطلاق بعض الحطام الذي وصل إلى مدارات قريبة من الأرض.
استطاع العلماء تمييز النيازك التي كان القمر أو المريخ مصدرها عن غيرها من النيازك؛ فصخور النيازك المريخيّة تمتاز بخصائص كيميائيّة ومعدنيّة مُختلفة عن الصخور الأرضيّة وصخور النيازك الأخرى، كما أمكن تمييز النيازك المريخية من خلال قياس نسبة وجود الغازات الموجودة في آثار وصول النيازك المريخية إلى الأرض مع نسبة مكونات الغازات الموجودة في الغلاف الجوي للمريخ والذي تم التعرُف إليه من خلال برنامج فايكينغ لناسا التي تم إطلاقها في العام 1976م، كما تم تحديد النيازك التي تشكلت من القمر نتيجة التعرُف على خصائصها الكيميائية والمعدنية المُطابقة لخصائص صخور سطح القمر من خلال مهمات الاستكشاف العلمي التي قامت بها البعثات الفضائية أبولو (بالإنجليزية :Apollo) ولونا (بالإنجليزيّة:Luna)، ولا يملك العلماء أدلّة مؤكدة على وجود نيازك تشكلت من كواكب أخرى ككوكبي الزُهرة وعُطارد، حيث يتم حالياً دراسة العديد من النيازك الموجودة على سطح الأرض لتحديد ذلك بمساعدة مسبار فضائي (Messenger) التابعة لوكالة ناسا الفضائيّة بالإضافة إلى العديد من البيانات المُستمدة من مركبات فضائية مُختلفة كمركبة فيغا 1 (بالإنجليزية: Vega1)، و فيغا 2 (بالإنجليزية:Vega 2)، ومركبة مركبة ماجلان الفضائية (بالإنجليزية: Magellan) وغيرها من المركبات الفضائية الأخرى.
أنواع النيازك
تُصنف النيازك تبعاً إلى طبيعتها إلى ثلاثة أنواع رئيسية؛ كالآتي:
نيازك حجريّة
تُعتبر النيازك الحجرية (بالإنجليزية: Stony meteorites) أكثر أنواع النيازك شيوعاً، ونظراً لتشابهها الكبير مع الصخور الموجودة على سطح الأرض وفي باطنها فإنه لا يتم الإعتراف بكونها نيازك ما لم يشهد تساقطها شاهد عيان يؤكد على ذلك، ولبعض النيازك الحجرية تركيب مُشابه لوشاح أو ستار الأرض (بالإنجليزية: Mantle)، ويتكون هذا النوع من النيازك بشكل رئيسي من معدن مركب من سيليكات الحديد والمغنسيوم بالإضافة إلى معدن البيروكسين (بالإنجليزية: pyroxene)، ويتم تصنيف النيازك الحجرية إلى نوعين رئيسيين، وهما:
- كوندريت: ويتكون الكوندريت (بالإنجليزيّة:Chondrites)هذا النوع من النيازك الحجرية من سيليكات الحديد والمغنسيوم ومعدن البيروكسين بالإضافة إلى سبائك النيكل الحديدية المغناطيسية، كما أنها تحتوي على شوائب دائرية صغيرة تُدعى بـ (chondrules) نشأت نتيجة لذوبانها ثم تبريدها بشكل سريع قبل ما يُقارب 4.6 مليار سنة.
- الأكوندريت : يُشبه الأكوندريت (بالإنجليزيّة: Achondrites) من الأحجار النيزكية الصخور النارية الموجودة على الأرض، وهي ذات تراكيب معدنية مُشابهة لسابقتها من النيازك الحجرية، إلا أنها تمتاز بعدم احتوائها على تلك الشوائب أو جسيمات والحبوب المعروفة بالـشوندرول (بالإنجليزيّة: Chondrules).
نيازك حديدية
تُعتبر النيازك الحديدية (بالإنجليزية: Iron meteorites) من أندر أنواع النيازك التي يُشاهد سقوطها على سطح الأرض، ونظراً لخصائصها المختلفة عن الصخور الأرضية ونظراً لمقاومتها الكبيرة لعوامل التجوية؛ فإن صخور النيازك الحديدية من أكثر أنواع النيازك التي يُمكن اكتشافها حتى بعد مرور فترة طويلة على سقوطها، وقد كانت النيازك الحديدية في يوم من سالف الأيام جزءاً من نُوى أحد كويكبات المجموعة الشمسية ، حيث ذابت بعض الأجرام السماوية وانصهر بداخلها خليط كثيف من معدني النيكل والحديد اللذان يُعتبران المُكون الأساسي للنيازك الحديديةk ونشأ عن عملية الذوبان هذا تشكيل نوى في وسط هذه الكويكبات مثل الأرض.
تمتاز النيازك الحديدية بكثافتها العالية بشكل كبير حيث تصل كثافة الحديد فيها إلى ما يزيد عن 7 غم/سم، ونظراً لهذه التواجُد الكبير لمعدن الحديد في النيازك الحديدية فإنها أعتُبرت أحد أهم المصادر التي لجأ إليها الإنسان لاستخراج الحديد خلال الفترة الانتقالية من العصر البرونزي إلى العصر الحديدي، كما أن هذه الكثافة المعدنية الموجودة في صخور النيازك الحديدية جعلتها إحدى العلامات الفارقة التي يُمكن من خلالها تمييز هذه الصخور عن تلك الصخور الأرضية التي تظهر فيها المعادن بحالة أكسدة، وتُشكل النيازك الحديدية 42% من نسبة النيازك المُكتشفة على سطح الأرض، ولكن نسبة ضئية تبلغ 3% من النيازك الحديدية فقط هي التي يتم مُشاهدتها عند سقوطها على الأرض.
نيازك حديدية حجرية
تتكون النيازك الحديدية الحجرية (بالإنجليزية: Stony iron meteorites) من مزيج من الحديد والسيليكات الصخرية، حيث تَكون السيليكات الصخرية في بعض النيازك مُضمنة في سبائك الحديد والنيكل، في حين يكون بعض النيازك الأخرى عبارة عن صخور تحتوي بداخلها على شظايا من المواد الحجرية والحديدية وهو ما يُعرف بالبريشة أو المدملكات (بالإنجليزية: Breccia) التي تتشكل نتيجة لتفاعلات حرارية أو كيميائية،وتُعتبر النيازك الحديدية الحجرية أكثر أنواع النيازك نُدرة من حيث الاكتشاف ومُشاهدة السقوط؛ حيث تبلغ نسبتها 5% من مجموع النيازك المُكتَشفَة، بينما تبلغ نسبة 1% من مجموع النيازك التي يتم مُشاهدة سقوطها على الأرض، وتُعد النيازك الحجرية الحديدية ذات قيمة علمية كبيرة للمُتخصصين وذلك نظراً إلى نُدرتها بالإضافة إلى أنها توفر فرصة لدراسة المنطقة الكوكبية التي أتت منها .
مناطق سقوط النيازك
تسقط النيازك على سطح الكرة الأرضية بشكل عشوائي حيث يُمكن أن تسقط بأي ركن من اليابسة أو حتى في البحار التي تُشكل ما يزيد عن ثُلثي مساحة الأرض، ونظراً لهذا التساقُط العشوائي فإنه قد يكون من الصعب العثور على هذه النيازك خاصة عند سقوطها في المناطق البعيدة والنائية وغير الآهلة بالسُكان، وتُعتبر القارة القطبية الجنوبية من المناطق التي ساهمت بازدياد معدلات اكنشاف النيازك الموجودة على الأرض إلى الضعف، ويأتي ذلك من خلال ظاهرة طبيعية تحدث في القارة وهي حركة الغطاء الجليدي للقارة، حيث يتحرك هذا الغطاء لبعض المناطق التي يتم حجز الجليد فيها بواسطة الجبال ثم يتم تسخين هذا الغطاء الجليدي ليتبخر بفعل الرياح الجافة السريعة، وعندما يتبخر الجليد يتم الكشف عن أية نيازك ساقطة تم حملها مع الجليد المُذاب، ونظراً لتكرُر هذه العملية لقرون من الزمان اجتمعت النيازك في بعض أماكن مُحددة، ويحاول العلماء تركيز جهود بحثهم في مناطق يسهل العثور على النيازك فيها، كتلك المساحات الصحراوية التي لا تُغطيها النباتات، حيث تظهر فيها النيازك بشكل بارز كأجسام مُختلفة عن طبيعة الصحراء، وأُجريت العديد من عمليات الاستكشاف للصحاري عبر العالم للبحث عن وجود النيازك، كصحاري إفريقيا واستراليا، إلا أن الصحراء القطبية بالقارة القطبية الجنوبية أو ما يُعرف بأنتاركتيكا كانت أكثر الصحاري التي ساهمت في الكشف عن وجود النيازك ويعود ذلك إلى سهولة تمييز اللون القاتم للنيازك على الجليد الأبيض فضلاً على أن المناخ الجاف والبارد لمنطقة الصحراء القطبية يؤخر عملية تحلُل النيازك.
تم الكشف عن ما يزيد على 37,000 نيزك في القارة القطبية لوحدها منذ العام 1976م بجهود بعثات مُمولة من جهات حكومية مُختلفة كالولايات المُتحدة الامريكية واليابان، كما استطاع البدو والمُسكتشفين الخاصين الكشف عن ما يُقارب 12,000 نيزك في صحراء شمال إفريقيا، وفي صحراء شبه الجزيرة العربية تم اكتشاف ما يُقارب 4,000 نيزك في شبه الجزيرة العربية تركز أغلبها في سلطنة عُمان.