ما هي الذئبة الحمراء
الذئبة الحمراء
تُمثل الذئبة الحمراء ، أو الذئبة، أو الذئبة الحمامية المجموعية، أو مرض اللوبس، أو الذئبة الحمامية الجهازية (بالإنجليزية: Systemic lupus erythematosus) أحد أمراض المناعة الذاتية التي يُهاجم فيها جهاز المناعة في الجسم أجزائه المُختلفة كما لو أنّها جسم غريب، ويترتب على ذلك تضرّر الأنسجة والإصابة بالأمراض، ومن الجدير ذكره إنّ جهاز المناعة يعمل على حماية الجسم من الإصابة بالعدوى في الوضع الطبيعي، وفي الواقع إنّ معظم الأشخاص الذين يُعانون من الذئبة الحمراء بدرجةٍ طفيفة تحدث لديهم نوبات يُصاحبها زيادة أعراض وعلامات حالة الذئبة سوءًا، بحيث تستمر هذه النوبات لفترةٍ زمنيةٍ مُعينة يليها تحسّن الأعراض أو اختفائها بشكلٍ تامّ لفترةٍ زمنيةٍ أخرى، وفي الحقيقة، لا يتوافر حتّى الآن علاج طبي يُمكّن من تحقيق التّعافي التامّ لمرض الذئبة، ومع ذلك فإنّ المُتابعة مع الطبيب واتباع العلاجات التي يصِفها تُمكّن من تحسين الأعراض والسّيطرة على المرض، وهذا بحد ذاته يُقلل من خطورة المرض والمُضاعفات التي قد تترتب على ذلك، وبالتالي تمكين المُصاب من عيش حياة طبيعية.
وفقًا لدراسة نشرتها مجلة "Current Opinion in Rheumatology" عام 2019م فإنّ المعلومات المتوفرة حول الإصابة بالذئبة الحمراء بين السكان العرب في جميع أنحاء العالم أو في الشرق الأوسط تُعتبر قليلة نوعًا ما، ووفقًا لهذه الدراسة التي درست انتشار مرض الذئبة في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإنّ معدل انتشار المرض بحسب العمر على مدى أربع سنوات بلغ حوالي 8.6 حالة لكلّ 100 شخص لكلّ عام، ويُعتبر هذا المعدل قريبًا من النتائج التي نتجت عن إحصائيات برنامج "Michigan Lupus Epidemiology and Surveillance" والتي أفادت بأنّ معدل إصابة العرب بالذئبة الحمراء يبلغ حوالي 7.6 حالة لكلّ 100 شخص لكلّ عام.
أعراض الذئبة الحمراء
قد تتفاوت أعراض الذئبة الحمراء من شخصٍ لآخر، فقد تكون خفيفة إلى شديدة، وقد تظهر بشكلٍ مُفاجئ أو تتطوّر ببطء، كما أنّها قد تكون مؤقتة أو دائمة، وعليه يُمكن القول إنّه لا توجد حالتان مُتماثلتان بشكلٍ تامّ من الذئبة، ويُشار إلى أنّ العلامات والأعراض الظاهرة تعتمد بصورةٍ أساسية على الجزء من الجسم المُتأثّر بالمرض، وفيما يلي بيان لأبرز علامات وأعراض الذئبة الحمراء وأكثرها شيوعًا:
- التعب والإرهاق.
- الحمّى.
- تصلّب المفاصل، وألمها، وانتفاخها.
- ظهور طفح جلدي على الوجه شبيه بشكل الفراشة، بحيث يُغطي الخدود وجسر الأنف.
- ظهور آفات جلدية أو زيادة شدّتها سوءًا عند التعرّض لأشعة الشمس، فيما يُعرف بحساسية الضوء (بالإنجليزية: Photosensitivity).
- ظهور أصابع اليدين والقدمين بلونٍ أقرب للأبيض أو الأزرق عند التعرّض للبرودة أو أثناء فترات الضغط، فيما يُعرف طبيًا بداء رينو (بالإنجليزية: Raynaud Disease).
- ضيق التنفس.
- ألم الصدر.
- جفاف العيون .
- الصداع، والاضطراب، وفقدان الذاكرة.
ولمعرفة المزيد عن أعراض الذئبة الحمراء يمكن قراءة المقال الآتي: ( الاعراض العامة للذئبة الحمراء ).
أسباب ومحفزات الذئبة الحمراء
في الحقيقة إنّ السبب الدقيق الكامن وراء الإصابة بمرض الذئبة الحمراء غير معروف، ويُعتقد بأنّه ناجم عن مزيج من العوامل الجينية، والبيئية، والهرمونية، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ تعرّض الجسم لمُحفّزاتٍ مُعينة من شأنه تحفيز الجهاز المناعي لتصنيع الأجسام المُضادة كما هو الحال في حالات الإصابة بعدوى، ولكن قد تؤدي هذه الاستجابة المناعية في حالات الذئبة إلى مُهاجمة الأجسام المضادة لأنسجة الجسم السليمة، ولا يُعرف السبب وراء ذلك ولكن يُعتقد بأنّ هناك عوامل مُعينة من شأنها تحفيز حدوثه، وفيما يأتي بيان لأبرز هذه العوامل:
- الإصابة بأشكال مُعينة من العدوى أو الأمراض.
- التعرّض لأشعة الشمس القوية.
- التغيّرات الهرمونية، كالتي تحدث أثناء فترة البلوغ.
- التدخين.
- استخدام أنواع مُعينة من الأدوية، فيما يُعرف بالذئبة الناجمة عن الأدوية، ويُلاحظ تحسّن أعراض الذئبة عند التوقّف عن استخدام هذه الأدوية المُسبّبة للحالة.
ولمعرفة المزيد عن أسباب الذئبة الحمراء يمكن قراءة المقال الآتي: ( أسباب مرض الذئبة الحمراء ).
تشخيص الذئبة الحمراء
يُعتبر تشخيص الذئبة الحمراء اعتمادًا على الأعراض أمرًا ليس بالسّهل نظرًا لتفاوت الأعراض الظاهرة على المصاب واختلافها من شخصٍ لآخر، كما أنّها قد تختلف مع مرور الوقت، وقد تتشابه الأعراض المُصاحبة لهذه الحالة مع تلك الأعراض المُصاحبة لحالاتٍ مرضيةٍ أخرى، وهذا ما يدفع إلى الاستعانة بفحوصاتٍ وطرق أخرى تُمكّن من تشخيص الحالة، مع الأخذ بالاعتبار عدم وجود فحص واحد محدد معني بتشخيص الذئبة وتأكيد الإصابة بها، ويُمكن بيان النهج المُتبع في تشخيص الذئبة الحمراء على النّحو الآتي:
- الاستفسار حول التاريخ الطبي للشخص: ويتضمّن ذلك سؤال المريض عن الأعراض والمشاكل الأخرى التي يُعاني منها، كما يجدُر بالمُصاب تتبّع الأعراض عند ظهورها، بمعنى تدوين الأعراض وكلّ ما يتعلّق بها في مفكّرة؛ بما في ذلك مدّة استمرارها.
- الاستفسار حول التاريخ المرضي العائلي: تحديدًا السؤال عمّا إذا كان هُناك تاريخ عائلي مرضي مُرتبط بالإصابة بالذئبة الحمراء أو أيٍّ من أمراض المناعة الذاتية الأخرى.
- إجراء الفحص الجسدي الكامل: ويتضمّن ذلك الكشف عن الأعراض غير الطبيعية، بما في ذلك الطّفح الجلدي .
- إجراء فحص الدم والبول: بما في ذلك إجراء تحليل العامل المضادّ للنواة (بالإنجليزيّة: Antinuclear antibodies)، والذي يُعنى بالكشف عمّا إذا ما كان من المُحتمل أنّ يُصنّع الجهاز المناعي الخاصّ بالشخص أجسامًا مُضادة للذئبة الحمراء أم لا، إذ يُعطي هذا الاختبار نتيجةً إيجابية لدى مُعظم المُصابين بالذئبة، ومع ذلك فإنّ الحصول على نتيجة إيجابية لا يعني بالمُطلق الإصابة بالذئبة الحمراء، وعليه يلجأ الأطباء إلى إخضاع الفرد المعني للمزيد من فحوصات الأجسام المُضادة المُخصّصة للذئبة الحمراء عند الحصول على نتيجة إيجابية لتحليل العامل المضادّ للنواة.
- خزعة الجلد أو الكلى: ويقوم هذا الإجراء على أخذ عينة من أنسجة الجلد أو الكلى وإخضاعها للفحوصات المجهرية للكشف عن علامات أمراض المناعة الذاتية، ويُشار إلى أنّ إجراء الخزعة يُعتبر ضمن الجراحات الصُغرى أو البسيطة (بالإنجليزية: Minor surgery).
ولمعرفة المزيد عن تشخيص الذئبة الحمراء يمكن قراءة المقال الآتي: ( تشخيص الذئبة الحمراء ).
علاج الذئبة الحمراء
في الحقيقة، لا يُمكن تحقيق التّعافي التامّ من الإصابة بالذئبة الحمراء، وتهدف الخيارات العلاجية المُتّبعة إلى السّيطرة على الحالة بتقليل ردّ فعل الجهاز المناعي، وتخفيف الأعراض، والحدّ من تطوّر المُضاعفات قدر الإمكان، وفي هذا السّياق يُشار إلى عدم وجود علاج مُعين أو خطّة علاجية مُحدّدة مُلائمة لجميع حالات الذئبة نظرًا لاختلاف طبيعة الأعراض وشدّتها من حالةٍ إلى أخرى، وقد يستلزم الأمر استخدام أكثر من علاج واحد في نفس الوقت، وفيما يأتي بيان لأبرز علاجات الذئبة الحمراء:
- مضادات الالتهاب اللاستيرويدية: (بالإنجليزية: Nonsteroidal anti-inflammatory drugs) واختصارًا (NSAIDs)، ويُلجأ لاستخدم أنواعها التي لا تستلزم وصفةً طبيةً لصرفها من أجل تقليل الألم ذي الشدّة الخفيفة وانتفاخ المفاصل والعضلات، ومن هذه الأنواع الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen) والنابروكسين (بالإنجليزية: Naproxen).
- الكورتيكوستيرويدات: (بالإنجليزية: Corticosteroids)، مثل دواء بريدنيزون (بالإنجليزية: Prednisone)، والتي تأتي بأشكالٍ صيدلانيةٍ مُختلفة؛ كالأقراص الفموية، والحقن، والكريمات، وتُستخدم بصورةٍ رئيسية في حالات الذئبة لتخفيف الألم، والألم عند اللمس، والانتفاخ، وفي حال استخدامها بجرعاتٍ عالية فإنّ ذلك يُساهم في تهدئة الجهاز المناعي، ومن الجدير ذكره أنّ الأعراض تستجيب بشكلٍ سريع لهذه الأدوية، وبمُجرد تحسّن الأعراض فإنّ الطبيب يعمل على تقليل الجرعة بشكلٍ تدريجي إلى أن يتمّ إيقافها بشكلٍ تامّ، وينبغي التنبيه على أنّ التوقّف المُفاجئ عن استخدامها قد يُسبّب أضرارًا جانبية، كما أنّ استخدام الدواء لفترةٍ طويلةٍ يجعل من الصعب تقليل جرعته.
- الأدوية المضادة للملاريا: (بالإنجليزية: Antimalarial medications)، وأكثر هذه الأدوية شيوعًا دواء الهيدروكسيكلوركين (بالإنجليزية: Hydroxychloroquine) وفوسفات الكلوروكين (بالإنجليزية: Chloroquine phosphate)، وعلى الرغم من أنّ تسميتها تُشير إلى انحصار استخدامها في حالات الملاريا، إلّا أنّها قد تُستخدم في حالاتٍ أخرى، إذ إنّها فعّالة في التخفيف من ألم المفاصل، والطفح الجلدي ، والتهاب الرئتين ، والشعور بالتّعب، وقد أظهرت الدراسات أنّ استخدام هذه الأدوية في حالات الذئبة يلعب دورًا في الحدّ من حدوث النوبات وتعزيز التّعايش مع المرض وبالتالي العيش لفترةٍ زمنيةٍ أطول.
- المثبطات الخاصّة بالبروتين المُحفّز للخلايا اللمفاوية البائية: (بالإنجليزية: BLyS-specific inhibitors)، ومن أشهر أنواعها المُستخدمة في حالات الذئبة دواء بيليموماب (بالإنجليزية: Belimumab)، إذ تعمل هذه الأدوية على الحدّ من عمل بروتين معين في الجسم يعتبر هامًّا لحدوث الاستجابة المناعية بما يُمكّن من تقليل كمية الخلايا البائية غير الطبيعية في جسم المُصاب بالذئبة، ويُشار إلى أنّ هذه الخلايا توجد في الجسم المناعي وتعمل على تصنيع الأجسام المُضادة التي تُحفّز حدوث نوبات الذئبة، وهذا بحدّ ذاته يُساهم في التخفيف من أعراض هذه الحالة.
- الأدوية المُثبّطة للمناعة: (بالإنجليزية: Immunosuppressive Drugs)، مثل: سيكلوفوسفاميد (بالإنجليزية: Cyclophosphamide)، وآزاثيوبرين (بالإنجليزية: Azathioprine)، وميثوتركسيت (بالإنجليزية: Methotrexate)، ويُلجأ لاستخدامها في حالات الذئبة الشديدة، التي يؤثر فيها هذا المرض في أعضاء الجسم الرئيسية، حيث يتم استخدامها في حال لم تُفلح الأدوية الأخرى في تحقيق الأهداف المرجوّة، ويُشار إلى أنّ الأدوية المُثبّطة للمناعة تعمل على التخفيف من الأعراض الظاهرة عن طريق تقليل نشاط الجهاز المناعي.
- أدوية أخرى: وتُستخدم للسّيطرة على الحالات الأخرى الشائعة لدى المُصابين بالذئبة، ونذكر من هذه الأدوية ما يأتي:
- مدرات البول (Water pills)، إذ تُساهم في الحدّ من تراكم السوائل في الجسم.
- الأدوية الخافضة لضغط الدم (بالإنجليزية: Antihypertensive Drugs)، وتُستخدم للسّيطرة على ضغط الدم.
- مضادات الاختلاج (بالإنجليزية: Anticonvulsants)، وتُستخدم بهدف علاج النوبات التشنّجية أو الوقاية منها.
- المُضادات الحيوية (بالإنجليزية: Antibiotics)، وذلك بهدف علاج العدوى.
- أدوية تقوية العظام، وتُستخدم لعلاج مرض هشاشة العظام (بالإنجليزية: Osteoporosis).
ولمعرفة المزيد عن علاج الذئبة الحمراء يمكن قراءة المقال الآتي: ( ما هو علاج الذئبة الحمراء ).
نصائح لمرضى الذئبة الحمراء
تُعتبر الأدوية ضرورية للسّيطرة على مرض الذئبة الحمراء، ولكن هُناك إرشادات ونصائح يُمكن للشخص اتباعها للسّيطرة على أعراض هذه الحالة المرضية، ونذكر من هذه النصائح والإرشادات ما يأتي:
- زيارة الطبيب بشكلٍ مُنتظم: والخضوع للفحوصات الدورية التي يُوصي بها الطبيب، إذ يلعب ذلك دورًا في الوقاية من اندلاع نوبات الذئبة الحمراء، وتُعتبر زيارة الطبيب مُهمّة في علاج المخاوف الصحية الأخرى؛ والمُتعلقة بالإجهاد، أو النّظام الغذائي، أو ممارسة التمارين الرياضية، والتي قد تكون ذات شأن في الوقاية من مضاعفات الذئبة.
- الحصول على قسط كافٍ من الراحة: إذ يُعاني مرضى الذئبة من التّعب المستمر والذي يختلف عن التعب الطبيعي الذي يشعر به الأشخاص الأصحاء، وقد لا يتمّ تخفيف هذا التّعب بسهولةٍ من خلال الحصول على الراحة، لذلك يُوصي الخبراء بضرورة الحصول على نوم كافٍ أثناء الليل، وأخذ قيلولة أو فترات راحة أثناء النهار حسب حاجة المريض.
- أخذ الحيطة والحذر عند التعرّض لأشعة الشمس: انطلاقًا من فكرة أنّ التعرّض للأشعة فوق البنفسجية من شأنه تحفيز نوبات الذئبة، ينصح الخبراء باستخدام واقي شمس ذي عامل وقاية شمسيّ (بالإنجليزية: Sun Protection Factor) مناسب، إذ يوصى بأن يتمّ تطبيقه في كلّ مرةٍ يرغب بها الشخص بالخروج خارج المنزل، كما يُوصى أيضًا بارتداء ملابس واقية؛ مثل القبعات والقمصان طويلة الأكمام والبناطيل الطويلة.
- الإقلاع عن التدخين: إذ إنّ التدخين من شأنه زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ، وهذا بحدّ ذاته يتسبّب بزيادة التأثير السّلبي للذئبة في القلب والأوعية الدموية.
- اتباع نظام غذائي صحي: ويتضمّن ذلك الخضروات، والفواكه، والحبوب الكاملة، وتجدر الإشارة إلى ضرورة اتباع النصائح التي يوصي بها الخبراء والمتعلقة بالتقيّد بأنظمة غذائية مُعينة؛ وبخاصّة إذا كان الشخص يُعاني من ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض الكبد، أو اضطربات الجهاز الهضمي.
- استخدام المكملات الغذائية: تجدر استشارة الطبيب بشأن استخدام مُكملات فيتامين "د" أو مكملات الكالسيوم، إذ إنّ هُناك بعض الأدلة التي تدعم فائدة استخدام هذه المُكمّلات لمرضى الذئبة الحمراء.
وللمزيد من النصائح لمرضى الذئبة الحمراء يمكن قراءة المقال الآتي: ( نصائح لمرضى الذئبة الحمراء ).
فيديو عن تشخيص مرض الذئبة الحمراء
للتعرف على المزيد من المعلومات عن مرض الذئبة الحمراء شاهد هذا الفيديو.