ما هو نعيم النساء في الجنة
الجنّة
الجُنّة في اللغة -بضمّ الجيم- هي: السلّاح الذي يستتر به الإنسان، فيُقال: فلان استجنّ بجُنّة؛ أي استتر بسترة، والجَنّة -بفتح الجيم- هي: البستان الكبير الذي يخفي ويستر ما بداخله فلا يُظهره، ومن ذلك سمّي الجنّ بهذا الاسم؛ لاختفائهم عن الأعين، ويسمّى الجنين جنيناً؛ لأنه محجوب عن الأنظار ومستور عنها في بطن أمّه، وكذلك يُقال: جنون الليل؛ أي شدّة ظلمته وستره للأشياء.
أمّا الجنّة في الاصطلاح الشرعيّ: هي دار الخلود والإقامة لأولياء الله الصالحين يوم القيامة ، وفيها من النّعيم المُقيم والملذّات الكثيرة ممّا تشتهيه الأنفس وتلذّ به الأعين، وهي دار ثواب الطائعين لله -سبحانه وتعالى- ومكانها عند سدرة المنتهى .
نعيم النّساء في الجنّة
وعد الله -سبحانه وتعالى- عباده المؤمنين بدخول الجنّة والتلذّذ بنعيمها، ولم يفرّق في ذلك بين ذكرٍ وأنثى، بل أكّد القرآن الكريم في عدّة مواضع أنّ الجزاء والثّواب يكون لكلا الجنسين دون تمييز أحدهما على الآخر، قال الله عزّ وجلّ: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)، وقد عمّم الله -سبحانه وتعالى- أنواع نعيم الجنّة وملذّاتها؛ سواءً بالمأكل أو بالمشرب أو بالملبس أو بالمناظر الجميلة، فقد عُمّم ذلك بما يشمل المرأة والرجل على حدٍ سواءٍ، فكلّ واحدٍ من المؤمنين مخاطب بأنواع النعيم تلك.
وبالإضافة إلى ذلك النّعيم العام للرّجال والنّساء فقد خُصّت المرأة بنعيم ترغبه بفطرتها وتهفو إليه بطبعها؛ وهو أنّ الله -سبحانه وتعالى- يجعلها أجمل من الحور العين بأضعافٍ كثيرةٍ في الجنّة وِفْق ما ورد في بعض الآثار، كما أنّ الله -تبارك وتعالى- يُعيدها إلى شبابها وبكارتها كذلك، كما أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث قال: (يا أمَّ فلانٍ؛ إنَّ الجنةَ لا تدخلُها عجوزٌ، قال: فولَّت تبكي، فقال: أَخبِروها أنّها لا تدخلُها وهي عجوزٌ، إنَّ اللهَ -تعالَى- يقول: إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً، عُرُباً أَتْرَاباً).
ولأنّ الزّواج من أكثر ما يشتهيه الإنسان ويرغب به فهو حاصل في الجنّة للرّجل والمرأة، فكما أنّ الله -سبحانه وتعالى- وعد الرّجال بالحُور العين؛ فقد جعل للمرأة المسلمة زوجاً في الجنّة بحسب حالها في الدنيا، وبيان ذلك فيما يأتي:
- إن كانت المرأة غير المتزوجة في الدنيا؛ فإنّ الله -سبحانه وتعالى- يختار لها زوجاً في الجنّة من رجال الدنيا.
- إن كانت المرأة المطلّقة في الدنيا والتي لم تتزوّج بعد طلاقها من رجل آخر؛ فإنّ الله -تعالى- يزوّجها في الجنّة برجلٍ من رجال الجنّة.
- إن كانت المرأة متزوجة في الدنيا ولكن زوجها ليس من أهل الجنّة في الآخرة ، فالله -تعالى- يزوّجها برجلٍ من رجال الجنّة.
- إنّ المرأة التي ماتت وهي متزوجة؛ فإنّها تكون في الجنّة لزوجها الذي كانت له في الدنيا.
- إنّ المرأة التي مات عنها زوجها في الدنيا ولم تتزوّج بعده فهي له في الجنّة بإذن الله تعالى.
- إنّ المرأة التي مات عنها زوجها ثمّ تزوّجت بعده بزوجٍ آخر في الدنيا؛ فإنّها لآخر أزواجها كما أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث قال: (أيُّما امرأةٍ تُوُفِّي عنها زوجها، فتزوَّجَتْ بعدَهُ، فِهِي لآخِرِ أزواجِها).
وصف الجنّة
وصف الله -سبحانه وتعالى- الجنّة في القرآن الكريم كثيراً للمسلمين، ورغّبهم بالوصول إليها بذكر ما فيها من نعيم وملذّات لا يتصوّرها الإنسان، بل إنّ حواسّ الإنسان قاصرة وغير قادرة على تخيّل ما أعدّه الله للمؤمنين فيها، حيث قال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن ربّه تبارك وتعالى: (أعدَدتُ لِعبادي الصَّالِحين ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذُنٌ سَمِعَت، ولا خَطَر على قلْبِ بشَرٍ)، وجاء في السنّة النبويّة الشريفة أيضاً، فقد وصف الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- الجنّة في عدّة أحاديث، فكان من وصفه أنّ سقفها عرش الرحمن ، وتربتها من المِسْك، وبنيانها لِبْنة من ذهب ولِبْنة من فضة، وأمّا حصباء الجنّة فمن اللؤلؤ، وحتى سيقان الأشجار جعلها الله -تعالى- من ذهب، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (سُئِل رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عن الجنَّةِ، فقال: من يدخُلُ الجنَّةَ يحيَى فيها لا يموتُ وينعَمُ فيها لا يبأَسُ لا تبلَى ثيابُه ولا يفنَى شبابُه، قيل: يا رسولَ اللهِ ما بِناؤُها؟ قال: لبِنةٌ من ذهبٍ، ولبِنةٌ من فضَّةٍ ومِلاطُها المِسكُ، وترابُها الزَّعفرانُ، وحصباؤُها اللُّؤلؤُ والياقوتُ).
وفي الجنّة أنهار متعددة؛ منها: أنهار اللبن، وأنهار العسل، وكذلك أنهار الخَمْر، وأنهار الماء، ويأكل أهلها كلّ ما يشتهون من الفاكهة واللحوم وغيرها، أمّا شرابهم؛ منه: الزنجبيل، والتسنيم، والكافور، كما أنّهم يلبسون في الجنّة الحرير والديباج، ولا تبلى ملابسهم أبداً، وفي الجنّة حليّ وأساور كذلك، تكون من الذّهب واللؤلؤ والفضّة، ويكون ضياؤها شديداً قوياً، كما أنّ للشهيد تاج يسمّى تاج الوقار يلبسه في الجنّة ويكون من ياقوت.
أبواب الجنّة
أخبر الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم أنّ للجنّة أبواباً خاصّة بها؛ حيث قال: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)، وفي الحديث الشريف عن الرّسول محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- تحديد لعدد هذه الأبواب بأنّها ثمانية، حيث قال: (ما مِنكم من أحدٍ يتوضأُ، فيُحسنُ الوضوءَ، ثمّ يقولُ: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه و رسولُه، إلّا فُتِحتْ له أبوابُ الجنةِ الثمانيةِ، يَدخلُ من أيِّها شاءَ).
وأمّا أسماء أبواب الجنّة؛ فمنها: باب الصّلاة ، وباب الصّدقة ، وباب الجهاد ، وباب الصِّيام ، واختلف العلماء في باقي أبواب الجنّة، فذكروا باباً للكاظمين عن الغيظ، وباباً للتّوبة ، وباباً للذِكْر، وباباً للمتوكّلين، وقالوا: إنّ فيها باب يسمّى الباب الأيمن؛ يدخل منه من لا حساب عليهم من أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وقالوا إنّ في الجنّة باباً لركن الحجّ كباقي الأركان، وذكروا كذلك باباً خاصاً بأمّة محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- يدخلون منه إلى الجنّة.