تنظيم الوقت في رمضان
شهر رمضان
شهر رمضان من أعظم الشهور عند الله تعالى، فهو شهر الرحمة والمغفرة، وهو شهر العتق من النيران، بالإضافة إلى أنّه الشهر الذي أوجب الله -تعالى- صيامه على المسلمين، وأنزل فيه القرآن الكريم، كما قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، ومن الجدير بالذكر أنّ الصيام فيه من الخير ما لا يخفى على أحدٍ، ففيه تذكيرٌ للأغنياء بمعاناة الفقراء، وفيه تعويدٌ على الصبر والأخلاق الفاضلة، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من لمْ يَدَعْ قولَ الزورِ والعملَ بِهِ، فليسَ للهِ حاجَةٌ في أنِ يَدَعَ طعَامَهُ وشرَابَهُ)، كما في الصيام العديد من الفوائد الصحية، حيث يؤدّي تنتظم مواعيد تناول الطعام، وارتياح المعدة من هضم الطعام خلال النهار إلى ذهاب ما تشكو منه من الأوجاع.
تنظيم الوقت في رمضان
إنّ تنظيم الأعمال في شهر رمضان وفق جدولٍ معيّنٍ من أفضل الطرق لتنظيم الوقت في كلّ حينٍ، وفيما يأتي جدولٌ لتنظيم الوقت في رمضان:
- بدء اليوم بالسحور، ويُفضّل تأخير السحور إلى أقصى وقتٍ ممكنٍ، فكلّما اقترب وقت السحور من الفجر كان ذلك أفضل.
- الاستعداد لصلاة الفجر، فيتوضأ المسلم، ويتحضّر ثمّ يخرج إلى المسجد قبل أذان الفجر.
- صلاة ركعتين تحية المسجد عند دخول المسجد، ثمّ الجلوس وقراءة القرآن، أو الدعاء، أو الذكر إلى أن يحين وقت أذان الفجر، فيردّد الأذان مع المؤذّن، ثمّ ذكر الدعاء الذي ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بعد الانتهاء من الأذان، ثمّ القيام لصلاة ركعتي سنة الفجر الراتبة، وبعدها الجلوس لانتظار إقامة الصلاة، ويمكن استغلال وقت الانتظار بالذكر، أو الدعاء، أو قراءة القرآن، حيث يعدّ وقت انتظار الصلاة من الصلاة.
- أداء صلاة الفجر جماعةً، ثمّ ترديد أذكار ما بعد الصلاة الواردة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويُفضّل الجلوس في المسجد للذكر، وقراءة القرآن، والدعاء إلى طلوع الشمس، كما كان يفعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد صلاة الفجر .
- صلاة الضحى، فتصلّى ركعتين أو أكثر، ويبدأ وقتها بعد طلوع الشمس بربع ساعةٍ تقريباً، ويُفضّل تأخيرها إلى حين ترمض الفصال، وهو وقت ارتفاع الشمس، واشتداد الحرارة.
- أخذ قسطٍ من النوم و الراحة، بنيّة التقوّي على العبادة، وكسب الرزق قبل الذهاب إلى العمل إن أمكن ذلك، مع الحرص على آداب النوم الشرعيّة، حتى يحصل الأجر والثواب خلال النوم.
- الذهاب إلى العمل، وعند حضور وقت صلاة الظهر الذهاب إلى المسجد، ويُفضّل التجهّز للصلاة مُسبقاً؛ ليتسنّى أداء صلاة السنة القبليّة؛ وهي أربع ركعات، ثمّ الجلوس وقراءة القرآن، أو الذكر، أو الدعاء إلى أن تُقام الصلاة، وبعد صلاة الظّهر تُسنّ صلاة ركعتين.
- إكمال ما تبقّى من المهام إلى حين انتهاء وقت العمل، فإن وُجد متسعٌ من الوقت قبل صلاة العصر يُفضّل المغادرة إلى المنزل، وأخذ قسط من الراحة، وإن لم يبقَ لصلاة العصر إلّا القليل يُفضّل الذهاب إلى المسجد مباشرةً، أو الذهاب إلى السوق لشراء بعض حاجيات المنزل إلى أن يحين وقت الصلاة، ثمّ الذهاب إلى المسجد وأداء الصلاة جماعةً.
- أخذ قسطٍ من الراحة للاستعداد لصلاة التراويح في الليل، ويُمكن الجلوس في المسجد و قراءة القرآن في حال عدم الشعور بالتعب والإرهاق.
- الاستعداد للإفطار قبل أذان المغرب، ويُمكن استغلال هذا الوقت بالدعاء ، أو الحديث المفيد مع الأهل، أو قراءة القرآن، ومن أعظم الأمور التي تُورث السعادة في القلب المساهمة في تحضير الطعام للصائمين، والمشاركة في توزيعه عليهم.
- الإفطار، ثمّ الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة المغرب جماعةً، ومن ثمّ صلاة السنة الراتبة ركعتين، والعودة إلى البيت، وتناول الطعام، ويُنصح عدم الإسراف فيه، ويُنصح استغلال وقت العائلة بما ينفعهم؛ مثل: قراءة القصص، أو الحديث المباح، أو أي فكرةً أخرى، ويُبعدهم عن المحرّمات، والمنكرات الأخلاقية والعقائدية التي تبثّها وسائل الإعلام.
- الاستعداد لصلاة العشاء، والتبكير بالخروج إليها.
- أداء صلاة العشاء جماعةً، ثمّ أداء سنة العشاء ركعتين، والقيام لصلاة الترويح خلف الإمام إلى أن ينصرف، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّهُ من قامَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرِفَ كُتِبَ لَه قيامُ ليلةٍ).
حال السلف في رمضان
كان السلف الصالح -رحمهم الله- يُكثرون من العمل الصالح في رمضان، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض أحوالهم:
- القيام: حيث كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصحابه -رضي الله عنهم- يحافظون على قيام الليل، كما قالت عائشة رضي الله عنها: (لاَ تدع قيامَ اللَّيلِ فإنَّ رسولَ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- كانَ لاَ يدعُهُ وَكانَ إذا مرضَ أو كسلَ صلَّى قاعداً)، وكذلك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يقوم الليل، حتى إذا انتصف الليل أيقظ أهله، وقال: (الصلاة الصلاة)، وكان يتلو قول الله تعالى: (وَأمُر أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعاقِبَةُ لِلتَّقوى).
- الصدقة: فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أكرم الناس، وأكرم ما يكون في رمضان، وكذلك كان الصحابة رضي الله عنهم، حيث قالت سُعدى بنت عوف المرية، زوجة طلحة بن عبيد الله : (دخل عليّ طلحة ذات يومٍ وهو خائر النفس، فقلت له: مالي أراك كالح الوجه، أرابك مني شيء فأعينك، فقال: لا، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت، قلت:فما شأنك؟ قال: المال الذي عندي قد كثر وأربكني، قلت: ما عليك، اقسمه، فقسمه حتى ما بقي منه درهماً واحداً)، وسُئل خازن المال كم كان المال حينئذ، فقال: كان أربع مئة ألفٍ.