ما هو مصدر ماء زمزم
ماء زمزم
قصة ماء زمزم مرتبطةٌ بقصّة النبي إبراهيم عليه السلام، عندما انطلق استجابةً لأمر الله تعالى، وترك زوجته هاجر وطفلهما إسماعيل عليه السلام، عند البيت المحرّم، في وادٍ لا زرع ولا إنس فيه، وقد كانت هاجر على يقينٍ بأنّ الله تعالى لن يضيّعهم، وعند الثنيّة دعا إبراهيم -عليه السلام- بدعاءٍ خُلّد في قول الله تعالى: (ربَّنا إنِّي أَسْكَنت منْ ذُرِّيتي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتكَ الْمُحرَّمِ ربَّنَا لِيُقِيموا الصلاَةَ فَاجْعل أفْئِدَةً مِن النَّاسِ تهوِي إِلَيهِم وَارْزُقْهم من الثَّمَرَات لعلَّهم يشكرون) حتى ظهر الماء، فكانت هاجر تُحَوِّضُهُ، وتغرف منه وهو يفور، فماء زمزمٍ ليس ماءً عادياً فحسب؛ بل هو قصة إيمانٍ حقيقيةٍ، فينبغي على الإنسان أن يتمعّن في قصّته، ويعلم حقيقة توكّل هاجر، وكيف أنّ الله تعالى لا يضيّع من توكّل عليه حُسن التوكّل ، ومن أحسن الظّن به، ولماء زمزم شرفٌ عظيمٌ، حيث انبثق بواسطة جبريل عليه السلام، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (فلما أشرفت على المروةِ سمعت صوتاً، فقالت صَهْ -تريدُ نفسها- ثم تَسَمَّعَتْ، فسمعت أيضاً، فقالت: قد أُسْمِعْتُ إن كان عندكَ غَوَاثٌ، فإذا هي بالمَلَكِ عند موضعِ زمزمَ، فبحث بعقبِهِ، أو قال: بجناحِهِ، حتى ظهرِ الماءِ، فجعلت تَحُوضُهُ وتقولُ بيدها هكذا، وجعلت تغرُفُ من الماءِ في سقائها وهو يفورُ بعد ما تغرفُ)، وممّا زاد أيضاً في شرف وبركة هذا الماء، أنّه ينبع في مكة المكرمة، التي تعدّ أطهر بقاع الأرض، وتنبع بجوار الكعبة المشرّفة.
مصدر ماء زمزم
تقع بئر زمزم في الجهة الشرقيّة من الكعبة المشرّفة، وتبعُد عنها حوالي واحدٍ وعشرين متراً، ويبلغ عمق البئر أكثر من ثلاثين متراً، ويتدفّق الماء من بين الصخور الجرانيتيّة هناك، وتضخّ بئر زمزم كميةً كبيرةً من الماء؛ أي ما يعادل حوالي أحد عشر إلى ثمانية عشر لتراً من الماء، في الثانية الواحدة، وتتجلّى قدرة الله -تعالى- بأنّ مستوى الماء في بئر زمزم لا يتغيّر، وإنّما يبقى على مستوى واحدٍ مهما سُحب منه، وينبع الماء بمقدارٍ لا يزيد فيسيل على وجه الأرض، ولا يقلّ فينضب الماء منه، وذلك دليل بركتها؛ فهي لا تنقطع ولا تنتهي على الرغم من كثرة الاستسقاء بها، وكثرة استخدامها من قبل المعتمرين والحجّاج أيّام شهر رمضان المبارك، وأيّام الحجّ منذ حوالي خمسة آلاف عام، فقد قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في زمزم: (يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لو تَرَكَتْ زَمْزَمَ؛ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً)، وقد حظيت بئر زمزم برعايةٍ كبيرةٍ من الملوك والحكّام على مرّ العصور، فقاموا بالاعتناء بها، وبعمارتها.
فضائل ماء زمزم
إنّ لماء زمزم، وللشرب منه العديد من الفضائل والثمار، منها:
- ماء زمزم ماءٌ وطعامٌ مباركٌ، فيجوز للإنسان أن يشرب من ماء زمزم بدلاً للطعام، دون أن يتأذّى أو يتضرّر، ذلك لأنّ ماء زمزم ماءً يختلف اختلافاً تامّاً عن أيّ ماءٍ آخرٍ.
- حصول الشفاء للناس بماء زمزمٍ من الأمراض الجسدية، والنفسية.
- ماء زمزم لما شُرب له، كما أخبر بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإن شربه المسلم بنيّة الشفاء من مرضٍ ما، شُفي بإذن الله تعالى، وإن شربه بنيّة أخذ العلم، أعانه الله تعالى على ذلك، فللمسلم أن يشرب زمزم بنيّة تحقيق أيّ شيءٍ مباحٍ، وسيُعينه الله تعالى على تحقيقه.
- اختار الله تعالى ماء زمزم لغسل قلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ليقوّيه، ويعدّه لاستقبال الوحي، ويخلّصه من حظّ الشيطان فيه.
- التضلّع من ماء زمزم من السنن المهجورة ، فقد أوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالشرب من ماء زمزم حتى الارتواء منه، إلى حد الشعور بأنّ الماء دخل في الضلوع.
- شرب ماء زمزم سنّةٌ عن الرّسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمن شربها اتباعاً للسنة حصل على الأجر والثواب.
سنن وآداب شرب ماء زمزم
بيّنت السنة النبوية عدداً من السنن والآداب في شرب ماء زمزم، منها:
- يستحبّ للمسلم عند شربه ماء زمزمٍ، أو أيّ ماءٍ آخر أن يسمّي بالله تعالى، وأن يشرب الماء على ثلاث مراتٍ، يتنفّس فيما بينها.
- يُسنّ للمسلم الدعاء بعد الانتهاء من شرب ماء زمزم، بما فيه من خير الدنيا والآخرة، والحرص على الدعاء بيقينٍ وحسن ظنٍّ بالله باستجابته للدعاء، وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار: (ماء زمزم لما شرب له ـ فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمرٍ شربه لأجله؛ سواءً كان من أمور الدنيا أو الآخرة؛ لأنّ ما في قوله: لما شرب له من صيغ العموم).
- يجوز للمسلم شرب ماء زمزم وهو قائم، حيث رُوي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: (أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- شرب من زمزمَ، من دلوٍ منها، وهو قائمٌ).
أحوال شرب ماء زمزم
تختلف أحوال المسلمين في شرب ماء زمزم، وفيما يأتي بيان أحوالهم في ذلك:
- المستوى الأول: شرب ماء زمزم بنيّة البركة، لتعمّ البركة، والأرزاق ، والخير الكثير في حياته.
- المستوى الثاني: شرب ماء زمزم؛ لأنّها سنّة، فيكون بشربه قد أدّى هذه السّنة، وعمل بها، ونال الأجر العظيم من الله تعالى.
- المستوى الثالث: شرب ماء زمزم بنيّة سؤال الله تعالى تيسيير الأمور وتدبيرها، وأن يقضي له حاجةً في باله، أو أن يشربه بنيّة التداوي من المرض.