ما هو مصدر الفعل
المصدر
المصدر هو اسم يدلّ على حدث أو فعل مُجرَّد من: الزمان، والمكان، والفاعل، وعدد الفاعلين، وجنس الفاعل ، وهو معنى مُجرَّد لا يُدرَك بالحواسّ؛ فلا يُرى ولا يُلمَس مثلاً، وليس لصيغته أي دلالة كأن يدلّ على هيئة الحدث، أو عدده مثلاً، ومثال ذلك المصدر (انطلاق): فالسامع بسماعه أو استخدامه لمفهوم الانطلاق فإنّه لا يحدّد من ينطلق، ولا زمان الانطلاق، ولا مكانه، ولا يستطيع أن يحدّدَ الأشخاص، أو جنسهم، أو عددهم مثلاً، إنّما تتكوَّن لديه صورة الحدث بصورة عامة وهي الانطلاق، إذاً فالمصدر يجمع بين الاسم والفعل من حيث خصائص كلٍّ منهما، فهو يقبل علامات الاسم كالتنوين، وأل التعريف، وغيرها، ويدلّ على حدث كالفعل. ويختلف المصدر عن الفعل في أنّ المصدر اسم، ويتّفق مع الفعل في أنّه يدلّ على حدث، إلّا أنّ الفعل يدلّ على حدث في زمان مُحدَّد، أمّا المصدر فيدلّ على الحدث دون دلالته على زمن مُحدَّد.
أوزان المصدر
اختلف علماء اللغة حول المصدر والفعل وأيّهما أَصل للآخر، وأيّهما فرع من الآخر، وانقسموا إلى فريقين: فريق يَعتبرُ المصدر أَصلاً للفعل، وفريق يَعتبرُ الفعل أَصلاً للمصدر، ويبدو على الأرجح أنّ الفعل هو الأصل؛ لأنّ المصدر يُعَدُّ صحيحاً بصحة الفعل ومُعتَلّاً بعلّة الفعل، وبالفعل يتحدَّدُ نوعُ المصدر. إلّا أنّ الأهمّ هو كيفية صياغة المصدر من الفعل، وتنبغي الإشارة هنا إلى أنّ المصادر تُصاغُ من الأفعال الثلاثيّة، وغير الثلاثية، وينبغي قبل صياغة المصدر من الفعل الانتباه إلى كَون الفعل مُجرَّداً -أي ثلاثيّ الأصل الماضي-، أو مزيداً -أي يزيد ماضيه عن ثلاثة أحرف-؛ إذ يُصاغ المصدر ضمن قواعد وأوزان قياسيّة غالباً ما تكون ثابتة ويُقاس عليها.
مصادر الأفعال الثلاثية المُجرَّدة
في ما يأتي بيان لأوزان الأفعال الثلاثية، وبيان لأوزان مصادرها القياسية:
- فَعَلَ: إذا جاء الفعل الثلاثي على وزن فَعَلَ، فإنّ أوزان مصدره القياسية غالباً كما يأتي:
- أغلب الأفعال اللازمة على وزن فَعَلَ -بفتح العَين وصحتها-، تأتي مصادرها على وزن فُعول، مثل: سجَد سُجوداً، وقعَد قُعوداً.
- أغلب الأفعال المُتعدِّية على وزن فَعَل، تأتي مصادرها على وزن فَعْل، مثل: أخَذَ أَخْذاً، وعَرَضَ عَرْضاً.
- إن كان الفعل اللازم على وزن فَعَل مُعتلّ العين، فمصدره على وزن فَعْل، أو فِعال، مثل: صامَ صَوْماً وصِياماً .
- إن دلّ الفعل على حِرفة، فمصدره على وزن فِعالَة، مثل: زَرَع زِراعَة.
- إن دلّ على حركة وتقلُّب أو اضطراب، فمصدره على وزن فَعَلان، مثل: غَلى غَلَياناً، وطارَ طَيَراناً.
- إن دلّ على مرض، فمصدره على وزن فُعال، مثل: سَعَل سُعالاً وزَكَم زُكاماً .
- إن دلّ على صوت ، فمصدره على وزن فُعال، أو فَعيل، مثل: صَرَخ صُراخاً، وصَهَل صَهيلاً.
- إن دلّ على لون، فمصدره على وزن فُعْلة، مثل: زَرَق زُرْقة، وحَمَر حُمْرة.
- إن دلّ على عيب، فمصدره على وزن فَعَل، مثل: عَرَج عَرَجاً، عَمَى عَمًى.
- فَعُلَ: إذا جاء الفعل الثلاثي على وزن فَعُل -بضمّ العَين، ولا يأتي إلّا لازماً-، فإنّ مصدره على وزن فُعولة، أو فَعالة، مثل: عَذُب عُذوبة، شجُع شَجاعَة.
- فَعِلَ: إذا جاء الفعل الثلاثي على وزن فَعِل، فمصدره غالباً على وزن فَعَل، مثل: تَعِب تَعَباً وفرِح فرَحاً.
مصادر الأفعال غير الثلاثية المُجرَّدة
أمّا في حال كان الفعل المُجرَّد رُباعيًّا -أي حروفه الأصلية تتكوَّن من أربعة أحرف-، فالمصدر عندئذ على وزن فَعْلَلَة، مثل: الفعل دَحْرَج ومصدره دَحْرَجَة، أمّا إذا كان مُضَعَّفاً -أي تكرّرت فاء الفعل ولامه الأولى، وتكرَّرت عينه ولامه الثانية-، فمصدره على وزن فِعْلال، مثل: الفعل زَلْزَل (تكرر الزاي وتكررت اللام) ومصدره زِلْزال.
مصادر الأفعال غير الثلاثية المزيدة
أمّا في ما يتعلّق بمصادر الأفعال المزيدة -غير الثلاثية- وأوزانها، فهي كما يأتي -بترتيب ذِكر وزن الفعل أولاً، ثم عدد الحروف المزيدة على الأصل، ثم وزن مصدره-، وهي قياسية:
- أفْعَلَ: إذا جاء الفعل الثلاثي مزيداً بالهمزة في أوّله، فإن وزن المصدر كما يأتي:
- على وزن إِفْعال، إذا كان صحيح العين -أي الحرف الثاني حرف صحيح-، مثل: أغلَق إِغْلاقاً، وأحْسَن إِحْساناً ، (المصدر هو إغلاق، وإحسان)، ومثل: آمَن إيماناً؛ وأصل الفعل آمن هو أأمن، الهمزة أصلية من (أمن)، والألف مزيدة على وزن أفْعل، فمصدره إيمان على وزن إِفعال، والياء؛ لتناسب كسر الهمزة.
- على وزن إفالَة، إذا كان مُعتلّ العين -أي الحرف الثاني حرف علّة-، إذ تُحذَف عين الفعل وهي هنا الألف، وتُضاف تاء مربوطة على آخر المصدر؛ عوضاً عن الألف، مثل: أقام إِقامةً، وأمال إمالَةً، (المصدر هو إقامة، وإعانة).
- فاعَلَ: إذا جاء الفعل الثلاثي مزيداً بالألف بعد فاء الفعل، فإنّ مصدره على وزن مُفاعَلَة، أو فِعال، أو كليهما، مثل: جاهَد مُجاهَدَةً وجِهاداً، وساعدَ مُساعَدة، ولا يُصاغ على وزن فِعال، وصيغة مُفاعَلة هي الغالبة عموماً.
- فعَّل: إذا جاء الفعل الثلاثي مزيداً بالتضعيف -أي إن عين الفعل وهو الحرف الثاني مكرَّر-، فإن وزن مصدره كما يأتي:
- على وزن تَفْعيل، إن كان صحيح اللام -أي صحيح الآخِر-، مثل: علَّم تَعْليماً (المصدر هو تعليم).
- على وزن تَفْعِلة إن كان مُعتلّ اللام -أي مُعتلّ الآخِر-، أو مهموز اللام، مثل: قوّى تَقْوِيَة (المصدر هو تَقْوِيَة)، هنَّأ تهْنِئَة (المصدر هو تهنئة)، ويجوز أن يأتي: تهْنيء على وزن تفعيل، وهو قليل غير مُتعارَف عليه.
- وهناك أفعال ثلاثية مزيدة بحرف يأتي مصدرها كمصدر الفعل الرباعي، مثل: سيطَرَ سَيْطَرَةً، والمصدر على وزن فَعْلَلَة.
- الأفعال المزيدة بحرفين، أو ثلاثة: وفي ما يأتي تفصيل ذلك:
- انفَعَل: أي إذا بُدِئ الفعل بهمزة وصل يليها نون زائدة، فمصدره على وزن انْفِعال، مثل: انْهَزَم انهِزاماً- بكسر فاء الفعل وهو هنا حرف الهاء وزيادة ألف بعد الثالث-، ويجب الانتباه إلى أنّ النون زائدة وليست من أصل الفعل، ومثل: انحنى انحناءً، وتُقلَب الألف في آخر الفعل (حنى) إلى همزة في آخر المصدر.
- افْتَعَل: فهمزة الوصل والتاء مزيدتان، ومصدره على وزن افْتِعال، مثل: انتبه انتباهاً، والنون في هذا الفعل حرف أصليّ وليس زائداً، ومثل: ارْتوى ارتِواءً.
- افْعَلَّ: بتضعيف اللام أي الحرف الآخِر، مثل: احْمَرَّ؛ فمصدره على وزن افْعِلال -بكسر الثاني، وفكّ تضعيف الأخير وزيادة ألف بينهما- فالمصدر هنا هو احمِرار.
- الأفعال المبدوءة بتاء زائدة: فعند صياغة مصدر هذه الأفعال تُضّمَُ عين المصدر، مثل:
- تفَعَّلَ: مزيد بالتاء، والتضعيف، مثل: تقلَّب، ومصدره على وزن تفعُّل مثل تَقَلُّب.
- تفَعْلَل: مزيد بتاء، ولام، مثل: تَمَسْكَن ومصدره على وزن تَفَعْلُل مثل تمَسْكُن.
- تفاعَل: مزيد بتاء، وألف، ومصدره يكون بضمّ عينه (على وزن تفاعُل)، مثل: تعاوَن تعاوُناً ، أمّا إن كان الفعل مُعتلَّ اللام -أي الحرف الثالث-، فإنّ مصدره يُصاغ بكسر ما قبل الآخر، مثل: تلاقى تلاقِياً.
- الفعل السداسي: هو الفعل المزيد بثلاثة حروف على أصله الثلاثي، ويُصاغ مصدره بكسر الثالث وزيادة ألف قبل الآخِر، وأمثلة ذلك:
- افْعَنْلَلَ: بزيادة ألف -همزة الوصل-، والنون، واللام، ومثال الفعل ومصدره: افْرَنْقَع افْرِنْقاعاً.
- افْعَلَلَّ: بزيادة ألف، ولامين، ومصدره على وزن افْعِلال، مثل: اكْفَهَرَّ اكْفِهْراراً.
- افْعَوْعَل: بزيادة ألف، وواو، وعين الفعل، ومصدره على وزن افْعِوْعال، مثل: اعْشَوْشَب اعْشيشاباً، بقلب الواو ياءً؛ لتناسب الكسر.
- افْعالَّ: بزيادة همزة وصل، وألف، ولام، ومصدره على وزن افْعيلال، مثل: احْمارَّ احميراراً.
- استَفْعَل: بزيادة ألف، وسين، وتاء على الأصل الثلاثي، مثل استخْدَم، فمصدره على وزن اسْتِفْعال، مثل استِخْدام، وإن كانت عين الفعل (أي ثاني الأصل) حرفاً مُعتلّاً، فإنّ الألف تُحذَف ويُعوَّض عنها بتاء مربوطة، مثل: استشار استِشارةً، وإن كانت لام الفعل ألفاً فإنّها تُبدَّل بهمزة في آخر المصدر، مثل: استلقى اسْتِلْقاءً.
وأخيراً فإنّ هناك مصادر لأفعال ثلاثية مسموعة وليس لها قياس على القاعدة، مثل: رَحِم رحمةً -وليس رَحَماً كما جاء في القاعدة أعلاه-، صلّى صلاةً، وزكّى زكاةً ، وجرّب تجريباً وتجْرِبة، وكلّمته كلاماً، ولم يُسمَع عن مصادر غير الثلاثي شيئاً ليس على القاعدة القياسية، أمّا في حال اختلط الأمر ولم يُعرَف مصدر الفعل، فيمكن للباحث الرجوع إلى المعاجم العربية ؛ لمعرفة مصدر الفعل، وذلك بالبحث عن فعله المُجرَّد.