ما هو متن الحديث
ما هو متن الحديث
يُعرف المتن بأنّه المعاني التي تقوم بها ألفاظ الحديث ، وهو قول الطيبيّ، وعرّفهُ آخرون بأنّه ما يأتي بعد السّند من الكلام، وهو مأخوذٌ من المتانة والمُباعدة؛ لأنّ السند هو الذي يقوّي المتن ويُضعّفه، فيُقال: متن الشّيء؛ إذا شُقّ جلده واستُخرج منه شيء، وكأنّ المُسنِد استخرج المتن بإسناده، والمتن هو ما يكون في صُلب الشّيء، ومنه الشيء المتين، والمتن ما يُتقوّم به الشيء، ومتن الحديث هو الألفاظ التي يقوم بها، وقد تعدّدت آراء المُحدّثين في بيان المتن؛ أهو قول الصحابيّ عن النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام-، أو هو قول النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام- فقط، والأصل في الاستخدام هو الرأي الأول.
الحكم على المتن
يُعدُّ الحُكم على الحديث ثمرة دراسة علم الحديث؛ ويكون ذلك من خلال البحث في سند الحديث ومتنه، ويكون الحُكم على المتن من خلال النظر فيه ورؤية ما إذا كان فيه شُذوذٌ أو علّةٌ تقدح بصحّته، أو أنّه رُوي من طريقٍ آخر بإسنادٍ آخر يُمكنُ أن يُساعد في الحُكم على الحديث، وثبت عند المُحدّثين أنّ الحُكم على السّند وحده لا يكفي للحُكم على الحديث، لأنّه قد يكون السند صحيحاً ولكن المتن فيه علّةٌ أو شُذوذ، وكذلك العكس، وإن كان الحُكم على السند بالضّعف فإنّه لا يلزم منه ضعف المتن؛ لإمكانيّة وروده من طريقٍ آخر يُقوّيه، فالحُكم على الحديث يكون من خلال الحُكم على إسناده ومتنه، ويكون ذلك بطريقتين، وهُما كما يأتي:
- الحُكم عليه من قِبل إمامٍ جهبذ في الحُكم على الأحاديث؛ كالإمام البُخاريّ .
- استقراء جميع كُتب السُنة ، مع الوصول إلى عدم وُجود علّة قادحة فيه، بشرط أن يكون من يقوم بذلك عالماً بتخريج الأحاديث، وعلم الجرح والتعديل، وعلم مُصطلح الحديث.
ووضع العُلماء كذلك بعض العِلل التي يُمكن أن تقدح في متن الحديث؛ كالعِلل الغامضة الخفيّة، أو إدراج الكلام فيه من غير فصلٍ؛ سواءً كان الإدراج في أول الحديث أو في وسطه أو آخره، أو قد يكون من خلال إبدال بعض الألفاظ فيه، وهو ما يُسمّى بالقلب في الحديث، كتقديم كلمةٍ أو جُملةٍ في متنه.
سلامة المتن شرط لصحة الحديث
تُعّد سلامة المتن من الشُّذوذ من أحد الأسباب التي تُساعد على الحُكم على صحة الحديث أو ضعفه، فمثلاً جاء في بعض الأحاديث أن من أصناف الذين يدخُلون الجنة بغير حسابٍ الذين لا يرقون، وقد ذكر ابن تيمية -رحمه الله- أن هذا من الشُذوذ في المتن؛ لأنّ النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام- رقى، وجبريل -عليه السلام- رقى. وكذلك سلامة الحديث من العِلل التي تقدح فيه، وتُعرف العلة بأنّها: الشيء الغامض الذي يُضعف الحديث مع أنّ الظاهر منه الصحة.
واكتشاف العلة في الحديث من أدقّ وأغمض أنواع علم الحديث؛ فهو يحتاجُ إلى علمٍ وفهم واطّلاعٍ واسع على الأحاديث وعلى الرّواة وأحوالهم، ويكون اكتشافُها من خلال الخبرة والمُمارسة؛ لِتُمكّنهُ من معرفة ما يُمكن أن يصدُر عن النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام- وما لا يُمكن أن يصدُر عنه، ويُسمّى الحديث الذي يكون فيه علّةٌ قادحة سواءً في إسناده أو متنه بالحديث المعلول أو المُعَلّ، ومن أمثلة العلل في المتن: حديث نفي البسملة في الصلاة ، وتُعرف العلّة من خلال جمع طُرق الحديث، ومعرفة حال الرواة، والموازنة بينهم من حيث الإتقان والضبط، ثُمّ بعد ذلك يُحكم على متن الحديث.