ما هو فضل العلم
العلم
لا تخفى على أحدٍ أهميّة العلم واكتسابه في حياة الإنسانِ؛إذ أنّه نورٌ يُضيء ظُلمة الجهل، وهو أصلُ الأشياء ومفتاحُ تحرير العقول من الأوهام والقيود، كما يُعدّ مُحرّكاً لمسيرة النهضة وعجلة التغيير، ومُخلِّصاً من الفساد، وهو ركيزة كلّ عبادةٍ؛ إذ لا يُمكن للعابد أن يتعبّد ويؤدّي شعائر دينه دون فهمٍ وعلم، ولقدزادت حاجة الإنسان للعلم، وذلك لتسهيل حياته على هذه الأرض، فانطلقَ يسعى في الأرضِ باحثاً ومُدقّقاً ومُتأمِّلاً في كلّ شيء، ويقومُ بتجربةٍ بعد أخرى، ليكتشف ويعرفَ ويخترع، فما هو العلم؟ وما فضله؟
مفهوم العلم
العلم لُغةً
يُعرَّف العلمُ لُغةً بأنّه عكسُ الجهلِ ، وهو معرفة الأمرِ على ما هو عليه معرفةً حقيقيةً جازمةً، كما أنّه المعرفةُ واليقين.
ويُعرِّف قاموس كامبردج البريطانيّ العلمَ بأنّه المعرفةُ عبرَ البحثِ والدِّراسة المُتفحِّصة لتشكيل العالم الماديّ، عن طريقَ المشاهدة، أو أداء الاختبارات، أو القياس، واختبار النّظريات وتطويرها؛ لوصفِ هذه الأحداث والأنشطة ونتائجها.
العلم اصطلاحاً
يُعرَّف العلمُ (بالإنجليزية: Science) بأنّه النّظريات، والحقائق، ومناهج البحث، والوقائع التي تمتلِئ بها الكُتب والمؤلّفاتُ العلميّة ، ويُعرَّف أيضاً بأنّه مجموع المعارف العلميّة المُتراكمة، ومجموعة القواعد التي تُبيّن الحقائق، وبعض الأحداث، والظّواهر، والعلاقات فيما بينها.
فضل العلم
إنّ للعلمِ فضلاً وأهميّةً كبيرين، فهو يدفعُ الإنسانُ لتأمّلِ عظيم قدرة الله في خلقه، كما يدفعه للاستزادة من كافة العلوم والمعارف حوله، ومن فضائل العلم كذلك ما يأتي:
- يُعدّ العلمُ إرثُ الأنبياء، فلم يتركِ الأنبياء -عليهم الصّلاة والسّلام- دنانير أو دراهم، إنّما تركوا خلفهم علماً بيِِّناً وبراهين عظيمة، فمن حظيَ بالعلمَ فقد حظيَ بخيرِ الأمر وفلاحه، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك: (وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثوا ديناراً ولا درهماً، وأورثوا العلمَ، فمن أخذ به أخذ بحظٍّ وافرٍ).
- يبقى العلمُ ويُخلّد، ويفنى المال والمادّة ولا يبقيان، فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إذا مات الإنسانُ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ؛ صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتَفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدْعو له).
- يُعدّ أصحابُ العلمِ من وُلاة الأمرِ الذين أمر الله -عزّوجل- بطاعتهم، في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ)، ويشملُ معنى ولاة الأمور هُناك الحُكّام والأمراءَ، وأولي العلم؛ حيثُ يختصُّ أولو الأمر بتوضيح شرعِ الله ودعوة الناس له، ويختصُّ الأمراء والحُكّام بتنفيذ هذا الشرع وإلزام الناس به.
- يقطنُ العلمُ في القلبِ والعقلِ، فلا يحتاجُ من صاحبه حراسةً ولا أمناً؛ إذ لا يحتاجُ مخارن يُخزَّنُ بها، ولا صناديق يُقفَلُ عليها، فهو نعمةٌ من الله ورزق، يحرسُ صاحبَه ويقيه من كثيرٍ من المشاكل في حياته؛ فالإنسانَ صاحب العلمِ على دراية بكيفية سير الأمور ومناقشة الناس.
- يُقوم أهل العلمِ على أمرِ الله وتطبيقه إلى قيام السّاعة، وذلك لحديثٍ رواه معاوية -رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إذ قال: (سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ: مَن يُرِدِ اللهُ به خيراً يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وإنما أنَا قاسِمٌ واللهُ يُعْطِي، ولن تزالَ هذه الأمةُ قائمةً على أمرِ اللهِ، لا يَضُرُّهم مَن خالفهم، حتّى يأتيَ أمرُ اللهِ).
- يصلُ العلمُ بالإنسان إلى مراتب الشّهداء على الحقِّ، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ)، فلم يقُل تعالى هُنا (أولو المال) ولا أيّ شيء آخر، إنّما اختصّ أولي العلم ، فهم والملائكة من شهدوا لله -عزّ وجلّ- بالوحدانيّة، كما أنّ العُلماء بالله ودينه يخشونه، ويتحرّون حدود الله ويسعون لرضاه، فقد قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
- يُغبَط المُسلمُ صاحبُ العلم على العلم الذي لديه؛ وذلك لأنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم- لم يُقرَّ شيئاً يُغبَط عليه أحد من نِعَم الله إلا على نعمتين اثنتين، هُما: رجلٌ منح ماله خدمةً للإسلام، ورجلٌ طلبَ العلم فعملَ به، وذلك مصداقاً لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا حسدَ إلّا في اثنتيْنِ: رجلٌ آتاه اللهُ مالًا، فسلَّطَه على هَلَكَتِه في الحقِّ، وآخرُ آتاه اللهُ حكمةً، فهو يَقضي بها ويُعلِّمُها).
- يُعدّ طلبُ العلمِ طريقاً إلى الجنّة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن سلك طريقاً يلتمسُ فيه علماً، سهَّل اللهُ له طريقاً إلى الجنَّةِ).
- يرفعُ الله -عزّ وجلّ- أصحاب العلمِ في دُنياهم وأُخراهم؛ حيثُ يرفعهم في دنياهم بين عباده لما قاموا به، ويرفعهم في الآخرة درجاتٍ لما قاموا به من دعوة إلى الله ودينه، فقد قال تعالى: (...يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
- يُعدّ العلمُ نوراً يُضيء للإنسانِ دربه؛ لمعرفة خالقه، ومعرفةالحقّ وكيفية معاملة الناس، فيكون دربه مبنيّاً على بصيرةٍ لا على جهلٍ وظلام، فقد قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِين).