ما هو اليمين الغموس
معنى اليمين الغموس
اليمين الغموس هي أن يحلف المرء على أمرٍ في الماضي متعمِّداً الكذب فيه، فيُثبت شيئاً أو ينفيه وهو يعلم أنّه كاذب، كأن يقول: والله لم أفعل ذلك، وهو يعلم في قرارة نفسه أنّه فعله، واليمين الغموس أيضاً هي اليمين التي يقتطع فيها المرء حقّ غيره ظلماً وغدراً، وقد سُمّيت اليمين الغموس بهذا الاسم لأنّها تغمس صاحبها في الإثم والنّار.
حكم اليمين الغموس وكفارته
اليمين الغموس مُحرَّمة، بل هي من كبائر الذنوب، ومن عظم إثمها فإنّه لا كفّارة لها سِوا التوبة الصادقة وردّ الحقوق لأصحابها، وبذلك قال جمهور العلماء، وقد قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "كنا نعد من الذنب الذي ليس له كفارة اليمين الغموس"، وقال سعيد بن المسيّب -رحمه الله-: "هي من الكبائر، وهي أعظم من أن تكفر".
ومن النصوص الشرعية التي تدلّ على تحريمها وعِظم إثمها:
- قول الله -تعالى-: (وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
- قول الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
- ثبت عن عبد الله عمرو -رضي الله عنه- أنّه قال: (جاءَ أعْرابِيٌّ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ. قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هو فيها كاذِبٌ).
عقوبة اليمين الغموس
يجب على مَن حلف يميناً غموساً أو كاذباً أن يُبادر إلى التوبة الصادقة من ذنبه، ويستغفر الله -تعالى-، ويعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك، ويردّ الحقوق إلى أصحابها مباشرة، فالحلف اليمين الكاذب المتعمّد والذي يتضمّن أكل حقوق النّاس عقوبته عظيمةٌ جداً.
ومن أعظم الآيات التي تدلّ على سوء عاقبة مَن يحلف كاذباً قول الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، حيث تضمّنت هذه الآية القرآنية الكريمة الحديث عن عدّة عقوبات لمن لم يتب من اليمين الغموس، وهي:
- الحرمان من رحمة الله -تعالى- في الآخرة.
- عدم تكليم الله -تعالى- له.
- إعراض الله -سبحانه- عنه في الآخرة، فلا ينظر له بعين الرحمة.
- لا يُطهّر من ذنوبه ومعاصيه.
- العذاب الأليم يوم القيامة.
ومن الأحاديث التي تبيّن عقوبة صاحب اليمين الغموس قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن حَلَفَ علَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هو فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهو عليه غَضْبَانُ).