ما هو الوسواس الخناس
علاقة الشيطان بالإنسان
يجهل الكثير من الناس طبيعة العلاقة بينهم وبين الشيطان، مما يجعل الناس مخطئين في تشخيص بعض الأحداث التي تحصل معهم، كما أنّ الكثير من الناس يجهلون كيد الشيطان وبغضه للإنسان، فيأمل البعض منهم التخلّص من العلاقة التي تربطه بالشيطان، إلا أنّ الله تعالى أراد استمرارها ودوامها، حيث قال الله تعالى: (قالَ فَبِما أَغوَيتَني لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقيمَ*ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرينَ)، فالشيطان عزم على صدّ الإنسان عن كلّ أمرٍ خيّرٍ ليمنعه عنه، دون أن ينظر إن كان الإنسان مؤمناً ، أو كافراً، أو صالحاً، أو فاسداً، حتى يكون مصيره إلى جهنّم مثل مصيره، وشبّه الرسول صلى الله عليه وسلم قرب الشيطان من الإنسان؛ فقال: (إن الشيطانَ يَجري من الإنسانِ مَجرى الدمِ)، ورغم ذلك كلّه إلا أن الإنسان يستطيع أن يبقى قوياً أمام الشيطان، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، كما أن الله تعالى أمدّ عبادع بكلّ الطرق والوسائل والقوى للسيطرة على الشيطان وكيده.
الوسواس الخناس
يشكو الكثير من الناس من مرض الوسوسة الذي يعد من عمل الشيطان، فالكثير قد يشكّ في طهارته ، أو في طهارة ملابسه، وقد يتصوّر البعض أنّ الصلاة أمر ثقيل جداً، مما يجعله يسعى للتخلّص منه، وتطلق الوسوسة على ما يلقيه الشيطان في قلب الإنسان من أفكار، وحديثُ للنّفس، ويطلق مصطلح الموسوس على الإنسان الذي تصيبه الوساوس، أما ما يقع في النفس من فعل الشر لا الخير فيُطلق عيله الوسواس، ومن الجدير بالذكر أنّ أول وسوسة كانت لآدم وحواء عليهما السلام، لذلك فإنّ الله تعالى أمر عباده بالاستعاذة من الوسواس الخناس، حيث قال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ*مَلِكِ النَّاسِ*إِلَـهِ النَّاسِ*مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ*الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ*مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ).
يأتي الوسواس الخنّاس إلى الناس في عباداتهم وطاعاتهم، فقد تكون وسوسته في الطهارة، ويتم التخلّص منها باتباع أمر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (لا يبولنَّ أحدُكُم في مستحمِّهِ ثمَّ يغتسلُ فيهِ)، ويجب على المسلم أن يحرص على التكرار ثلاث مرات في الوضوء دون أن يزيد عليها، كما أنّ الوسوسة تكون في الصلاة بدءاً من الأذان إلى تشكيك الإنسان بصلاته، فقد يُخيّل إليه أن وضوءه انتقض، ويلقّب الوسواس الخناس الخاصّ بالصلاة بالخنزب، والخنزب هي قطعة اللحم المنتنة، إلا أنه يمكن للمسلم طرده وحفظ صلاته منه باستفتاح الصلاة بدعاء الاستفتاح الخاص بها، وقراءته في كل صلاة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (سبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ وتبارَكَ اسمُكَ وتعالى جدُّكَ ولا إلَهَ غيرَكَ ثمَّ يقولُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ).
يسعى الوسواس الخناس أيضاً إلى إيقاع العداوة والفتنة والبغضاء بين الناس، وشكّهم في أعراض بعضهم البعض، حيث روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (إنَّ الشَّيطانَ قد أيِسَ أن يعبُدَه المصلُّونَ في جزيرةِ العربِ ولَكنْ في التَّحريشِ بينَهم)، فالحديث السابق يدلّ على أنّ الشيطان يسعى إلى التحريش بين الناس؛ أي الإيقاع بينهم في الخصومات والمشاحنات، ويسعى إلى زرع الغش، والغبن، والخداع بين التجار في معاملاتهم طمعاً في الحصول على الأرباح ونيلها، ويمكن أن يُوقِع المسلمين في المعاصي والفواحش من خلال وسوتهم بأمور الفقر والبؤس، حيث قال الله تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، وورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه إجابةً عن مكان الوسواس الخناس: (الشيطانُ جاثِمٌ على قلبِ ابنِ آدمَ ؛ فإذا ذَكَر اللهَ خَنَسَ وإذا غَفَل وَسْوَسَ).
التخلّص من وسوسة الشيطان
أرشد النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين إلى عدّة طرقٍ للتخلّص من الشيطان ووسوسته وطرده، وفيما يأتي بيان البعض منها:
- تضييع فرصة الشيطان، وذلك بالحرص والمداومة على الوضوء ، والصلاة ، وذكر الله تعالى، فالشيطان يحاول عدّة محاولات لجعل نفس الإنسان نفساً خبيثةً، وذلك من خلال عُقَدٍ يعقدها على قافية رأس الإنسان.
- طرد الشيطان وتجويعه، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل الرجلُ بيتَه ، فذكر اللهَ عند دخولِه وعند طعامِه ، قال الشيطانُ : لا مَبيتَ لكم ولا عشاءَ . وإذا دخل فلم يذكر اللهَ عند دخولِه ، قال الشيطانُ : أدركتُم المَبيتَ . وإذا لم يذكر اللهَ عند طعامِه ، قال : أدركتُم المَبيتَ والعَشاءَ)، إي يمكن للإنسان منع إبليس من دخول البيت والتناول من الطعام بذكر الله تعالى، فالشيطان يأكل من الطعام الذي لم يُذكر اسم الله عليه.
- حفظ العورات وصونها، فالشيطان وأتباعه يتتبّعون العورات لأنّ نفوسهم قذرة وسخة، حيث نزع عن آدم وحواء لباسهما وهما في الجنة، كما أنه ينزع لباس التقوى من النفوس، واللباس الذي يستر الجسد.
- الاحتراز من الشيطان ووقاية النفس منه، وذلك بالعديد من الأذكار التي حثّ عليها النبي عليه الصلاة والسلام.
- اللجوء إلى الله تعالى والاستعاذة منه من الشيطان الرجيم، حيث قال الله سبحانه: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، وقال ابن كثير مفسّراً الآية السابقة: (ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي: أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم، أنْ يَضُرَّني في ديني أو دنياي، أو يَصُدَّني عن فِعلِ ما أُمرت به، أو يَحُثَّني على فِعلِ ما نُهيت عنه).