ما هو العمل الصالح
العمل الصالح
يسعى المسلم للوصول إلى رضى الله ومحبته، فيقوم بجميع ما أمره الله به، ويبتعد عن جميع ما نهى عنه، وإن الأعمال الصالحة التي يمكن للعبد التقرب من خلالها إلى الله -سبحانه وتعالى- كثيرةٌ ومتعدّدة، فمنها ما يكون بالفعل الجسدي، ومنها ما يكون بالقول، ومنها ما يكون منشأه القلب، ومنها ما يكون فعلاً ماليّاً مُطلقاً، وستعرض هذه المقالة بعد توفيق الله المقصود بالعمل الصالح، وماهيته، وكيف يمكن للمسلم أن يتقرب إلى الله من خلال العمل الصالح .
تعريف العمل الصالح
العمل في اللغة مأخوذٌ من عَمِلَ: العين والميم واللام أصلٌ واحدٌ صحيح، وهو عامٌ في كل فعلٍ يُفعل، وعملَ يعمَلُ عملاً، فهو عامل، واعتمل الرجل: إذا عمل بنفسه، والعمالة: أجر ما عمل، والمعاملة: مصدر من قولك: عاملته، وأنا أعامله معاملة.
يمكن تعريف العمل الصالح بالاصطلاح بأنّه: أي عمل أو فعل أو قول يرضاه الله سبحانه وتعالى من عباده ويقوم به العبد بقصد التقرُّب به إلى الله سبحانه وتعالى، وهو العمل بما جاء به القرآن الكريم، والسنة المطهّرة، وجميع ما يوافق شرع الله سبحانه وتعالى، ويصحُّ تعريفه بأنه عبادة الله وطاعته.
شروط العمل الصالح
للعمل الصالح ثلاثة شروط هي:
- أن يكون العمل موافقاً لما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، فالآية الكريمة تبين أنّه واجب على المسلمين طاعة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتطبيق أحكامه، وعدم مخالفة أمره. وقال الله تعالى أيضاً: (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) فالآية الكريمة تبين أنّه من لم يطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه يكون بذلك عاصياً لله -سبحانه وتعالى- فأمر رسول الله ونهيه من أمر الله سبحانه وتعالى ونهيه، وطاعته من طاعة الله، ومعصيته من معصية الله.
- أن يكون العبد مخلصاً لله سبحانه وتعالى، في عمله، قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) فالآية الكريمة تُبين أنّ الهدف الأساسي الجوهري من الدين والإيمان هو إخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى.
- أن يكون العمل مبنيّاً على أساس الإيمان والعقيدة الصحيحة.
ثمرات العمل الصالح
للعمل الصالح ثمرات عديدة منها:
- حصول الحياة الطيبة للعبد: فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)، فالآية الكريمة تبيّن أنّ الله سبحانه وتعالى وعد كلاً من المؤمنين والمؤمنات الذين يعملون الصالحات بالحياة الطيّبة التي لا خبث فيها في الدنيا ، وفي الآخرة يكون الجزاء هو الجنة ، ويكون الجزاء بحسب أحسن عمل عملوه من كل نوع، فمثلاً من الصدقات بأفضل الصدقة.
- الجزاء الحسن وتكفير السيئات للذين يعملون الأعمال الصالحة، وتكون موافقه لشروط العمل الصالح.
- حصول الفلاح: أي الفوز بالمطلوب الذي يطلبه العبد المؤمن من ربه، والنجاة من المرهوب الذي يخافه ويهابه العبد المؤمن.
- حصول الهداية للمؤمنين الذين يقومون بالأعمال الصالحة.
- نيل محبة الله سبحانه وتعالى، والفوز برضاه، فكلّما تقّرب العبد من الله سبحانه وتعالى بفعل الأعمال الصالحة زادت محبة الله سبحانه وتعالى له.
- محبة الْخَلْقِ؛ فعندما يحب الله العبد المؤمن لقيامه بالأعمال الصالحة يقذف محبة العبد أيضاً في قلوب الناس، فيُحبه الناس.
- صَلَاحُ أَحْوَالِ الْعَبْدِ في في حياته الدنيا وفي حياته الآخرة .
- العمل الصالح يُدخل صاحبه في زمرة عباد الله الصالحين، ومن يدخل في زمرة الصالحين فقد فاز بولاية الله سبحانه وتعالى له.
- حفظ أهل العامل وذريته، فمن بركة العمل الصالح أنه لا يقتصر على صاحبه فقط بل يتعدّاه إلى ذريّته.
- إجَابَةُ الدُّعَاءِ ؛ فالله سبحانه وتعالى يستجيب لعباده الذين يعملون الصالحات ويعطيهم ما يطلبون، بل ويزيدهم على مطلوبهم.
- تَفْرِيجُ الْكُرُبَاتِ؛ فالأعمال الصالحة والخالصة لله سبحانه وتعالى سبب في تفريج الكُرُبات والهموم عن صاحبها.
- العمل الصالح سبب للخلافة في الأرض، والتمكين في الدين، وحلول الأمن بعد الخوف، فالله سبحانه وتعالى وعد الذين يعملون الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض، ويمكّن لهم دينهم، ويُبدلهم بعد خوفهم أمناً، والله سبحانه وتعالى لا يُخلف الميعاد.
- استمرار الأجر إذا ترك العبد العمل الصالح الذي كان يقوم به لعذر يمنعه.
- تسليم المسلمين في كل صلاة على العبد الذي يعمل الأعمال الصالحة؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: (كُنَّا إذا صَلَّينا خلفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قُلْنا: السلامُ علَى جِبريلَ وميكائِيلَ، السلامُ علَى فُلانٍ وفُلانٍ، فالتَفَتَ إلَينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إنَّ اللهَ هو السلامُ، فإذا صلَّى أحدُكم فليَقُل: التَّحيَّاتُ للهِ والصلواتُ والطَّيِّباتُ، السلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورَحمَةُ اللهِ وبرَكاتُهُ، السلامُ علينا وعلى عِبادِ اللهِ الصَّالحينَ، فإنَّكم إذا قُلْتُموها، أصابَت كُلَّ عبدٍ لِلهِ صالِحٍ في السماءِ والأرضِ، أشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُه).
نماذج من العمل الصالح
الأعمال الصالحة التي يستطيع العبد القيام بها ليتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى كثيرة، ومنها على سبيل المثال، لا الحصر ما يلي:
- حفظ القرآن الكريم : حفظ القرآن الكريم له أجرٌ عظيمٌ عند الله سبحانه وتعالى، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (لو جُمِعَ القرآنُ في إِهابٍ، ما أحرقه اللهُ بالنَّارِ)، فحفظ العبد للقرآن الكريم من أسباب وقايته من النار.
- إفشاء السلام والابتداء به: لإفشاء السلام على من عرف العبد ومن لم يعرف أجرٌ عظيم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (السلامُ اسمٌ من أسماءِ اللهِ وضَعَهُ اللهُ في الأرضِ، فأفْشُوهُ بينَكمْ، فإنَّ الرجلَ المسلمَ إذا مَرَّ بقومٍ فسلَّمَ عليهم، فردُّوا عليه؛ كان لهُ عليهم فضلُ درجةٍ بتذكيرِهِ إيَّاهُمُ السلامَ، فإنْ لمْ يرُدُّوا عليه رَدَّ عليه مَنْ هوَ خيرٌ مِنهمْ وأطْيبُ)
- عيادة المريض: من أبرز الأعمال الصالحة وأهمها أن يعود المسلم أخاه المسلم في مرضه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من امرئٍ مسلمٍ يعودُ مسلمًا إلا ابتعث اللهُ سبعين ألفَ ملَكٍ، يُصلُّون عليه في أيِّ ساعاتِ النهارِ كان، حتى يمسيَ، و أيِّ ساعاتِ الليلِ كان، حتى يُصبِحَ ).
- الإحسان إلى الجار والصبر على أذاه: من الأعمال التي ينال بها العبد محبة الله سبحانه وتعالى وينال رضوانه الصبر على أذى جاره، والإحسان إليه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ يُحبُّهم اللهُ : رجلٌ كان في فئةٍ فنصب نحرَه حتَّى يُقتَلَ أو يفتَحَ اللهُ عليه وعلى أصحابِه ورجلٌ كان له جارُ سوءٍ يُؤذيه فصبر على أذاه حتَّى يُفرِّقَ بينهما موتٌ أو ظَعْنٌ ...).
- إماطة الأذى عن الطريق: لإماطة الأذى عن طريق الناس أجرٌ عظيم، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (لقد رأيتُ رجلًا يتقلَّبُ في الجنَّةِ، في شجرةٍ قطعَها من ظهرِ الطريقِ، كانت تُؤذي النَّاسَ).