ما هو الخوف من الله
ما هو الخوف من الله؟
الخوف من الله تعالى عبادة يتقرب بها العبد إلى الله، وهى من عبادات القلب، وليس لها عمل ظاهر على الجوارح، قال تعالى: (إِنَّمَا ذلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ، فموطن هذه العبادة قلب المؤمن كما فى عبادة الرجاء والتوكل وغيرها من العبادات القلبية، وفي الآتي الحديث عن الخوف من الله تعالى.
مفهوم الخوف من الله:
عند الحديث عن الخوف من الله تعالى، يقصد به ما يأتي:
- الخوف من الله تعالى؛ كيف لا يخاف العبد من الله تعالى والله تعالى بيده أعمار العباد وأرزاقهم، وصحتهم ومرضهم، وكل شؤونهم تحت مشيئته جل وعلا، وهذا الخوف يكون ممّن عرف الله وعرف عظمته جل وعلا، وعرف أسماءه الحسنى وصفاته العلى، فهذا مقام العلماء العارفين لربهم.
- الخوف من عذاب الله تعالى؛ وهذا درجته أقل من الأول حيث إنّ بعض الخلق يخافون عند ذكر العذاب وأنواعه، ويخافون من عذاب الله لهم في الدنيا والآخرة، وهذا الخوف هو أكبر محرك لهم وأكبر رادع لهم.
أنواع الخوف والخوف المطلوب في الإسلام
للخوف عدّة أنواع ويختلف حكم كلِّ واحد منها حسب ما يأتي:
- الخوف من الله تعالى؛ إذ طلب الله تعالى من عباده أن يخافوه فقال جل وعلا: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، وهذا الخوف الواجب على العبد فيه أن يخاف الله تعالى في السرّ فيدفعه ذلك إلى حُسن الطاعة والعبادة، وهذا خوفٌ محمود لأنّه يقود صاحبه إلى النجاة وفعل الطاعات.
- قد يخاف غير الله تعالى كما يخاف من الله تعالى، وكأنّ هذا المخلوق قادر على أن ينفعه أو يضرّه مثل الله تعالى، وهذا خوفٌ مذموم، لأنّ العبد صرّف عبادة الخوف لغير الله تعالى.
- الخوف الطبيعي؛ يشترك فيه الناس، ولا يُذم صاحبه إلّا إذا خاف من شيء لايستحق الخوف، أو أن يُقعده عن القيام بما أوجب الله عليه من أمور الدنيا والدّين، فهذا خوفٌ مذمومٌ وخُلق قبيح لا يليق بالمسلم.
- قد يخاف من مسائل تستحق الخوف، كمن يخرج من بيته خائفًا على نفسه من الموت، فلا بأس على المسلم أن يقع فيه، ومثاله: ما حصل مع سيدنا موسى عيله السلام قال تعالى : (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ) ، فهذا خوفٌ طبيعيّ لا يُعاب عليه صاحبه، لأنّه خوفٌ على النفس من الهلاك.
فضل الخوف من الله
إنّ الخوف من الله تعالى فضيلة تدل على ورعِ صاحبها وتقواه، وتُشير إلى أنّ صاحبها يُراعي الله تعالى في أقواله وأفعاله، ونُبيّن بعض فضائل الخوف من الله فيما يأتي:
- الله جعل الخوف منه صفة للمؤمنين، قال الله تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ).
- أكثر نعيم الجنة قد ذُكر لمن خاف ربه، قال الله تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ).
- كل الكائنات تخاف من الله تعالى وتسجد له جل وعلا، قال تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ* يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ).
- وجعل الله تعالى ثواب الخائف من مقام الله تعالى الجنة، قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى).
ثمرات الخوف من الله
إنّ للخوف من الله تعالى ثمرات عدّة يجدها المسلم في الدنيا والاخرة، فالخوف من الله عاقبة الخير للمسلم، ومن ثمرات الخوف من الله تعالى:
أولاً: ثمرات الخوف من الله في الدنيا
هناك عدّة ثمرات للخوف من الله في الدنيا، ونذكرها فيما يأتي:
- يعد الخوف من الله تعالى في الدنيا من أسباب تمكين المسلم في الأرض قال تعالى: ( وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنّ فِي مِلّتِنَا فَأَوْحَىَ إِلَيْهِمْ رَبّهُمْ لَنُهْلِكَنّ الظّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ)
- إنّ الخوف من الله تعالى سببٌ للقيام بالأعمال الصالحة والإخلاص فيها، فيبعد المسلم عن الرياء بسبب خوفه من الله، وإنّ الخوف من الله تعالى يزرع في النفس الشجاعة والقوة، لعلمه أنّ الخوف الحقيقي من الله تعالى وليس من العبد.
ثانياً: ثمرات الخوف من الله تعالى في الآخرة
هناك عدّة ثمرات للخوف من الله في الآخرة، ونذكرها فيما يأتي:
- إنّ الخوف من الله في الدنيا من أسباب المغفرة في الآخرة، قال عليه الصلاة والسلام: (أَسْرَفَ رَجُلٌ علَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فأحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ اذْرُونِي في الرِّيحِ في البَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا ما عَذَّبَهُ بِهِ أَحَدًا، قالَ فَفَعَلُوا ذلكَ بِهِ، فَقالَ لِلأَرْضِ: أَدِّي ما أَخَذْتِ، فَإِذَا هو قَائِمٌ، فَقالَ له: ما حَمَلَكَ علَى ما صَنَعْتَ؟ فَقالَ: خَشْيَتُكَ، يا رَبِّ، أَوْ قالَ مَخَافَتُكَ، فَغَفَرَ له بِذلكَ).
- خشية الله تعالى من المُنجيات التي ينجو بها العبد في الدنيا والاخرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السر و العلانية والعدل في الرضا والغضب والقصد في الفقر والغنى وثلاث مهلكات: هوى متبع وشح مطاع وإعجاب المرء بنفسه).