ما هو الاجهاض المتكرر وما اسبابه
الإجهاض والإجهاض المتكرر
يُعرّف الإجهاض على أنّه فقدان الجنين قبل بلوغ الحمل الأسبوع العشرين، وبحسب الإحصائيات فإنّ حالة واحدة من بين كلّ 5 حالات من الحمل المؤكد تنتهي بالإجهاض، وهناك العديد من النساء اللاتي يتعرّضن للإجهاض دون إدراكهنّ وجود الحمل من الأساس، ويجدر بيان أنّ هناك العديد من أنواع الأجهاض، منها المُهدد (بالإنجليزية: Threatened)، والمحتوم (بالإنجليزية: Inevitable)، والكامل، وغير الكامل، كما صنّف البعض الحمل خارج الرحم (بالإنجليزية: Ectopic pregnancy)، والحمل العنقودي (بالإنجليزية: Molar pregnency) على أنّها أنواع للإجهاض أيضاً. وأمّا بالنسبة للإجهاض المتكرر فيُعرّف على أنّه فقدان الحمل مرتين أو أكثر، وتبلغ نسبة النّساء اللاتي يُعانين من هذه الحالة حوالي 1%، وفي الحقيقة فإنّ ما نسبته 50-75% من حالات الإجهاض المُتكرر غير مُحدّدة السبب.
أسباب الإجهاض المتكرر
يُعزى حدوث الإجهاض المُتكرر إلى العديد من العوامل والأسباب، ويُمكن بيان أهمّها فيما يلي:
- عمر الام: إذ إنّ احتمالية حدوث الإجهاض تزداد مع تقدم المرأة في العمر، كما يُشكّل تقدم عمر الرجل عامل خطر لحدوث الإجهاض أيضاً، حيث إنّ خطر الإجهاض يكون أعلى في حال تجاوز عمر المرأة 35 عاماً وعمر الرجل 40 عاماً. ويُعزى ذلك إلى مجموعة من الأسباب، منها: زيادة احتمالية امتلاك الأجنة اضطرابات على مستوى الكروموسومات نتيجة انخفاض جودة الخلية البيضية (بالإنجليزية: Oocyte)، أو انخفاض وظيفة الرحم والمبيض لدى المرأة، أو غير ذلك.
- تشوهات الرّحم: وقد تكون مُكتسبة أو وراثية، ويُمكن تشخيص تشوهات الرحم من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي أو التنظير الرحم .
- اضطرابات الكروموسومات: وتُشكّل هذه الحالات ما نسبته 3-6% من مجموع حالات الإجهاض المتكرر.
- الأسباب المناعية والمناعية الجينية: تبيّن وجود سلسلة من الأجسام المضادة الذاتية التي يُفرزها الجهاز المناعيّ عن طريق الخطأ، مثل مضاد الفوسفولبيد (بالإنجليزية: Antiphospholipid)، والجسم المضاد للنواة (بالإنجليزية: Antinuclear)، والجسم المضاد للدرقية (بالإنجليزية: Antithyroid) في أجسام النساء اللاتي يُعانين من حالات الإجهاض المتكرر. ومن الأمثلة على أمراض المناعة الذاتية المُتعلقة بتكرار الإجهاض ما يُعرف بمتلازمة مضاد الفوسفولبيد (بالإنجليزية: Antiphospholipid syndrome).
- فرط الخثورية: (بالإنجليزية: Thrombophilia)، المعروفة أيضاً بأُهبة التَخثر، وقد تكون هذه الحالة وراثية أو مُكتسبة، ويُمكن تفسير تأثير فرط الخثورية في حدوث الإجهاض بتسببها بزيادة خطر تكوين الجلطة في الأوعية المشيمية الوليدة مما يؤدي إلى احتشاء المشيمة.
- الأسباب المتعلقة بالغدد الصماء: ومثال ذلك قصور الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism) ومتلازمة تكيّس المبايض (بالإنجليزية: Polycystic ovary syndrome).
- تكسر الحمض النووي للحيوانات المنوية: (بالإنجليزية: Sperm DNA Fragmentation)، إذ إنّ ارتفاع مستوى حدوث هذه الحالة يؤثر في جودة السائل المنويّ، كما أنّ هناك ارتباط وثيق بين أضرار الحمض النووي في الحيوانات المنوية وحدوث الإجهاض.
- أنماط الحياة: ومثال ذلك شرب الكحول والتدخين.
- التّعرض للعدوى: قد تؤدي إصابة المرأة بداء الليستريات (بالإنجليزية: Listeriosis)، أو داء المقوسات (بالإنجليزية: Toxoplasmosis)، أو أحد أشكال العدوى الفيروسية إلى فقدان حمل واحد، وقد تؤدي الإصابة بالملاريا ، أو الزهري، أو البروسيلا (بالإنجليزية: Brucellosis) إلى حدوث الإجهاض المتكرر.
- العوامل المتعلقة بالمبيض: يُعتقد أنّ حدوث اضطراب في المرحلة الأصفريّة (الاسم العلمي: Luteal phase) كأن تكون أقل من 11 يوماً قد يلعب دوراً في المعاناة من الإجهاض المتكرر.
تشخيص الإجهاض المتكرر
في البداية يجب تحديد السبب الذي أدّى إلى حدوث الإجهاض المُتكرر، ولمعرفة ذلك يلجأ مُقدم الرعاية الصحيّة إلى مراجعة التاريخ الطبي للمريضة والأمور المُتعلّقة بالأحمال السابقة، كما يوصي الطبيب بإجراء فحص جسدي كامل، بما في ذلك فحص الحوض. وفي حال اعتُقد أنّ الاضطرابات الوراثية هو السبب الكامن وراء حدوث هذه الحالة يتمّ إخضاع الشريكين لفحص النمط النووي؛ إذ يتمّ من خلال هذا الفحص تحديد وتقييم حجم، وشكل، وعدد الكروموسومات في عيّنة من خلايا الجسم. تُجرى اختبارات التّصوير كالتصوير بالرنين المغناطيسي أو الموجات فوق الصوتية في حال الاشتباه بوجود مشكلة في الرحم قد تسبّبت بحدوث الإجهاض، وتجدر الإشارة إلى أنّ تقنية تصوير الرحم بالصبغة (بالإنجليزية: Hysterosalpingography) لها دور في تحديد ما إذا كانت المرأة تُعاني من مشاكل في شكل الرحم. وقد يطلب الطبيب إجراء اختبارات الدّم بهدف الكشف عن وجود مشاكل في الجهاز المناعي كحال الإصابة بمتلازمة مضاد الفوسفولبيد (بالإنجليزية: Antiphospholipid syndrome).
علاج الإجهاض المتكرر
في الحالات التي يتم فيها تحديد السبب الكامن وراء المعاناة من الإجهاض المتكرر؛ يعتمد العلاج على السيطرة على المُسبّب والتخلص منه، وتتضمن الطرق العلاجية عامة إجراء تغييرات على نمط الحياة، واللجوء إلى بعض االخيارات الدوائية والجراحية، بالإضافة لاحتمالية إجراء الاختبارات الجينية لزيادة فرصة نجاح الحمل، ومن الجدير بالذكر أنّ الإجراءات العلاجية قد لا تقتصر فيها خطة العلاج على زيادة فرصة نجاح الحمل، وإنّما يتعدّى الأمر ذلك إلى تقليل خطر إصابة المرأة بالإجهاض في المستقبل. وتجدر الإشارة إلى أنّ فرصة نجاح حدوث الحمل واستمراره قد تتراوح بين 60-80% حتّى بعد ثلاث حالات إجهاض.
تتمثل التغييرات التي يُطلب إجرؤها على نمط الحياة: الإقلاع عن التدخين، والامتناع عن تعاطي المخدرات والكحول، والحد من تناول الكافيين، مع الحرص على الحفاظ على وزن صحيّ. وأمّا بالنسبة للخيارات الجراحية فقد يُلجأ إليها في حال وجود مشاكل في الرحم، بما فيها ألياف الرحم. وأمّا بالنسبة للعلاج الدّوائي؛ فعادة ما يتمثل بصرف الأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin) أو الهيبارين (بالإنجليزية: Heparin) في الحالات التي تكون فيها الإصابة باضطرابات المناعة الذاتيّة هي السبب وراء حدوث مشكلة الإجهاض. وأخيراً يجدر بيان أنّ تقديم العلاج المناسب في حالات اضطراب مستويات السكر في الدم، أو مشاكل الغدة الدرقية، أو الاضطرابات الهرمونية قد يُعزّز احتمالية حدوث حمل صحي واستمراره، وقد تُساعد على ذلك الأدوية المُنشطة لمستقبلات الدوبامين في الدماغ أو مكملات البروجسترون .