ما هو احب الطعام عند الرسول
ما هو أحب الطعام عند الرسول
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأكل ما يَجِد، ولمْ يَعِب طعاماً قطّ، فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (ما عَابَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعَامًا قَطُّ، إنِ اشْتَهَاهُ أكَلَهُ وإلَّا تَرَكَهُ)، وأما ما كان يحبّه النبيّ الكريم من الطعام فتفصيل ذلك فيما يأتي:
- الحلوى والعسل: وذلك بحسب ما روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ).
- الزّبْد والتمر: وهذا ما رواه ابنا بسر السُّلَميّين، وهما عبد الله وعطيّة، حيث قالا: (دخل علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقَدّمْنا زبدًا وتمرًا، وكان يحبُّ الزُّبدَ والتَّمرَ).
- العُرَاقُ: و الْعُرَاقُ بعينٍ مضمومة، وهو العظم إذا أُخِذَ عنه معظم اللحم، وهذا ما ذكره عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حيث قال: (كانَ أحبُّ العُراقِ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: عُراقَ الشَّاةِ).
- الدُّباء: بضم الدال، وقيل هو القرع، وقد ذكر ذلك الصحابي أنس بن مالك -رضي الله عنه-، فقد كان متأسّياً بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام- حينما دُعي رسول الله لطعامٍ عند خياط، فذهب معه أنس بن مالك إلى ذلك الطعام، ويروي فيقول: (فَقَرَّبَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خُبْزًا ومَرَقًا، فيه دُبَّاءٌ وقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِن حَوَالَيِ القَصْعَةِ، قالَ: فَلَمْ أزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِن يَومِئِذٍ).
- الذّراع من اللّحم: فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحبّ من اللّحم الذِّراع، وكانت تعجبه من الشاة لسرعة استوائها، وهذا ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُتِيَ بلَحْمٍ فَرُفِعَ إلَيْهِ الذِّرَاعُ، وكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَشَ منها نَهْشَةً).
- الثريد: وهو الخبز مع اللّحم، وذلك لأن اللّحم سيّد الإدام، والبرّ سيّد الأقوات، فإذا اجتمعا كانا أفضل الطعام، وقد روى أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام).
هدي النبي في تناول الطعام
إن من أهمّ ما يميّز المسلم تخلّقه بالآداب الإسلامية في كل الأحوال، وحتى في طعامه وشرابه معروفٌ بحسن خلقه، وفيما يأتي جملة من الآداب التي حثّ عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الأكل والشرب:
- تسمية الله -تعالى- قبل البدء بالطعام، وإن نَسِي المسلم أن يسمّي وابتدأ الطعام؛ فيُسمّي عندما يتذكّر، وذلك اتّباعا لما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي روته السيدة عائشة عن النبي: (إذا أكَل أحَدُكم فَلْيذكُرِ اسمَ اللهِ تعالى، فإن نسِي أن يذكُرَ اسمَ اللهِ تعالى في أوَّلِهِ، فليقُلْ: بسمِ اللهِ أوَّلَهُ وآخِرَهُ)، وفي التّسمية إبعادٌ للشيطان حتى لا يأكل مع الإنسان.
- الأكل باليد اليمنى، والشرب باليد اليمنى، وقد جاءت الأحاديث التي تحضّ وتحثّ على ذلك، وتنهى عن الأكل والشرب باليد الشمال، ومنها ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أكَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بيَمِينِهِ، وإذا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بيَمِينِهِ فإنَّ الشَّيْطانَ يَأْكُلُ بشِمالِهِ، ويَشْرَبُ بشِمالِهِ).
- الأكل بثلاثة أصابع، وليس بأصبع واحدٍ ففيه تكبّر، ولا يأكل بخمسة أصابع ففيه حرص، وأن يلعقها بعد الانتهاء، وأن يأكل ما بقي في الإناء، فلا يعلم الإنسان أين تحلّ البركة.
- الأكل مما يلي المسلم، وأن لا تطيش اليد في القصعة، فقد جاء عن عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه- أنه كان غلاماً، وكانت يده تطيش في الإناء، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (و كُلْ مِمَّا يليكَ).
- التيامن في تقديم الطعام، وكان رسول الله يحبّ التيامن في كل شيءٍ.
- رفع ما سَقط من الأكل، وإزالة الأذى عنه وأكله إذا كان نظيفاً.
- عدم إزعاج الغير بالأصوات بالأكل، أو النفخ على الطعام، ولا يكبّر الإنسان اللُّقمة بحيث ينتفخ كلّ فمه فيها.
- الحرص على عدم إعابة شيءٍ من الطعام، فما عاب رسول الله طعاماً قطّ.
- الشرب على دفعتين أو ثلاث دفعات، والشرب في حال الجلوس، وعدم التنفّس في الإناء أو الشرب من فم السّقاء.
- حمد الله -سبحانه وتعالى- بعد الفراغ من الطعام، وشكر الله على هذه النّعمة، ففي الشكر يحصل الأجر العظيم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه معاذ بن أنس: (من أكَلَ طعامًا فقال: الحَمدُ للهِ الذي أطعمني هذا الطَّعامَ ورَزَقَنيه من غيرِ حولٍ مِنِّي ولا قوَّةٍ، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذَنبِه).
الرسول أسوةٌ للعالمين
إن الباحث في حياة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- يجد أنّها الحياة المُتكاملة، فهو المَثَل الأعلى، والأُسْوة الحسنة للمسلمين الذين يرجون لقاء الله -تعالى- واليوم الآخر، ومن تأسّى بهدْيه استنارت حياته، وهذا ما حدث فعلاً للصحابة الكرام، فهو الأسوة الطاهرة، وحياته مثاليّة للناس جميعاً، ويقتدي به من سار بعد الصحابة من التابعين، ومن تبعهم، ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا.
وسيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- هي الميزان القويم الذي يقوّم اعوجاج الأمة، وفيها القسطاس المستقيم، وفيها الثّقافة الواضحة، وفي سيرته تبيانٌ لطريقي الخير والشر، وتمييزٌ بين الحق والباطل، والعالم اليوم بحاجةٍ ماسّةٍ إلى بشرٍ كاملٍ يتّخذ الأسوة والقدوة، على أن تكون حياة هذا الشخص معروفةٌ بالتفصيل، وهذا كلّه يجتمع في سيرته -صلى الله عليه وسلم-، فهي أصل الهناء وقوام الخير، ومن تبعه كان شرفاً له وسعادة وخيراً كبيراً، ومن أراد سعادة الآخرة وخيْرها بالإضافة إلى حكمة الدنيا وعدل السيرة المحتوية على مكارم الأخلاق ، والمستحقّة لأحسن الفضائل كلّها، فعليه الاقتداء بمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، والسّير على أخلاقه وهديه.