أبو جهل وأبو لهب
أبو جهل
التعريف بأبي جهل
اسمه عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أحد أشراف قريش وكبارها، لقبه أبو الحكم ولكنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لقّبه بأبي جهل؛ وذلك لأنّه أخطأ كثيراً بحقّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وبحقّ المسلمين، ولأبي جهل أربع زوجات.
وفي غزوة بدر تزاحم الصّحابة على نيل شرف قتله من شدّة ما آذاهم، فنال هذا الشّرف معاذ ومعوّذ ابني عفراء، وكانا صغيرين في السّن حينئذ، وقد جاءا بعد قتله مسرعين ليزفّا الخبر لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ثمّ مرّ ابن مسعود بأبي جهل وما زال فيه نفس فاحتزّ رأسه وجاء به لرسول الله.
موقف أبي جهل من النبي ودعوة الإسلام
كان أبو جهل من أشدّ النّاس عداوة للمسلمين ولرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد كان لا يفوّت فرصة لإيذائهم سواءً بالقول أو بالعمل، ومواقفه المُشينة مع رسول الله -عليه الصّلاة السّلام- كثيرة؛ إذ كان دائم التّهكّم والتّكذيب لما يقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وكلّما سمع آية زاد عناده وتشبّثه بالكفر .
وبعد عودة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من حادثة الإسراء والمعراج روى لقومه ما رأى في رحلته، فأخذه أبو جهل لقومه لكي يروي لهم ما حدث من جديد، وبدأ بالتعجب والاستهزاء والتكذيب على كل ما يرويه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد رُوي أيضاً أنّه جاء مرّة بروث جزور -الإبل- ووضعه على ظهر النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- وهو ساجد يصلّي في مكّة المكرّمة ليسخر النّاس منه، فدعا عليه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حينها بالهلاك.
نزول آية من القرآن في حق أبي جهل
نزلت آية جليلة من القرآن الكريم في حقّ أبي جهل تُوبّخه هو وكل من على شاكلته ، قال الله -تعالى- مخاطباً نبيه: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ)؛ أي إنّ عدوّك يا محمّد هو المُنقطع الذّليل، وقد جاء نزول هذه الآية بعد وفاة القاسم ابن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- فظنّ الكفّار أنّ محمداً سينقطع ويُذلّ بموت ولده، فأنزل الله -تعالى- هذه الآية ردّاً عليهم، وقد قال المفسّرون أنّ المراد بقوله "شانئك" أبو جهل، وقيل المراد أبو لهب.
أبو لهب
التعريف بأبي لهب
هو عمّ النبي محمد -عليه الصّلاة والسّلام-، واسمه عبد العزّى بن عبد المطلب، وهو الأخ غير الشّقيق لوالد الرّسول -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن عبد المطلب، ولكنّ الاسم الأشهر له هو أبو لهب، الذّي أُطلق عليه نظراً لوسامته وإشراق وجهه بسبب احمرار وجنتيه.
موقف أبي لهب من النبي ودعوة الإسلام
كان أبو لهب أول من أعلن عداوته للإسلام لمّا جهر النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- بدعوته وبعثه من الله -تعالى-، ولم يكتفِ بالمعارضة الصّريحة للإسلام بل أكد عليها بالعمل والكيد العظيم؛ إذ مارس أبو لهب أبشع صور الأذى للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- ومحاولة إبعاد النّاس عنه.
ولم يدخل أبو لهب مع قومه في شِعب بني هاشم عندما حاصرتهم قريش فيها، على نقيض عمّه أبي طالب الذّي بالرغم من عدم إسلامه إلا أنَّه كان حريصاً على نُصرة ابن أخيه، وقد كان أبو لهب يُوبّخ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عند جمعه للنّاس ووعظهم ويقول له : "ألهذا جمعتنا! تباً لك سائر اليوم".
نزول سورة المسد في حق أبي لهب
ورد اسم أبي لهب في القرآن الكريم في سورة المسد ؛ وهي إحدى السور المكية ومن أوائل السّور التي نزلت، وتُسمّى أيضاً بسورة تبّت، وسورة أبي لهب، وسورة اللّهب، وقد جاء سبب نزول هذه السورة في حديث ابن عبّاس قال: (صَعِدَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّفَا ذَاتَ يَومٍ، فَقالَ: يا صَبَاحَاهْ، فَاجْتَمعتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ، قالوا: ما لَكَ؟ قالَ: أرَأَيْتُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أوْ يُمَسِّيكُمْ، أما كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، ألِهذا جَمَعْتَنَا؟ فأنْزَلَ اللَّهُ: {تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ})؛ ليُنزل الله -تعالى- فيه وفي زوجته أروى بنت حرب -أم جميل- قرآناً يُتلى إلى يوم الدّين، يتوعّدهم فيها بنار شديدة مُلتهبة تلتفّ حول أعناقهم.