ما معنى اقتباس
معنى الاقتباس لغة واصطلاحًا
يعدُّ الاقتباسُ أحد فنون البديع الذي عرفته البلاغة العربية مُنذ عهدٍ مُبكر، وكان يعرف بالذوق، ويتأتّى بالسليقة، بعيداً عن التكلُّف والصنعة، شأنه شأن المحسنات البديعية اللفظية: ك الجناس ، والتورية، والطباق ، وهو أكثر فنون البديع أثرًا وجذبًا وتأثيرًا. الاقتباس اصطلاحًا: هو نقل نصوص مأخوذة من أعمال مُؤلفين أو باحثين آخرين إلى نصوص أخرى، بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، أو جزئية، أو بإعادة الصياغة؛ لأهدافٍ مُتنوعةٍ، مثل: تأكيد فكرة مُعيَّنة، أو توجيه نقد، أو إجراء مُقارنة، وهذا هو المقصود بالاقتباس بمعناه العام. وهو كذلك تضمين الكلام نثرًا أو نظمًا شيئًا من القرآن أو الحديث النبوي الشريف.
خصائص الاقتباس
للاقتباس خصائص عدّة، منها:
خصائص دلالية
تُمثّل الخصائص الدلالية إضاءة لصور الاقتباس وعُمقها، وتتجلّى في بعض الأمور التي تندرج تحت جناح المستوى الدلالي ومنها:
- تغيير المُفردة تبعًا لمُقتضى السياق.
- التنوُّع الدلالي بتغيُّر مواقع الاقتباس.
- التنوُّع الدلالي بتنوُّع الأساليب وتغيُّر الأشكال.
خصائص فنية
الخصائص الفنية من وسائل التعبير عن خلجات نفس الإنسان وأحاسيسه، وهي سمات كثيرًا ما اتصفت بها النصوص الدينية، إذ هناك علاقة بين الغرض الفني والغرض الديني، فيتأثر بها القارئ و يستجيب، وللخصائص الفنية مُستويان هما:
- المستوى الموسيقي.
- المستولى البلاغي.
أنواع الاقتباس
الاقتباس كغيره من المحسنات البديعية اللفظية ينقسم إلى نوعين:
الاقتباس النَّصي (المباشر)
يتمثل الاقتباس النصي بما يُؤْثره الشاعر من آيات الذكر الحكيم، أو الحديث الشريف و يُدرجه في شعره دون التصرّف بالألفاظ مع استخدام علامتَي الاقتباس والإشارة إلى صاحب النص، أما عند الاقتباس من القرآن الكريم فلا ضرورة للتنبيه عليه؛ لأنّ القرآن أبْيَن من أن يحتاج إلى بيان، ويُوظف الشاعر الاقتباس في شعره؛ خدمةً للغرض الذي يرمي إليه النص.
الاقتباس غير المباشر
وهو أن يقتبس الشاعر المعنى القرآني الذي يريده لحاجته؛ أي يفهم المعنى المراد من آي الذكر الحكيم، ثم يُوظّفه في نصه الشعري، وفي حالة الاقتباس غير المباشر من نص فلا توضع علامتي الاقتباس؛ وإنما نكتفي بقول: " قال فلان، أو ذكر فلان" قبل الفقرة المُقتبسة، ومن إيجابيات هذا النوع من الاقتباس القُدرة على استمرارية القراءة، أو أن يكون الاقتباس في نهاية الفقرة المُقتبسة.
أمّا في حالة البحوث العلمية، فمن الإيجابيات الفهم الكامل للأفكار والمراجع والمصادر، ثمّ إعادة صياغتها بأسلوب الباحث، ويستخدم الكاتب هذا النوع من الاقتباس؛ لئلا يفقد القارئ سلاسة القراءة للنص العلمي.
أمثلة على الاقتباس
يأتي طرح عدد من الأمثلة على الاقتباس في الشعر العربي ، منها:
- قال الشاعر بهاء الدين الصيادي:
خالِقِ الناس بخلُق حسن
واسبل الأستار فوق المظهر
وفيه اقتباس من قول رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ في الحديث النبوي الشريف: "اتق الله حيثما كنت، و خالق الناس بخلق حسن، وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة تمحها".
- قال الشاعر ابن سناء الملك :
رحلوا لست مسائلًا عن دارهم
أنا باخع نفسي عن آثارهم
وفيه اقتباس من قوله تعالى: { فلعلّك باخعٌ نفسكَ على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحَديثِ أسفًا}
- قال الشاعر الأحوص الأنصاري:
إِذا رُمتُ عَنها سَلوَةً قالَ شافِعٌ
مِنَ الحُبِّ ميعادُ السُلوِّ المَقابِرُ
سَتَبقى لَها في مُضمَر القَلبِ والحَشا
سَريرَةُ ودٍّ يَومَ تُبلى السَرائِرُ
وفيه اقتباس من قوله تعالى:{ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}
- قال الشاعر العباسي الصاحب بن عباد:
أقول و قد رأيت له سحابًا
من الهجان مقبلةٌ إلينا
وقد سحّت غواديها بهطلٍ
حوالينا الصدود ولا علينا
وفيه اقتباس من دعاء رسول الله _صلى الله عليه و سلم_ عند هطول المطر غزيرًا: " اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظِّراب".