ما حكم تقسيم الاضحية
حكم عدم تقسيم الأضحية
ذهب جمهور الفقهاء من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى استحباب الأكل من الأضحية، أمَّا بالنسبة للاحتفاظ بلحمها وقصرها فقط على أهل المضحي، فهذا مما تعددت آراء الفقهاء فيه، كما يأتي:
توزيع شيء من الأضحية
ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى عدم جواز الاحتفاظ بلحم الأضحية لأهل بيت المضحي فقط، بل لا بد من توزيع شيءٍ منها، وإن كان يسيرًا،واستدلّوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، والقانع؛ هو الفقير الذي لا يسأل تقنعًا وتعففًا، والمعتر؛ هو الذي يعتريك أو يتعرض لك بالسؤال لتطعمه ولا يسأل، وبقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأضاحي: (كُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا)،
تقسيم الأضحية ثلاثة أثلاث
الحنفيّة والمالكيّة كرهوا الاحتفاظ بالأضحية لأهل بيت المضحي كاملة، والأفضل أن يأكل منها، ويهدي، ويتصدق، واستحب كثير من الفقهاء أن يتم تقسيم الأضحية إلى ثلاثة: ثلث له ولأهل بيته، وثلث يهديه للأقارب والأصدقاء، وثلث يتصدق به للفقراء والمساكين.
هل يتأثر حكم تقسيم الأضحية بوزنها أو نوعها؟
لا يتأثر الحكم الشرعي لتقسيم الأضحية بتغير وزنها أو نوعها إذا حققت الشروط الشرعية المعتبرة في الأضحية ، كالسن المقرر، والسلامة من العيوب المذكورة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى).
فإذا توفرت السن المعتبرة، وخلت الأضحية من العيوب، جاز أن يُضحَّى بها، ويستحب اختيار الأضحية السمينة الحسنة، وذلك حتى يتمكن من إطعام وإهداء قدر أكبر من لحمها، قال علي -رضي الله عنه-: "إذا اشتريت أضحية، فاستسمن، فإن أكلت، أكلت طيبًا، وإن أطعمت، أطعمت طيبًا، واشتر ثنيًا فصاعدًا".
حكم إعطاء الأضحية لشخص واحد
لا حرج في إعطاء الأضحية لشخصٍ واحد إن كان فقيرًا محتاجًا، وإن كان الأفضل أن يأكل منها ويطعم أهل بيته، ويهدي أقاربه وأصدقاءه، ويتصدق على الفقراء والمساكين؛ وذلك حتى يَعُمَّ الخير والنفع، خاصة إن كان هناك مجموعة من الفقراء.
والأكل والإهداء والتصدُّق من هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأضاحي، فقال: (كُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا)، واستحبّ كثير من الفقهاء تقسيم الأضحية إلى ثلاثة: ثلث له ولأهل بيته، وثلث يهديه للأقارب والأصدقاء، وثلث يتصدق به للفقراء والمساكين.
حكم التخلص من أجزاء الأضحية دون الانتفاع بها
يعتبر التخلّص من أجزاء الأضحية التي يُنتفع بها، كالجلد، والصوف، وغيرها، دون الانتفاع أو التصدّق بها من إضاعة المال وإهداره، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: (إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قيلَ وَقالَ، وإضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ).
كما يحرم التخلص من لحومها؛ وذلك لأنه إساءة للنعمة، وقد نهى الله -تعالى- عن الإسراف في الأكل والشرب، فقال -تعالى-: (وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ)،فإذا كان هذا النهي في الإسراف، فمن باب أولى أن يكون في الإهدار والإتلاف دون تحقيق منفعة.
وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على نعم الله -تعالى-، ولنا فيه أسوة حسنة، فعن أنس رضي الله عنه قال: مَرَّ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بتمرةٍ مَسْقُوطَةٍ، فقالَ: (لَوْلا أنْ تَكُونَ مِن صَدَقَةٍ لَأَكَلْتُها)، وعن أنس -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أكل طعامًا لَعِقَ أصابعه الثلاث، وقال: (إذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ)، لذلك ينبغي على المسلم أن يحافظ على النعمة وأن يشكر الله -تعالى- عليها، وأن يتصدق بها لمن ينتفع بها إن لم يكن بحاجتها.
كيفية تقسيم الأضحية المشترك بها
لا يجوز أن يتشارك اثنان أو أكثر في الأضحية الواحدة إن كانت من الشِّياه؛ وذلك لأن الشاة الواحدة لا تجزئ إلا عن واحد وأهل بيته، ويمكن أن يساهم من أراد الأجر بشيء من ثمن الأضحية على سبيل الهبة، وليس على سبيل الأضحية، وله الأجر والثواب عند الله.
أمَّا إن كانت الأضحية من الإبل أو البقر فإنه يجوز أن يتشارك فيها سبعة، وتجزئ عنهم؛ لما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- مُهِلِّينَ بالحَجِّ: فأمَرَنَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أَنْ نَشْتَرِكَ في الإبِلِ وَالْبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا في بَدَنَةٍ).
أمَّا بالنسبة لتقسيمها، فإنها تُقسَّم على سبعة، بحيث يأخذ كل شخص سبع الذبيحة، ويتصرف كل واحدٍ بنصيبه من اللحم، فيأكل، ويطعم، ويتصدق، وقد استحبّ جماعة من الفقهاء تقسيم وتوزيع الأضحية شرعاً إلى ثلاثة: ثلث له ولأهل بيته، وثلث يهديه للأقارب والأصدقاء، وثلث يتصدق به للفقراء والمساكين.
حكم التصرف بالأضحية دون وجود المضحي
لا يجوز التصرُّف بأضحية الغير بذبحٍ أو تقسيمٍ أو نحوه دون إذنٍ من صاحبها إن لم يكن موجودًا، وذلك لأن الأصل منع تصرف الإنسان في ملك غيره إلا بإذنه، سواءَ كان هذا التصرف مضرًا أو غير مضر.
أمَّا إن وكَّل صاحبُها أحدًا بذبحها أو تقسيمها في حال عدم وجوده، جاز ذلك، لكن الأفضل في حق المسلم أن يبادر في اختيار أضحيته بنفسه، وذبحها وتقسيمها بيده، وهذه هي السنة.
ومما يدلّ على ذلك ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (ضَحَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا)، فإن لم يُحسن ذلك، أو لم يكن موجودًا، وكَّل بها غيره، ودليل ذلك أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع نحر بيده ثلاثًا وستين بدنة بنفسه وذبح أُضحيته بنفسه.